الشيخ خالد الجندي يكشف دلالة «وأُحيط بثمره» في سورة الكهف
أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن التدبر في قوله تعالى بسورة الكهف: «فعسى ربي أن يؤتيني خيرًا من جنتك ويرسل عليها حسببانًا من السماء فتصبح صعيدًا زلقًا أو يصبح ماؤها غورًا فلن تستطيع له طلبًا» ثم قوله سبحانه «وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدًا»، يكشف عن دقة التعبير القرآني وقوة التصوير، مشيرًا إلى أن الآيات تنقل المتدبر فجأة من مشهد النعيم والجنات إلى مشهد الهلاك الكامل دون تمهيد.
وأوضح عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، خلال حلقة خاصة بعنوان "حوار الأجيال"، ببرنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة "dmc"، اليوم الأربعاء، أن استخدام واو الفجاءة في قوله تعالى «وأحيط بثمره» يدل على سرعة العقاب الإلهي ومفاجأته، إذ جاء الجزاء الإلهي مباشرة وبلا فاصل زمني، ولو أُريد مجرد التعقيب لقيل بالفاء، لكن واو الفجاءة حملت معنى الصدمة وسرعة وقوع العقوبة، مبينًا أن لفظ «أحيط» يفيد القضاء التام من كل الجهات، أي أنه لا فرصة للنجاة، فالعقاب جاء من السماء، والماء غار في الأرض، وكل ذلك كان بقدر محسوب ومقدر.
وأشار الشيخ خالد الجندي إلى دقة اختيار كلمة «ثمره» دون «زرعه»، موضحًا أن الثمر يكون في لحظة اكتمال النعمة وقرب جني المحصول، ومن ثم يكون الألم والحسرة أشد، لأن الهلاك جاء في ذروة الفرح وانتظار الحصاد، وهو أبلغ في التحسير والتصوير القرآني، حيث يُظهر حجم الخسارة النفسية قبل المادية.
وبيّن أن قوله تعالى «فأصبح يقلب كفيه» يعكس انقلاب الحال من الكبر والشرك إلى الحسرة والندم، موضحًا أن كلمة «أصبح» لا تعني مجرد الصباح، وإنما تعطي إحساسًا بتبدل الحال، وكأن الصاعقة وقعت ليلًا ثم أصبح على مصيبته صباحًا، في تصوير فني بديع يرسم مسرح الواقعة بدقة مذهلة، وينقل المشهد من تصوير خارجي ليلي إلى تصوير خارجي نهاري، بما يؤكد عظمة القرآن في اختيار الألفاظ وبناء المشاهد التي تهز القلوب وتوقظ العقول.

