الجمعة 17 مايو 2024 الموافق 09 ذو القعدة 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
أخبار

وزير الأوقاف: ديننا قائمٌ على التراحم والتكاتف

الإثنين 25/أبريل/2022 - 07:44 م
وزير الأوقاف
وزير الأوقاف

تحدث الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف في الحلقة الرابعة والعشرين من برنامج "رؤية" عن "حقوق المسنين والضعفاء"، مؤكدًا أن ديننا العظيم قائمٌ على التراحم والتكاتف، وأن يأخذ غنينا بيد فقيرنا، وقوينا بيد ضعيفنا، وعالمنا بيد جاهلنا، وأن نكون متكاتفين متراحمين، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم، وتَرَاحُمِهِم، وتعاطُفِهِمْ مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى"، و"من لا يَرحم لا يُرحم"، و"الراحمون يرحمهم الرحمن".

ويأتي ذلك في إطار نشر الفكر الوسطي المستنير، وإعادة قراءة النص في ضوء متطلبات وقضايا عصرنا الحاضر، وإسهامًا في بناء الوعي الرشيد.

وأشار إلى أن : هذه الأيام الطيبة المباركة يجب أن نأخذ جميعًا بأيدي ضعفائنا، وأن نفي بمسنينا وكبارنا ووالدينا وأصحاب الحقوق علينا، فقد كرم الله (عز وجل) الإنسان فقال (سبحانه وتعالى): "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً"، وأمرنا سبحانه أن نكرم الكبير والمسن وأن نكون إلى جانب الضعيف والمحتاج، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم؟" والحديث في أعلى درجات الصحة في صحيح الإمام البخاري، هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم؟ ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللَّهِ تَعَالَى: إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبةِ المُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرآنِ غَيْرِ الْغَالي فِيهِ والجَافي عَنْهُ، وإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ المُقْسِطِ" , ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ"، وفي الحديث الشريف: "جاءَ شيخٌ يريدُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فأبطأ القومُ أن يوسِّعوا لَه فقالَ: ليسَ منَّا من لم يرحَمْ صغيرَنا ولم يوقِّرْ كبيرَنا"، وفي رواية: ويعرف شرف كبيرنا، بل إنه دعا الأئمة إلى التخفيف على الناس مراعاة للكبير، قال نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إذا صلَّى أحَدُكم بالناسِ فليُخفِّفْ؛ فإنَّ فيهمُ الضَّعيفَ والسَّقيمَ والكَبيرَ، وإذا صلَّى لِنَفْسِه فليُطوِّلْ ما شاءَ"، وقال نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إذا صلَّى أحَدُكم لِلناسِ فليُخفِّفْ ؛ فإنَّ فيهمُ الضَّعيفَ والشيخ الكبير"، فإكرامًا له طلب النبي (صلى الله عليه وسلم) ممن يؤم بالناس أن يخفف صلاته، ويوم فتح مكة أتاهُ أبو بكرٍ بأبيه يَعودُهُ، فلمَّا رآهُ رسولُ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ) قال:" هلَّا ترَكْتَ الشَّيخَ في بيتِه ؛ حتَّى أكونَ أنا آتِيَهُ فيه؟، قال أبو بكرٍ: يا رسولَ اللهِ، هو أحقُّ أنْ يمشيَ إليكَ مِن أنْ تمشيَ أنتَ إليه، قال: فأجلَسَهُ بينَ يدَيْهِ، ثمَّ مسَحَ صدرَهُ، ثمَّ قال له: أَسْلِمْ؛ فأسلَمَ"، ولما رأى سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) رجلًا مسنًا من أهل الكتاب يتكفف الناس، أخذ بيده، وذهب به إلى منزله وأحسن إليه، وأعطاه ما يسد حاجته، وفرض له نصيبًا في بيت المال، ثم قال والله ما أنصفناه إن أكلنا شبيبته وتركنا شيبته، وجعل له ولأمثاله في بيت مال المسلمين سهمًا. 

