السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
مقالات الرأى

زواج رغم أنف الملك (5)

الأربعاء 02/يونيو/2021 - 12:49 ص

لم يكن زواج الأميرة فتحية من رياض غالي، هو الزواج الأول من نوعه داخل الأسرة العلوية، وإن كان حاز على كثير من الاهتمام على كل المستويات بحكم مكانة الأميرة الصغيرة في هرم الأسرة المالكة، باعتبارها ابنة الملك فؤاد وشقيقة الملك فاروق، وكذلك بسبب مكانة زوجها وديانته.

لكن في الواقع فإن أول أميرة من أميرات الأسرة العلوية أقدمت على مثل ذلك الزواج "المتدني" وغير المتكافئ (من وجهة نظر القصر الملكي) كانت الأميرة "صالحة إبراهيم حلمي" ابنة عم الملك فاروق، في بداية القرن العشرين، والتي أحبّت شابـًا روسيـًا اسمه فلاديمير يوركوفتش، كان يعمل دبلوماسيـًا بالسفارة الروسية في باريس، واتفقت معه على الزواج وأن يحتفظ بديانته وانتقلت للعيش معه في سانت بطرسبرغ وحصلت على الجنسية الروسية، وقد عارضت الأسرة كلها ذلك الزواج، وقرر الخديو عباس حلمي الثاني تجريدها من لقبها الملكي وحرمانها من امتيازاتها المالية، وحذف اسمها من جداول أسماء الأسرة المالكة، وقامت أمها بالحجر عليها حتى رحيلها عام 1953.

تكرر الأمر مرة ثانية، عندما قررت النبيلة أمينة طوسون، ابنة الأمير عمر طوسون الزواج من رجل أميركي اسمه كورنيلوس غبسون بريتش، وكان يصغرها بسبع سنوات، والانتقال للعيش معه في الولايات المتحدة، وكانت قد تعرّفت عليه أثناء خدمته في الجيش الأميركي، حيث عمل ضابط اتصال مع الجيش البريطاني في القاهرة أثناء الحرب العالمية الثانية، وقد احتفظ الزوج بدينه في حين تنازلت هي عن جنسيتها المصرية بعد حرمانها من لقبها الملكي.

وللمرة الثالثة (عام 1949) هربت النبيلة نعمة الله ابنة النبيل عمرو إبراهيم إلى لبنان لتتزوج من شاب ألماني كانت قد تعرَّفت عليه وأحبته، لكن نجح والدها في استدراجها إلى القاهرة وحبسها في قصره، ما دعاها لمحاولة الانتحار يإلقاء نفسها من نافذة غرفتها.

وفي نفس العام، وللمرة الرابعة، أعلنت النبيلة فاطمة طوسون، أرملة النبيل حسن طوسون (وعشيقة الملك فاروق لفترة) نيتها الزواج من الأمير "دوم" خواو ماريا دي أورلينز اي براغانزا (15 أكتوبر 1916- 26 يونيو 2005)، وهو ينتمي إلى أسرة براغانزا التي حكمت البرتغال من 1640 إلى 1910، ثم حكمت إمبراطورية البرازيل من 1822 إلى 1889. 

جاء الأمير البرازيلي إلى مصر لافتتاح أول رحلة طيران بين البلدين، لتبدأ العلاقة بينه وبين فاطمة طوسون. وفي سبيل هذا الحُب ارتدت عن الإسلام واعتقنت المذهب الكاثوليكي، وهو ما أثار جنون الملك فاروق وجردها من لقبها وحذف اسمها من قائمة أسماء الأسرة المالكة.

وللمرة الخامسة في نفس العام أيضـًا تزوجت النبيلة توحيدة يكن من شاب أميركي تعرّفت عليه في القاهرة، لكن لحسن الحظ أعلن إسلامه وسمّى نفسه "عمر ريدكر" .

في لحظة تفككٍ وتشرذم، تحوّلت العائلة الملكية إلى كتيبة إعدامٍ شديدة القسوة.

فقد انهالت الطعنات على النظام الملكي من الداخل، ولم يكن المغامر رياض غالي سوى ريحٍ هبَّت على العائلة الملكية، فإذا بها تقتلع معها جذور الروابط العائلية الممزقة بين القاهرة.. وهوليوود.

ولم يجد فاروق أمامه سوى إعلان الحرب.. على الملكة الأم!