الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
أخبار

شيخ الأزهر: رد الضرر بضرر مماثل فوضى عارمة تهدم الاجتماع الإنسانى

الثلاثاء 20/أبريل/2021 - 05:58 م
شيخ الازهر
شيخ الازهر

قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن لفظ "لا ضرر ولا ضرار"، هو حديثٌ نبويٌّ من صِحاحِ الأحاديث، وهو قاعدة من القواعد الكلية التي تَشهَدُ بسماحة  الشريعة الإسلامية ويُسرها ومرونتها، موضحا أن معنى: "لا ضرر" أي: يَحرُمُ إلحاقُ الضررِ بالغير في نفسِه أو عِرضه أو ماله، وذلك لما ينطوي عليه الضرر من "الظُّلم المحرَّم" في الإسلام تحريمًا قاطعًا، حتى لو جاء الضررُ نتيجةَ فعلٍ مباحٍ قام به شخصٌ آخَر، مثل أن يقومَ شخصٌ بعملٍ مُعيَّن في داره أو في مِلكه فيترتَّبُ عليه لحوقُ ضررٍ بجاره.

وأضاف الطيب، خلال الحلقة الثامنة من برنامجه الرمضاني "الإمام الطيب"، الذي يذاع ‏للعام الخامس، أمَّا قوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "ولا ضرار"؛ فمعناه: عدمُ جواز ردِّ الضرر بضررٍ مُماثل، لما يترتَّبُ على هذا الأسلوبِ من نشوءِ فوضى عارمةٍ في قضاءِ الحقوق واستيفائها، تهدمُ "الاجتماعَ الإنساني"، وتأتي عليه من الجذور، موضحا أن حُكمُ الشريعة في هذه الأحوالِ لمَن حَصَلَ له تَلَفٌ في ماله من شخصٍ ما، فلا يجوزُ له بحالٍ أن يردَّ بإتلافِ مال هذا الشخص البادئ بالضرر، وإنما عليه أن يلجأ للقضاء لتعويضِه عمَّا لحقه من ضرر. 

وأوضح الإمام الأكبر، أن قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" تتغلغلَ في نسيجِ "التشريعِ الإسلاميِّ"، موضحا أنَّها لا تقتصِر على حدودِ التكاليفِ الشرعيةِ الفرديةِ فحسب، بل تمتدُّ لتشمل أهمَّ مقاصد الشريعة في حياةِ الناس، وهو استقرارِ المجتمعِ، وحفظِه من التعرُّضِ للهِزَّاتِ، والتضحيةِ ببعضِ التكاليفِ الشرعيَّةِ من أجلِ الحفاظِ على الوَحدةِ والنظامِ والتماسكِ الاجتماعيِّ، مؤكدا أن ذلك يتضحُ  في أصلٍ من أخطرِ أصولِ الإسلامِ؛ وهو: "وجوبُ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المنكَرِ"، وهو  الأصلُ الذي عليه مدارُ خيريَّةِ هذه الأُمَّةِ وعدالتُها وشهادتُها على الأُمَم في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110].
 
وأشار شيخ الأزهر، أن الفقهاءُ استَنْبَطَوا هذه الرخصة من تصرُّفاتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وســيرتِه طُوالَ سِــنِين بعثتِه الشــريفة، فقد عاشَ في مكَّةَ ثلاثة عشـر عامًا، عانى فيهـــا -هو وأصحابُه- ما لا يُطاق ولا يُحتمل من منكراتِ الوثنيِّين والمشركين؛ سواء في الاعتقادِ أو في القولِ أو العملِ، وقد صبَرَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم على هذه المنكراتِ، وصبَرَ على قريشٍ، ولم يحملِ السلاحَ على أهلِها، ولم يُواجِههم بأيَّةِ خُطَّةٍ من خُطَطِ الإيذاءِ أو التضييقِ أو المناوشاتِ الحربيةِ، وظَلَّ صابرًا، بل مأمورًا بالصبر من الله تعالى، حتى هاجَرَ إلى المدينةِ المنوَّرة، وأُذِنَ له في القتال، موضحا أنه لم يؤمر بحَملِ السِّلاحِ إلا بعد أنِ استفرَغَ كلَّ طاقاتِه وطاقاتِ أصحابِه في الحوارِ بالحُجَّةِ والبُرهانِ والترغيبِ.