الجمعة 19 ديسمبر 2025 الموافق 28 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
حازم عادل
منوعات ومرأة

هل يدفعك التوتر إلى تناول المزيد من الطعام؟ إليك الأسباب والحلول

الإثنين 17/نوفمبر/2025 - 06:42 م
تأثير التوتر المزمن
تأثير التوتر المزمن على الشهية والوزن

 

 

 

أوضحت البروفيسورة راجيتا سينها، أخصائية علم النفس السريري والمديرة المؤسسة لمركز جامعة ييل المتعدد التخصصات لدراسة التوتر في الولايات المتحدة، أن التوتر هو استجابة طبيعية من الجسم والعقل تجاه المواقف الصعبة أو المربكة التي يشعر فيها الإنسان بالعجز عن السيطرة.

فالعوامل المحيطة بنا، والقلق الداخلي، وحتى التغيرات الجسدية مثل الجوع أو العطش الشديد، يمكن أن تُحفّز جزءاً صغيراً من الدماغ يُسمّى تحت المهاد (الهايبوثالاموس)، مما يؤدي إلى تفعيل سلسلة من الاستجابات العصبية التي تُنشّط الجسم بأكمله.

وتضيف سينها أن هذا النظام العصبي "المنبّه" يؤثر في كل خلية من خلايا الجسم، ويُحفّز إفراز هرمونات مثل الأدرينالين والكورتيزول، اللذين يزيدان من معدل ضربات القلب وضغط الدم.

ورغم أن التوتر قصير الأمد قد يكون مفيداً أحياناً لأنه يمنح الجسم دفعة من الحافز للتصرّف بسرعة أو إنجاز المهام تحت الضغط، إلا أن التوتر المزمن – الناتج عن ضغوط مستمرة في العلاقات أو العمل أو المشاكل المالية – يمكن أن يؤدي إلى الاكتئاب واضطرابات النوم وزيادة الوزن.

 

لماذا يؤثر التوتر على الشهية؟

يُمكن للتوتر أن يُؤثر على شهيتك أو يُضعفها تماماً، ويعتمد ذلك على طبيعة جسمك واستجابته.

تقول الدكتورة ميثو ستوروني، طبيبة الأعصاب ومؤلفة كتابي "ستريس-بروف" و"هايبر إفّيشينت"، إنها كانت تشعر بالغثيان أثناء فترات الامتحانات الدراسية، وتُرجع ذلك إلى وجود اتصال مباشر بين الدماغ والجهاز الهضمي، تحديداً عبر العصب المبهم الذي يربط بين جذع الدماغ والبطن.

فعندما يتأثر هذا العصب بفعل التوتر، يختل تواصله مع المعدة والأمعاء، مما يؤدي إلى تثبيط الشهية لدى البعض.
لكن في المقابل، يحفّز التوتر الحاد لدى آخرين رغبةً في تناول السكريات، لأن الدماغ في تلك اللحظة يبحث عن مصدر سريع للطاقة استعداداً لأي موقف مفاجئ.

تأثير التوتر المزمن على الشهية والوزن:

لا يقتصر تأثير التوتر المزمن على فقدان الشهية أو اشتهاء السكريات مؤقتاً، بل يمتد إلى تغيّرات أعمق في الجسم.
فحين يتعرّض الإنسان للتوتر، يفرز الجسم كميات كبيرة من السكر في الدم، مما يجعل الأنسولين – الهرمون المنظّم لمستويات الجلوكوز – أقل فاعلية مؤقتاً. وبذلك، يبقى الجلوكوز في مجرى الدم بدلاً من استخدامه كمصدر للطاقة، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر.

ومع مرور الوقت، قد يتطور ذلك إلى مقاومة للأنسولين وزيادة في الوزن، بل  وخطر الإصابة بالسكري.

وتوضح البروفيسورة سينها أن هذه الحالة تخلق ما يُسمّى بـ "دائرة التغذية التقدمية"، حيث يؤدي التوتر إلى زيادة الوزن، والذي بدوره يزيد من ضعف السيطرة على الشهية، فتتكرر الدورة في حلقة يصعب كسرها.


كيف يمكن التغلّب على الأكل الناتج عن التوتر؟

ترى الدكتورة ستوروني أن أفضل وسيلة لتجنّب الأكل العاطفي أو الإفراط في تناول الطعام أثناء فترات التوتر هي الاستعداد المسبق ووضع خطط لإدارة الضغط النفسي.

وتؤكد أن النوم الجيد هو المفتاح الأساسي لذلك، إذ يساعد على إعادة توازن النظام العصبي المسؤول عن التوتر، والمكوَّن من تحت المهاد، والغدة النخامية، والغدة الكظرية، مما يوقف إفراز هرمونات التوتر.

كما أن قلة النوم تزيد من رغبة الجسم في السكريات والطعام الدهني لأن الدماغ يشعر بنقص في الطاقة.

وتوصي أيضاً بممارسة التمارين الرياضية بانتظام، لأنها تساعد الجسم على الانتقال من حالة التوتر إلى الاسترخاء، وتحسّن وظائف الدماغ.
وخلال فترات الضغط المرتفع، ينبغي التركيز على هذه الأساسيات: النوم الكافي، والتغذية السليمة، والنشاط البدني.

ما الأطعمة التي يجب تجنّبها أثناء التوتر؟

توصي البروفيسورة سينها بعدم الاحتفاظ بالأطعمة الجاهزة والمعلّبة في المنزل، لأنها غالباً مرتفعة بالسكر والدهون، ومن السهل اللجوء إليها عند الشعور بالضغط النفسي.

كما تنصح بتناول وجبات صغيرة ومتوازنة على مدار اليوم لتقليل الجوع والرغبة المفاجئة في تناول الطعام.

ومن الأفضل الابتعاد عن الأطعمة التي تسبّب ارتفاعاً سريعاً في سكر الدم، مثل البيتزا والحلويات، واستبدالها بأطعمة غنية بالبروتين (كاللحوم، والبقوليات، والأسماك)، أو كربوهيدرات صحية (مثل العدس والشوفان الكامل).

كذلك يجب الحذر من الإفراط في تناول الكحول، إذ يلجأ إليه بعض الأشخاص لتخفيف التوتر مؤقتاً، لكنه يزيد من اضطراب الشهية.


دور العلاقات الاجتماعية في مواجهة الأكل تحت التوتر:

تناول الطعام بصحبة الآخرين يمكن أن يقلل من الأكل العاطفي، كما أن التواصل الاجتماعي يوفّر دعماً نفسياً يساعد في الحفاظ على التوازن.

وتشير البروفيسورة سينها إلى أن المجتمعات التقليدية طوّرت أساليب فعّالة للحفاظ على العلاقة الصحية مع الطعام، مثل الطبخ الجماعي وتناول الوجبات معاً ،وترى أن العودة إلى هذه العادات البسيطة قد تساعدنا على إعادة بناء علاقة متوازنة بين التوتر والغذاء.