صور مفبركة.. فيديوهات كاذبة.. وجرائم تدمّر حياة الأبرياء في صمت
ذكاء بلا ضمير .. كيف تحوّل الـAI إلى وحش رقمي يلتهم سمعة البشر ؟
في زمنٍ كانت فيه الصورة تساوي ألف كلمة، أصبح " الفيديو المزوّر " اليوم قادرًا على قتل الحقيقة بألف طريقة .
الذكاء الاصطناعي الذي وُلد ليخدم الإنسان ويختصر المسافات بينه وبين المستقبل ، تحوّل في أيدي بعض المستخدمين إلى سلاح قذر .. سلاح يُستخدم لتشويه السمعة وكسر البيوت وتحطيم النفوس .
لم يعد الخطر قادمًا من الخارج بل من هاتف صغير في يد جاهل أو حاقد ، يملك القدرة على خلق واقعٍ مزيّف يشعل أزمة ويهدم حياة بضغطة زر واحدة .
واقع مظلم وراء الشاشات :
خلال الأشهر الأخيرة انفجرت على مواقع التواصل عشرات القصص لفتيات وسيدات وشباب ظهروا في صور ومقاطع " خادشة " لم يلتقطوها يومًا لكنها بدت حقيقية حدّ الإقناع .
فيديوهات " مولّدة بالذكاء الاصطناعي " استخدمها البعض للتشهير والابتزاز ، لتتحول التقنية المتقدمة إلى أداة اغتيال معنوي صامتة .
تطبيقات تنتشر بسرعة البرق تتيح لأي شخص مهما كان مستواه أن " يصنع مشهدًا من العدم " ، ويضع وجه أي شخص في أي موقف بلا رقيب أو وازع من ضمير.
كارثة تهدد شباب مصر :
أخطر ما في الأزمة أنها لا تضرب المشاهير فقط ، بل تمتد إلى المراهقين والشباب الذين يقضون ساعات طويلة على الإنترنت .
فمن السهل أن يجد أحدهم صورته في مشهدٍ لم يعشه ، أو أن يتحول إلى ضحية " مقلب رقمي " يدمر ثقته بنفسه أمام زملائه أو أسرته .
علماء النفس يؤكدون أن هذا النوع من التزييف يولد اضطرابات نفسية عميقة ، وشعورًا دائمًا بالتهديد وفقدان الأمان الإلكتروني .
في مجتمعات شرقية كالمجتمع المصري، يمكن أن تؤدي صورة مزيفة واحدة إلى انهيار سمعة فتاة، أو انتحار شاب لم يحتمل السخرية.
ويحذر الخبراء من أن غياب التوعية المدرسية والأسرية بخطورة " المحتوى المفبرك " يجعل الجيل الجديد عرضة للتدمير المعنوي في وقت أصبحت فيه الكلمة والصورة أسرع من أي دفاع .
خبراء الإعلام يحذرون :
يقول الدكتور محمود علم الدين رحمة الله عليه ، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة :
" ما نشهده الآن ليس مجرد تطور تقني .. إنه انفجار أخلاقي يهدد استقرار، المجتمع فالذكاء الاصطناعي أتاح للجميع امتلاك قدرة كانت حكرًا على محترفي التزوير ".
ويضيف :
" إذا لم نواجه هذا الخطر بالتشريعات والوعي، سيتحوّل المجتمع إلى ساحة من الصور الكاذبة والاتهامات الملفقة، وسينهار مبدأ الثقة في أي دليل بصري " .
القانون يلهث خلف التقنية :
رغم وجود مواد قانونية تجرّم التشهير ونشر الصور المسيئة ، إلا أن السرعة الجنونية لتطور أدوات الذكاء الاصطناعي جعلت المجرم أسبق من القانون بخطوات .
وباتت الحاجة مُلحة لوضع نصوص واضحة تُجرّم " التزييف العميق " و" الفيديوهات المصطنعة " ، باعتبارها جريمة مكتملة الأركان .
إنذار للمجتمع :
المشكلة لم تعد في التقنية ذاتها بل في المستخدم الذي نزع عن ضميره الرحمة
فكل من يُسيء استخدام الذكاء الاصطناعي لا يعبث بصورة ، بل يعبث بإنسان بأسرة وبحياة كاملة يمكن أن تنهار في لحظة .
لقد أصبحت السمعة تُسرق إلكترونيًا والحقيقة تُقتل رقميًا بينما يقف كثيرون متفرجين .
الخاتمة :
الذكاء الاصطناعي ليس شرًا في ذاته .. لكنه مرآة لما فينا
إن كان فينا ضمير صنعنا به مستقبلًا مشرقًا
وإن انعدم فينا الوعي صار الذكاء " الاصطناعي " أذكى من إنسانٍ فقد إنسانيتة .




