الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
مقالات الرأى

زواج رغم أنف الملك (3)

الإثنين 17/مايو/2021 - 03:15 م

اضطر الملك فاروق إلى أن يطلب من رئيس الوزراء مصطفى النحاس الاتصال هاتفيـًا بالملكة نازلي في الولايات المتحدة لمنعها من تزويج فتحية من غالي، ولكن الملكة العنيدة قالت للنحاس: "أظن أن موضوع زواج ابنتي ليس من اختصاص رئيس الوزراء، قل للملك فاروق إننا لن نعود والبنت حأجوزها لرياض لأنه بيحبها وبتحبه".. ثم أغلقت السماعة في وجه رئيس الوزراء.

طار عقل فاروق وأرسل إلى أمه يحذرها من إتمام مشروعها الخاص بزواج شقيقتيه وطلب سرعة عودتها، لكنها أصرت على موقفها، كما فشلت محاولة فاروق خطف فتحية من الولايات المتحدة، فوجه طلبـًا رسميـًا إلى الولايات المتحدة لطرد أمه وشقيقته، غير أن نازلي هددت بنشر هذه الفضائح على صفحات الصحف الأميركية. 

ورفضت نازلي كل المساعي الرامية إلى منع إتمام هذا الزواج، مثلما رفضت مساعي حسن يوسف باشا، رئيس الديوان الملكي بالإنابة، وردت طلب شقيقها الذي سعى إليها في الولايات المتحدة لإقناعها برفض هذا الزواج وعاد من هناك يجر أذيال الخيبة.

وأغلب الظن أن إجلاء نازلي عن الولايات المتحدة كان أصعب من إجلاء الإنجليز عن مصر.

كان فاروق يعرف أن "آتي" ضحية صراعٍ بينه وبين أمه ولولا ذلك الصراع ما تعلقت فتحية برياض غالي، فاستدعى فاروق وزير خارجيته أحمد خشبة وطلب منه إيجاد حلٍ سريع لعودة الأميرتين وطلب الوزير من الملك الموافقة على إلغاء تأشيرات سفرهما إلى الولايات المتحدة لتكون إقامتهما هناك غير قانونية فيتدخل لترحيلهما إلى مصر، فوافق الملك على هذا الحل، وطلب تنفيذه بأسرع ما يمكن. 

في 11 أغسطس عام 1949 نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" خبرًا مفاده أن الحكومة المصرية ألغت تأشيرة دخول الملكة والأميرتين إلى الولايات المتحدة وبناء عليه طلبت من الحكومة الأميركية عودتهن فورًا إلى مصر، وقد أحالت الحكومة الأميركية الأمر إلى إدارة الهجرة لبحث الأمر من الناحية القانونية. 

وما إن علمت نازلي بذلك حتى انخلع قلبها فطلبت على الفور صديقها السيناتور كلارنس سان روز لتستشيره فيما يجري، طالبة منه مساعدتها في منع ترحيلها هي وابنتيها من البلاد، وعلى الفور أجرى السيناتور اتصالاته لمنح الملكة والأميرتين فرصة ثلاثة أيام لتقنين أوضاعهن القانونية.. حيث تعينَ على الملكة أن تقدم التماسـًا لمحكمة الهجرة أكدت فيه أن حياتها وحياة ابنتيها في خطرٍ لو عدن جميعا إلي مصر، وطلبت منحها إقامة في الولايات المتحدة، وأرفقت بالالتماس صورة من حساباتها البنكية التي قُدِّرت بنحو عشرة ملايين دولار.. وتولى مكتب المحاماة الشهير جاكوب بنتلي القضية، التي استمرت أكثر من عشرة أيام، حُكِم لها في نهايتها بحق الإقامة المؤقتة هي وابنتيها ومستشارها الخاص رياض غالي ووقف جميع إجراءات الترحيل.

لم تهدأ الملكة، بل كشفت للصحف حقيقة الخلاف بينها وبين الملك فاروق، الذي وصفته بأنه يميل إلى السيطرة ويريد أن يحطِّم قلب شقيقته الأميرة فتحية.. وهو ما أدلت به إلى صحيفة "سان فرانسيسكو كرونيكل" في 25 نوفمبر 1949؛ حيث عبَّرت عن دهشتها من غضب الملك من رياض غالي ورفضه زواجه من شقيقته، ووصفت هذا الرفض بأنه يعكس تقاليد ملكية بالية، وأضافت: إنه ليس من حق الملك ولا الحكومة المصرية فرض وصية على ابنتيها فائقة وفتحية.