كما أكد أن احترام الكبير وحسن معاملته يبرز ويبين جمال الإسلام وما فيه من أعلى درجات الإنسانية والسماحة، وكان سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يخرج في سواد الليل فرأه طلحة (رضي الله عنه)، فذهب عمر فدخل بيتًا، ثم دخل بيتًا آخر، فلما أصبح طلحة ذهب إلى ذلك البيت فإذا بعجوز عمياء مقعدة فسألها ما بال هذا الرجل؟ قالت إنه يتعهدني منذ كذا وكذا يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى، فالإسلام يدعو إلى التكافل وإلى التكامل بين أفراد المجتمع، وكان أحد الناس يضع لوالده الطعام في إناء زجاجي أو فخاري أو نحوه فانكسر الإناء، فصنع له واحدًا خشبيًا، فسأله أحد أبنائه يا أبتاه لماذا صنعت هذا الإناء الخشبي لجدي؟  فقال يا بني كسر أكثر من إناء فصنعنا له هذا الإناء الخشبي حتى لا ينكسر، فقال حسنًا يا والدي سنضع لك فيه الطعام عندما تكون مثل جدي، افعل ما شئت فكما تدين تدان، ما تفعله اليوم تجده غدًا، لا يغرنك شبابك، فلا تغرنكم الحياة الدنيا، ولا يغرنكم الشباب ولا القوة، فالشباب إلى ضعف والقوة إلى ضعف والشباب إلى شيخوخة، وما تقدمه اليوم تجده غدًا إن شاء الله، هذا مع عامة الناس فما بالك إن كان المسن أبًا أو أمًا أو عمًا أو خالًا أو أخًا، خيركم خيركم لأهله، إن كان المسن قريبًا كان الواجب أشد عليك، فإكرام الوالدين حق على الأبناء وليس تفضلا منهم، يقول (سبحانه وتعالى): "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا  وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا"، وقالوا ثلاثة تعجل لها العقوبة في الدنيا: "الغدر، وعقوق الوالدين، واليمين الكاذبة"، وقال أحد الصحابة: "سَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى وقْتِها، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ، قالَ: حدَّثَني بهِنَّ، ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزادَنِي"، وانظر إلى سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كيف قدم بر الوالدين على الجهاد في سبيل الله، فعندما جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، يَسْتَأْذِنُهُ في الجِهَادِ فَقالَ النبي (صلى الله عليه وسلم): "أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَفِيهِما فَجَاهِدْ"، وقد أتَى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رجلٌ فقال: إنِّي أذنبتُ ذنبًا عظيمًا فهل لي من توبةٍ فقال النبي (صلى اله عليه وسلم ): "هل لك أمٌّ قال لا قال فهل لك من خالةٍ قال نعم قال فبِرَّها"، إذا كان هذا هو جزاء بر الخالة فما بالكم ببر الأبوين وبخاصة الأم، أما العقوق فنعوذ بالله منه، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : "أَلا أُنَبِّئُكُمْ بأَكْبَرِ الكَبائِرِ قُلْنا: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ، وكانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فقالَ: ألا وقَوْلُ الزُّورِ، وشَهادَةُ الزُّورِ، ألا وقَوْلُ الزُّورِ، وشَهادَةُ الزُّورِ فَما زالَ يقولُها، حتَّى قُلتُ: لا يَسْكُتُ"، ويقول (سبحانه وتعالى): "وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا  وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا"، ويقول (سبحانه وتعالى ): "وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ".

وأوضح: أمرنا ديننا الحنيف بحسن صحبة الوالدين، كيف كانا، وعلى أي وضع كانا، حيث قال (سبحانه وتعالى): "وَإِن جَهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا  وَصَاحِبْهُمَا في الدُّنْيَا مَعْرُوفًا  وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَىَّ  ثُمَّ إِلَىَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ"، فالوالدان مع كفرهما أو حال كفرهما أو حال محاولتهما أن يحملاك على معصية أو حتى على الكفر فلا تطعهما في ذلك، لأن ذلك لا يخول لك أن تسيئ معاملتهما لأن الله يقول : "وَصَاحِبْهُمَا في الدُّنْيَا مَعْرُوفًا"، فديننا دين الرحمة دين الإنسانية، دين الرحمة بالضعيف، دين الرحمة بالمسكين، دين الرحمة بالضعفاء، دين الرحمة بالأيتام، هم بركة لنا ورحمة لنا في الدنيا، وسبب رحمة لنا يوم القيامة يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : "هلْ تُنْصَرُونَ وتُرْزَقُونَ إلَّا بضُعَفَائِكُمْ"،  إن أكرمك الله بولد ضعيف أو بنت ضعيفة أو أخ ضعيف أو أكرمك الله بوالدٍ مسن أو أم مسنة، فاعلم  أن هذا المسن هو سبيل بركتك ورحمتك في هذه الدنيا، وسبيل مرضاة الله يوم القيامة  أحد الناس كانت له أم مسنة فلما ماتت سمع مناديا يقول : ماتت التي كنا نكرمك لأجلها فانظر لنفسك عملا آخر نكرمك لأجله هؤلاء هم بركة حياتنا، إكرام المسنين من الإسلام، إكرام الضعفاء من الإسلام، إكرام المساكين من الإسلام، والأيام دول.