الإثنين 08 ديسمبر 2025 الموافق 17 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

متخصصة في قضايا الأسرة لـ"مصر تايمز": أطفال يعانون من العقد النفسية وآباء يواجهون منع السفر ونفقات غيابية بسبب ثغرات قانونية

الأحد 07/ديسمبر/2025 - 11:13 م
مأساة الاطفال في
مأساة الاطفال في حالة الطلاق

بهدف وضع حد لمأساة الأطفال بعد الطلاق، اقترح الدكتور أسامة قابيل، عالم الأزهر، مادة قانونية جديدة تلزم القضاة بعدم إصدار حكم الطلاق النهائي إلا بعد أن يتم الزوجان اتفاقاً شاملاً يغطي كافة جوانب حياة الأبناء، من تعليم ورعاية ونفقة وحضانة.

 

ويواجه هذا الطرح حالة من الجدل حول إمكانية تطبيقه وإلزاميته، تمهيداً لعرضه على مجلس النواب لتحويله إلى نص قانوني يحمي مستقبل آلاف الأطفال.

 

وتعليقًا على ذلك، دعت الدكتورة صابرين أحمد مصطفى، المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، المشرع المصري إلى ضرورة التدخل لتعديل الجزئية المتعلقة بـ "حق الرؤية" في قانون الأحوال الشخصية، مشيرة إلى أن الوضع الحالي يتسبب في معاناة كبيرة للأطفال والآباء غير الحاضنين على حد سواء.

الدكتورة صابرين أحمد مصطفى

وأكدت الدكتورة صابرين، في تصريح خاص لـ"مصر تايمز" أن الهدف الأساسي من أي تعديل يجب أن يكون "الحرص على حياة الأطفال من التشرد"، نظراً للمشكلات التي تلي إيقاع الطلاق مباشرة.

 

"الرؤية" لا تُنفذ والقانون قاصر

انتقدت الدكتورة صابرين الطريقة التي يتم بها تنفيذ أحكام الرؤية حالياً، موضحة أن بعض الأزواج، بدافع الشحنة السلبية بعد الطلاق، يمنعون الطرف الآخر من رؤية أطفاله إلا من خلال دعاوى قضائية لا يتم تنفيذها "بحذافير القانون" في أغلب الأندية والمراكز المخصصة لذلك.

 

ووصفت المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، المشهد المؤلم داخل بعض النوادي، حيث تجبر الزوجة على الجلوس مع الطفل على طاولة، بينما يقعد الزوج على طاولة أخرى دون التمكن من التحدث مع صغيره بشكل طبيعي، واصفة وضعه بـ "لا حول ولا قوة إلا بالله".

 

الحل: عقد اتفاق ملزم بدلاً من "الرؤية"

قدمت الدكتورة صابرين رؤيتها لحل هذه الأزمة، مطالبة بسن "نص صريح" يلزم الطرفين بالاتفاق على تنظيم حياة الصغير قبل الطلاق.

 

واقترحت استبدال نظام "الرؤية" بآلية "الاستضافة"، يتم فيها إبرام "عقد اتفاق" يحدد بنوداً واضحة لتنظيم حياة الطفل بين الأب والأم. وبموجب هذا العقد، يمكن للأب استضافة أبنائه لديه يومين أو ثلاثة أيام في الشهر، مع مراعاة ظروف كل أسرة ومستواها الاجتماعي وطبيعة عمل الأب وسن الأطفال ومراحلهم التعليمية.

 

تجربة عملية ناجحة منذ 15 عاماً

وأشارت صابرين إلى أنها تطبق هذا النهج بالفعل بصفة ودية منذ أكثر من 15 إلى 20 عاماً، حتى قبل تعديلات قانون 2008 في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك.

 

وشددت المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة على أن هذه العقود لا تقتصر فقط على تنظيم أوقات الصغير، بل تشمل أيضاً كافة النفقات ومصاريف العلاج والمدارس والجامعات، مؤكدة على ضرورة أن يضع الآباء مصلحة الصغير أولاً قبل اتخاذ قرار الطلاق.

 

كشفت الدكتورة صابرين عن سلبيات خطيرة ومؤلمة يفرزها قانون الأحوال الشخصية الحالي في مصر، مؤكدة أن "التعنت" بين الأزواج يصل إلى حد حرمان آباء من رؤية أبنائهم لعقد ونصف من الزمان، رغم التزامهم بسداد النفقات.

 

وأشارت الدكتورة صابرين، التي تدير قسماً خاصاً بقضايا الأسرة في مكتبها، إلى أن المشكلة تكمن في استغلال بعض الأطراف لثغرات القانون، مما يؤدي إلى نتائج كارثية على الأبناء والآباء.

 

15 عاماً من الحرمان و"النفقات الغيابية"

روت الدكتورة قصصاً مأساوية تمر عليها في مكتبها، قائلة: "أحياناً يأتيني الزوج ويشكو من تعنت طليقته ورفضها تمكينه من رؤية أولاده. لدي حالة لرجل مهندس ومحترم لم ير ابنته منذ 15 عاماً".

 

الأزمة لا تتوقف عند الحرمان العاطفي، فالأب ملزم بسداد نفقات باهظة دون علمه أحياناً. وأوضحت المحامية: "يُفاجأ الأب بصدور أحكام نفقة غيابية بأعلى قدر، تتراكم عليه متجمدات لسنوات، وعندما يهم بالسفر يكتشف وجود منع من السفر دون معرفته المسبقة بالدعوى من الأساس".

 

مطالبة بربط الرقم القومي لمنع التحايل

طالبت الدكتورة صابرين المشرع بضرورة "ربط الرقم القومي للمدعى عليه بالمنظومة القضائية كاملة"، لضمان إبلاغه أوتوماتيكياً بأي دعوى قضائية مرفوعة ضده. وأكدت أن هذا الإجراء سيوقف استغلال "سيئ النية" للثغرات القانونية التي تسمح بصدور أحكام غيابية جزافية.

 

الحل: عقوبة جنائية رادعة لمن يخالف الاتفاق

للحد من الآثار النفسية المدمرة على الأطفال، والتي وصفتها بـ "العقدة والكبت" نتيجة منعهم من رؤية آبائهم، جددت الدكتورة صابرين دعوتها لتطبيق نظام "عقد الاتفاق" بديلاً عن "الرؤية" التقليدية.

 

واقترحت ربط هذا الاتفاق بعقوبة جنائية ملزمة ورادعة، قائلة: "من ضمن العقاب أساء الأدب. يجب ربط عدم الالتزام بالاتفاق بعقوبة جنائية حتى يكون هناك رادع عام وخاص يجبر الطرفين على التنفيذ"، مشددة على أن الهدف الأسمى هو الحفاظ على طفل سوي نفسياً.

 

واختتمت الدكتورة صابرين دعوتها بتأكيد الحاجة الماسة لنص قانوني يلزم الآباء والأمهات بالنظر إلى مصلحة أبنائهم كأولوية قصوى.