بين الكاميرا والعقوبة.. كيف يواجه القانون المصري انتهاك الخصوصية بالتصوير؟
في ظل الانتشار الكبير لاستخدام الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبح التصوير سلوكًا يوميًا شائعًا، إلا أن هذا التطور التكنولوجي صاحبه تصاعد ملحوظ في الانتهاكات المرتبطة بالخصوصية، ما استدعى تدخل المشرع المصري بوضع نصوص قانونية واضحة وصارمة لمواجهة تصوير الأشخاص دون علمهم أو موافقتهم.
كاميرا في اليد.. ومسؤولية أمام القانون
يُعد تصوير الأفراد دون إذن اعتداءً صريحًا على حرمة الحياة الخاصة التي كفلها الدستور والقوانين المصرية.
ولم يكتفِ القانون بتجريم نشر الصور أو المقاطع المصورة، بل شمل نطاق التجريم ليشمل فعل التصوير ذاته متى تم دون إذن صريح من الشخص المعني، خاصة إذا وقع في مكان خاص أو في ظروف تمس الكرامة الإنسانية أو السمعة.
وفي هذا الإطار، نصّت المادة (178) من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 على أنه:
«لا يجوز لمن التقط صورة لشخص آخر، بأي وسيلة كانت، سواء كانت صورة فوتوغرافية أو متحركة، نشرها أو توزيعها أو عرضها أو تداول أي نسخة منها دون إذن من التُقطت له الصورة».
من الهاتف إلى قاعة المحكمة
كما نص قانون العقوبات في المادة (309 مكرر) على أن:
«كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة بالتقاط أو نقل صورة أو تسجيل دون إذن يُعاقب بالحبس».
وأضافت المادة (309 مكرر أ) تشديدًا للعقوبة، حيث قررت أن:
«من نشر أو تداول تلك الصور أو المقاطع دون موافقة أصحابها يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه».
ولمواكبة التطور الرقمي، جاء قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 ليعزز الحماية القانونية، إذ نصّت المادة (25) منه على أن:
«كل من انتهك حرمة الحياة الخاصة عن طريق الإنترنت أو نشر صورًا أو مقاطع فيديو دون رضا صاحبها يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه».
كما أن رضا المجني عليه شرط أساسي لا يُفترض ولا يُستنتج ضمنيًا، بل يجب أن يكون واضحًا وصريحًا. وتزداد جسامة الجريمة إذا كان التصوير متعلقًا بالأطفال أو النساء، أو تم في أماكن يُفترض فيها أقصى درجات الخصوصية، مثل المنازل أو المستشفيات.
وتأتي هذه التشريعات في إطار حرص الدولة على حماية الحقوق الرقمية للمواطنين وضبط استخدام التكنولوجيا الحديثة، التي تمثل سلاحًا ذا حدين؛ فهي وسيلة لتوثيق الأحداث، لكنها قد تتحول عند إساءة استخدامها إلى أداة لانتهاك الخصوصية والتشهير وتشويه السمعة.




