الأربعاء 31 ديسمبر 2025 الموافق 11 رجب 1447
رئيس التحرير
حازم عادل
سياسة

عاجل| كيف أطاح الشارع بأحزاب المعارضة في انتخابات النواب 2025؟

الأربعاء 31/ديسمبر/2025 - 01:46 م
انتخابات مجلس النواب
انتخابات مجلس النواب 2025

مع اقتراب العملية الانتخابية من مراحلها الحاسمة، أظهرت انتخابات مجلس النواب 2025 تحولات سياسية لافتة داخل الخريطة الحزبية، لم تقتصر على تقدم عدد من المرشحين المستقلين أو تراجع قوى حزبية تقليدية، بل أعادت إلى الواجهة تساؤلًا محوريًا حول مدى ارتباط الأحزاب السياسية بالمواطنين وقدرتها على التواجد الفعلي في الشارع، بعيدًا عن الحضور الموسمي المرتبط بمواعيد الانتخابات فقط.

وجاءت العملية الانتخابية، التي جرت في مناخ تنافسي متفاوت بين الدوائر، لتؤكد أن صناديق الاقتراع لم تعاقب البرامج السياسية بقدر ما عاقبت الغياب المزمن عن قضايا المواطنين اليومية، وهو ما انعكس بوضوح على نتائج عدد من أحزاب المعارضة خلال مختلف مراحل التصويت.

 

 تراجع الحضور الشعبي

وأظهرت أرقام المرحلة الثانية من الانتخابات حجم التراجع الذي تعانيه بعض الأحزاب المعارضة أو المحسوبة عليها، حيث خاضت ثمانية أحزاب المنافسة على 69 مقعدًا، لكنها تكبدت 58 خسارة، مقابل فوز مقعد واحد فقط، فيما اتجهت 10 مقاعد إلى جولات الإعادة.

هذه النتائج بدت، بالنسبة للمتابعين، انعكاسًا طبيعيًا لضعف الحضور الميداني، وغياب التواصل المباشر مع المواطنين في عدد كبير من الدوائر، مقابل تصاعد دور المرشحين القادرين على بناء علاقات مباشرة ومستقرة مع الناخبين.

 

الوفد يحصل على مقعد من بين 15 مرشح

وسجّل حزب الوفد النصيب الأكبر من الخسائر، بعدما أخفق 15 مرشحًا من أصل 17 في حسم المنافسة، فيما بقي مرشحان فقط في جولة الإعادة، لينتهي المشهد بفوز مرشح واحد فقط، وهو ما أعاد تسليط الضوء على أزمة الحزب التاريخي في إعادة بناء قواعده الشعبية داخل الشارع.

وامتد المشهد ذاته إلى حزبي الدستور والمصري الديمقراطي الاجتماعي، اللذين خسرا جميع الدوائر التي خاضا المنافسة فيها، بواقع 22 مرشحًا دون تحقيق أي فوز، في دلالة واضحة على أن نشاطهما السياسي ظل محصورًا في الأطر النخبوية والبيانات، بعيدًا عن التفاعل اليومي مع قضايا المواطنين واحتياجاتهم.

 

حضور موسمي وغياب دائم

ويرى مراقبون أن أحد الأسباب الجوهرية لهذه الخسائر يتمثل في غياب الأحزاب عن الشارع خارج المواسم الانتخابية، والاكتفاء بحضور مؤقت يبدأ مع فتح باب الترشح وينتهي مع إغلاق صناديق الاقتراع.

كما فشلت بعض الأحزاب في تقديم كوادر محلية قادرة على التعامل مع مشكلات الدوائر بشكل عملي، واعتمدت بدلًا من ذلك على خطاب سياسي عام لا يلامس القضايا الخدمية والاقتصادية التي تمثل أولوية للناخبين.

 

الانتخابات تعيد رسم مفهوم العمل الحزبي

وتؤكد نتائج انتخابات مجلس النواب 2025 أن العمل الحزبي لم يعد يُقاس بعدد التصريحات أو المواقف السياسية، بل بمدى الوجود الحقيقي داخل الشارع، والقدرة على بناء جسور ثقة مستمرة مع المواطنين.

وتكشف التجربة أن الأحزاب التي لم تستثمر في التواصل الشعبي، ولم تحوّل مقارها إلى منصات حقيقية للخدمة والحوار المجتمعي، دفعت ثمن ذلك داخل صناديق الاقتراع، في الوقت الذي نجح فيه عدد من المرشحين المستقلين في اختراق دوائر تقليدية اعتمادًا على القرب من المواطن، لا على الانتماء الحزبي.

 

رسالة الناخبين قبل تشكيل البرلمان الجديد

حملت نتائج الانتخابات رسالة واضحة مفادها أن المواطن بات الحكم الحقيقي على أداء الأحزاب، وأن المرحلة المقبلة تتطلب مراجعة شاملة لأدوات وآليات العمل السياسي، إذا ما أرادت القوى الحزبية استعادة دورها داخل البرلمان القادم.

فالبرلمان الجديد لن يُبنى فقط على التحالفات والتفاهمات السياسية، بل على قدرة الأحزاب على استعادة ثقة الشارع، وتحويل السياسة من شعارات نظرية إلى حضور فعلي ومؤثر في حياة المواطنين.