الجمعة 05 ديسمبر 2025 الموافق 14 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
حازم عادل
سياسة

وزير الشؤون النيابية: الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون أداة في خدمة العدالة وليس حَكَمًا على مصائر البشر

السبت 08/نوفمبر/2025 - 02:51 م
المؤتمر الدولي الرابع
المؤتمر الدولي الرابع للاتحاد العربي للقضاء الإداري

ألقى المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، كلمة خلال افتتاح المؤتمر الدولي الرابع للاتحاد العربي للقضاء الإداري، الذي انعقد اليوم السبت 8 نوفمبر 2025، بمشاركة عدد من رؤساء مجالس الدولة والمحاكم الإدارية العليا في الدول العربية. 

تناول الوزير في كلمته مستقبل العدالة الإدارية في ظل تحديات الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أن سعادته بهذه المناسبة تتضاعف لكونه يلتقي زملاءه وأساتذته من قضاة مجلس الدولة الذين تعلم منهم معاني العدل وروح القسم والمسؤولية.

وأشار المستشار محمود فوزي إلى أن اختيار موضوع المؤتمر يعكس وعيًا متقدمًا لدى القضاء الإداري العربي في استشراف المستقبل والتعامل مع التحول التكنولوجي ليس بالرفض، بل بالتكيّف معه وتسخيره لخدمة العدالة والشفافية. وأوضح أن العدالة الإدارية لا تُختزل في بعدها القضائي فقط، بل تشمل أيضًا البعد الإداري الذي يفرض على أجهزة الدولة أن تُدير شؤونها بروح العدل قبل الخضوع لرقابة القضاء، لتصبح العدالة سلوكًا إداريًا ومؤسسيًا يعزز الشفافية والانضباط.

وأضاف الوزير أن العالم يشهد تحولًا كبيرًا في بنية العدالة نحو الفضاء الرقمي الذي تحكمه البيانات والخوارزميات، مؤكدًا ضرورة الحفاظ على جوهر العدالة الإنسانية في زمن الآلة، وأن تظل يد الإنسان هي الحَكَم النهائي في اتخاذ القرار. وتساءل الوزير عن كيفية تحقيق التوازن بين الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي وتجنب مخاطره، لافتًا إلى أن بعض الدول بدأت تجارب “القاضي الإلكتروني” كمساعد ذكي وليس بديلًا عن القاضي البشري.

وتحدث فوزي عن ثلاثة تحديات رئيسية تواجه إدماج الذكاء الاصطناعي في منظومة العدالة العربية، أولها التحدي التشريعي الذي يتطلب سن قوانين واضحة لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي وتحديد المسؤولية القانونية عن أخطائه أو تحيزاته، إضافة إلى حماية البيانات القضائية باعتبارها جزءًا من سيادة الدولة. أما التحدي الثاني فهو مؤسسي وبشري، يتمثل في ضرورة تأهيل الكوادر القانونية والقضائية لفهم منطق الخوارزميات وتقييم نتائجها بوعي نقدي، وليس التعامل معها كأدوات تقنية فحسب.

وأكد الوزير أن التحدي الثالث هو التحدي القيمي والإنساني، موضحًا أن العدالة الإدارية بطبيعتها إنسانية النزعة، تقوم على الموازنة بين النص والضمير، وبين المصلحة العامة والخاصة، وأن الآلة مهما بلغت دقتها لا يمكنها أن تحل محل الضمير الإنساني في تقدير المواقف. 

وشدد على أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون أداة في خدمة العدالة وليس حَكَمًا على مصائر البشر.

وأوضح المستشار محمود فوزي أن مصر قطعت شوطًا مهمًا في تطوير منظومة العدالة والتحول الرقمي بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، في إطار بناء دولة حديثة قائمة على سيادة القانون والإدارة الرشيدة، مشيرًا إلى أن التحول الرقمي ليس هدفًا تقنيًا بقدر ما هو إصلاح شامل يعزز الشفافية ويقوي الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.

وفي ختام كلمته، دعا الوزير إلى تأسيس إطار عربي مشترك ينظم استخدام الذكاء الاصطناعي في الإدارة والقضاء، بما يضمن الكفاءة ويحافظ على العدالة وحقوق الإنسان، مع التأكيد على أن التكنولوجيا يجب أن تظل خادمة للإنسان لا العكس. كما وجه الشكر للاتحاد العربي للقضاء الإداري ومجلس الدولة المصري على تنظيم المؤتمر، مؤكدًا أن انعقاده في القاهرة يبعث برسالة مفادها أن العدالة الإدارية العربية قادرة على التجدد والإبداع، وستظل ركيزة أساسية لبناء دولة القانون في المنطقة العربية.