الإثنين 29 ديسمبر 2025 الموافق 09 رجب 1447
رئيس التحرير
حازم عادل
مقالات الرأى

هل نحتاج إلى دستور جديد؟ قراءة هادئة في ضوء المتغيرات

الإثنين 29/ديسمبر/2025 - 04:08 م

الدستور بيتغير مع الزمن.. بعد مناقشة عدد من القضايا المرتبطة بالمسار الانتخابي، مثل القواعد المنظمة، ودور الأحزاب، والإعلام، والمشاركة السياسية، يطرح نفسه سؤال مهم في النقاش العام: هل يكفي تعديل القوانين فقط، أم أن المرحلة قد تحتاج إلى إطار دستوري جديد أو مختلف؟ فالدستور ليس نصًا جامدًا لا يتغير، بل وثيقة حية تتطور مع تطور المجتمع، وقد شهدت مصر عبر تاريخها أكثر من دستور، وكل مرحلة كان لها ظروفها ومتطلباتها.

 

ليه السؤال بقى مطروح دلوقتي؟

النقاش حول الدستور لا يرتبط بالانتخابات وحدها، بل يمتد إلى شكل النظام السياسي، والعلاقة بين السلطات، وكيفية تحقيق استقرار طويل المدى، خاصة في ظل التحديات الحالية. ومع هذه المتغيرات، يصبح من الطبيعي التساؤل حول مدى ملاءمة الإطار الدستوري القائم للمرحلة المقبلة، وهل ما زال قادرًا على استيعاب ما يطرحه الواقع من متطلبات جديدة.

 

القوانين لوحدها مش دايمًا كفاية

خلال الفترة الأخيرة، ظهرت مطالب من مواطنين وقوى سياسية بإعادة النظر في بعض القواعد والإجراءات الانتخابية، ليس اعتراضًا على مبدأ الانتخابات، ولكن رغبة في تمثيل أوسع وعدالة أكبر داخل المؤسسات المنتخبة، وهنا يظهر أن القوانين وحدها أحيانًا لا تكون كافية لمعالجة بعض القضايا المرتبطة بجوهر النظام السياسي.

 

نظام القوائم والتمثيل الأوسع

من أبرز هذه القضايا النقاش حول نظام القوائم الانتخابية، حيث يرى البعض أن نظام القائمة المطلقة، رغم ما يحققه من استقرار، قد لا يعكس دائمًا كل ألوان المجتمع، وهو ما دفع إلى طرح فكرة القائمة النسبية كبديل يحقق تنوعًا أوسع في التمثيل داخل المجالس المنتخبة.

 

إمتى التغيير يبقى دستوري؟

هذا النقاش لا يتعلق بقانون انتخابي فقط، لأن بعض النظم الانتخابية ترتبط بفلسفة ونصوص دستورية، وهو ما يجعل تعديلها أو تغييرها غير ممكن بتشريع عادي. ومن هنا، فإن أي تطوير حقيقي لبعض القواعد الانتخابية قد يتطلب تعديل دستوري واضحًا، يضع إطارًا أكثر مرونة وقدرة على الاستجابة لتغيرات الواقع.

 

صوت الناس هو الأساس

وفي هذا السياق، لا يقتصر النقاش المجتمعي على القواعد الانتخابية فقط، بل يمتد إلى بعض القضايا الدستورية الأوسع، حيث يظهر في أحاديث الشارع ودوائر النقاش العام ميل لدى قطاعات شعبية واسعة لإعادة النظر في مدد بعض المواقع الدستورية ذات الطبيعة التنفيذية، من منطلق الرغبة في الاستقرار واستمرارية السياسات العامة، خاصة بعد انتهاء المدد المحددة وفقًا للدستور الحالي. وهنا يظل الاحتكام إلى الإرادة الشعبية هو الأساس والفيصل في أي نقاش من هذا النوع.

 

الاستقرار محتاج استمرارية

الاستقرار السياسي لا يتحقق فقط بإجراءات مؤقتة، بل يحتاج إلى قواعد واضحة، ورؤية ممتدة، وقدرة على استكمال السياسات العامة دون ارتباك أو انقطاع، وهو ما يجعل النقاش الدستوري جزءًا طبيعيًا من البحث عن هذا الاستقرار.

 

نغير الدستور ولا نطوره؟

قد لا يكون السؤال الحقيقي هو هل نحتاج دستورًا جديدًا أم لا، بقدر ما هو: هل نحتاج إطارًا دستوريًا أكثر توافقًا مع المرحلة الحالية والمستقبلية؟ سواء تم ذلك عبر دستور جديد أو عبر تعديل دستوري شامل، فالأهم أن تكون النتيجة واضحة، ومستقرة، وتحظى بتوافق وطني واسع.

 

الحوار أهم من الصدام

أي نقاش جاد حول الدستور لا يمكن أن يتم بقرارات منفردة أو في دوائر مغلقة، بل يحتاج إلى حوار وطني هادئ تشارك فيه الأحزاب، والخبراء، والمجتمع، لأن الدستور في النهاية ليس مجرد نص قانوني، بل عقد اجتماعي بين الدولة والمواطن.

 

نظرة للمستقبل

الخلاصة أن المرحلة الحالية، بما تشهده من تحديات ومتغيرات، قد تحتاج إلى إطار دستوري أكثر مرونة واستقرارًا، يسمح بتطوير القواعد الانتخابية، ويستجيب للنقاشات المجتمعية، ويحقق تمثيلًا أفضل، ويحافظ على استقرار الدولة. وفتح هذا النقاش بهدوء ومسؤولية ليس خطرًا، بل تعبير عن وعي سياسي وحرص على المستقبل، وهو امتداد طبيعي لمسار الحوار الوطني الانتخابي الهادف إلى بناء دولة قوية ومستقرة.

 

المهندس مدحت بركات
رئيس حزب أبناء مصر

مدحت بركات رئيس حزب أبناء مصر يكتب