الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
مقالات الرأى

زواج رغم أنف الملك (6)

الإثنين 07/يونيو/2021 - 04:45 م

إزاء تشبث الملكة نازلي بموقفها من العودة إلى مصر ومن زواج الأميرة فتحية من رياض غالي، أصدر الملك فاروق أمرًا بحرمان أمه من لقب "الملكة" وشقيقتيه من لقب الإمارة، وطلب عقد مجلس البلاط وهو مجلس يضم عددًا من القانونيين وبعض الأمراء للنظر في القضايا والخلافات التي تقوم بين أفراد الأسرة المالكة.

طلب فاروق من المجلس الحجر على أمه والحجز على أموالها هي وشقيقتيه وتعيين ناظر الخاصة الملكية حارسـًا عليها.

وفيما يلي نص الرسالة التي عرضها الديوان الملكي على مجلس البلاط في 12 مايو عام 1950:
جمع ديوان حضرة صاحب الجلالة الملك جميع المستندات التي تقوم مقام أدلة الإثبات في القضايا العادلة، وهي عبارة عن التحريات الخاصة التي قامت بها السفارة المصرية في الولايات المتحدة، في ما يتعلق بشخصية رياض غالي (أفندي)، والكيفية التي تعرف بها على جلالة الملكة نازلي وسمو الأميرتين منذ سنة 1946، والطرق التي كان يستغل بها أموالهن، مع بيان الوسيلة التي كان يفرض بها نفسه عليهن، والتقارير التي تلقاها ديوان جلالة الملك من مختلف الجهات عن هذه المسألة، وفيها بيان شامل للمساعي التي قامت بها الحكومة المصرية والسفارة المصرية في الولايات المتحدة.

وقد تفضل جلالة الملك مبالغة من جلالته في العناية بهذه المسألة، فأعد مذكرة مستفيضة تتألف من صفحتين من الحجم الكبير وقعها باسمه الكريم، جاء في مستهلها: 
رأى المغفور له جلالة والدنا الملك فؤاد الأول وضع نظام للأسرة المالكة، فأصدر بذلك القانون رقم 25 لسنة 1922، وقد راعى بثاقب فكره في وضع هذا النظام أن الأسرة المالكة ركن من أركان الدولة لما بينها وبين الجالس على العرش من أواصر القرابة، وهي من جهة أخرى أكبر الأسر وأكرمها، والمثال الذي يُحتذى به في ضبط النفس وكمال السلوك، واعتبر بحُسن تقديره أن مسائل الأحوال الشخصية مسائل عائلية محضة، وأن كرامة الأسرة ومركزها في البلاد يقضيان بأن لا تتعرض مثل هذه المسائل الشخصية لأحاديث الناس، ولذلك فقد أراد والدنا إنشاء مجلس للبلاط وأن يصبح هذا المجلس فوق ما له من اختصاصٍ قضائي، هيئة استشارية في الأمور المهمة التي تهم الأسرة المالكة عندما يطلب إليها الرأي فيها".

وانتقلت مذكرة المقام السامي إلى أن ظروفـًا قد طرأت على جانب كبير من الأهمية والخطورة وتقتضي العرض على المجلس؛ إذ "سافرت والدتنا (نازلي) في صيف 1946 إلى الخارج للمعالجة، واصطحبت معها شقيقتينا "فائقة" و"فتحية"، ويقمن جميعا الآن في أمريكا ولطول إقامتهن بعيدًا عنا، ولصغر سن شقيقتينا ولحالة والدتنا المرضية والنفسية، فقد وقعن جميعـًا في شراك بعض من يتصلون بهن، وقد دعوتهن مرارًا للعودة بعد إتمام العلاج فلم يُذعنّ، وكان من نتيجة ذلك كله:

أولًا.. أتمت والدتنا زواج شقيقتنا "فتحية" التى لم تبلغ سن الرشد ولا تزال تحت وصايتها، بمن يدعى رياض غالي المسيحي الديانة، والذي تقول والدتنا إنه سيشهر إسلامه قبل الزواج، وقد دلت التحريات على سوء سيرته وما إن علمنا بهذا الاعتزام حتى بذلنا المساعي المشار إليها لتلافي هذا الزواج قبل وقوعه، وقد أبلغ سفيرنا في أمريكا ديواننا بتفصيلات مسعاه لدى والدتنا، فكان ردها عليه، أنه يسعدها ألا يكون صهرها من عائلة مالكة، أو ممن يقال عنه من عائلات عريقة، كما صرحت بأنها لا تهتم بما ينشأ عن هذا الزواج من نتائج، وأنها لا يمكن أن تعدل عن رأيها، وقد بعثنا إليها ببرقية أوضحنا فيها ما يساورنا من الألم، ودعوناها أن تقدر ما ينشأ عن تصميمها على ما اعتزمته من سوء العواقب، فوصلنا منها في نفس اليوم برقية تقول فيها، بأن عاطفة الأمومة لديها مُقدمة على كل اعتبار عام، وهذه المساعي كلها لم تحل دون إصرار والدتنا وشقيقتنا على تنفيذ ما اعتزمتاه، ووقعت المأساة فعلًا بإتمام الزواج المدني يوم 10 من شهر مايو الحاضر (1950)".

وقد اشتملت هذه المذكرة الملكية على بيانٍ تفصيلي بالمبالغ التي أُرسِلت إلى الملكة نازلي والأميرتين في الفترة الواقعة من صيف سنة 1946 حتى ساعة إعداد المذكرة التي يقول نصها: 
"ثانيـًا: من يوم سفر والدتنا وشقيقتينا من مصر بلغ مقدار ما صرف إليهن من النقود مبلغ 483،831 جنيهـًا صرف من ذلك مبلغ 178،667 جنيهـًا لحساب والدتنا عن طريق نظارة خاصتنا، ومبلغ 130،000 لحسابها أيضـًا، عن طريق وكيلها "إلهامي حسين باشا" 174،741 جنيهـًا لحساب شقيقتينا مناصفة بينهما، وعلمنا أن من المبالغ التي صرفت إليهن أودع مبلغ 37،750 جنيهـًا في البنك الأهلي بمصر لحساب رياض غالي أفندي، وبذلك أصبحت أموالهن عُرضة للضياع، ومن أجل ذلك كله، نود أن نقف على ما يشير به المجلس من إجراءات:

أولًا: نحو زواج شقيقتنا "فتحية" من رياض غالي أفندي.
ثانيـًا: نحو والدتنا وشقيقتنا "فتحية وأموالها".

يُذكر أن الأميرة فائقة استطاعت بعد ذلك أن تحصل على عفو أخيها، فعادت إلى مصر مع فؤاد صادق تضع نفسها ومعها زوجها تحت أمر الملك ومجلس البلاط، في حين بقيت نازلي مع فتحية صغرى بناتها في الولايات المتحدة.