الخميس 18 ديسمبر 2025 الموافق 27 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

صور مفبركة.. فيديوهات كاذبة.. وجرائم تدمّر حياة الأبرياء في صمت

ذكاء بلا ضمير .. كيف تحوّل الـAI إلى وحش رقمي يلتهم سمعة البشر ؟

الجمعة 31/أكتوبر/2025 - 11:24 ص
ذكاء بلا ضمير ..
ذكاء بلا ضمير .. كيف تحوّل الـAI إلى وحش رقمي

في زمنٍ كانت فيه الصورة تساوي ألف كلمة، أصبح " الفيديو المزوّر " اليوم قادرًا على قتل الحقيقة بألف طريقة .
الذكاء الاصطناعي الذي وُلد ليخدم الإنسان ويختصر المسافات بينه وبين المستقبل ، تحوّل في أيدي بعض المستخدمين إلى سلاح قذر .. سلاح يُستخدم لتشويه السمعة وكسر البيوت وتحطيم النفوس .

لم يعد الخطر قادمًا من الخارج  بل من هاتف صغير في يد جاهل أو حاقد ، يملك القدرة على خلق واقعٍ مزيّف يشعل أزمة ويهدم حياة بضغطة زر واحدة .

 

 واقع مظلم وراء الشاشات :

 

خلال الأشهر الأخيرة انفجرت على مواقع التواصل عشرات القصص لفتيات وسيدات وشباب ظهروا في صور ومقاطع " خادشة " لم يلتقطوها يومًا لكنها بدت حقيقية حدّ الإقناع . 
فيديوهات  " مولّدة بالذكاء الاصطناعي " استخدمها البعض للتشهير والابتزاز ، لتتحول التقنية المتقدمة إلى أداة اغتيال معنوي صامتة .

تطبيقات تنتشر بسرعة البرق تتيح لأي شخص مهما كان مستواه أن  " يصنع مشهدًا من العدم " ، ويضع وجه أي شخص في أي موقف بلا رقيب أو وازع من ضمير.

 

 كارثة تهدد شباب مصر :

 

أخطر ما في الأزمة أنها لا تضرب المشاهير فقط ، بل تمتد إلى المراهقين والشباب الذين يقضون ساعات طويلة على الإنترنت .
فمن السهل أن يجد أحدهم صورته في مشهدٍ لم يعشه ، أو أن يتحول إلى ضحية " مقلب رقمي " يدمر ثقته بنفسه أمام زملائه أو أسرته .

علماء النفس يؤكدون أن هذا النوع من التزييف يولد اضطرابات نفسية عميقة ، وشعورًا دائمًا بالتهديد وفقدان الأمان الإلكتروني .
في مجتمعات شرقية كالمجتمع المصري، يمكن أن تؤدي صورة مزيفة واحدة إلى انهيار سمعة فتاة، أو انتحار شاب لم يحتمل السخرية.

ويحذر الخبراء من أن غياب التوعية المدرسية والأسرية بخطورة " المحتوى المفبرك " يجعل الجيل الجديد عرضة للتدمير المعنوي في وقت أصبحت فيه الكلمة والصورة أسرع من أي دفاع .

 

خبراء الإعلام يحذرون :

 

يقول الدكتور محمود علم الدين رحمة الله عليه ، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة :

" ما نشهده الآن ليس مجرد تطور تقني .. إنه انفجار أخلاقي يهدد استقرار، المجتمع  فالذكاء الاصطناعي أتاح للجميع امتلاك قدرة كانت حكرًا على محترفي التزوير ". 

ويضيف :

" إذا لم نواجه هذا الخطر بالتشريعات والوعي، سيتحوّل المجتمع إلى ساحة من الصور الكاذبة والاتهامات الملفقة، وسينهار مبدأ الثقة في أي دليل بصري " .


 القانون يلهث خلف التقنية :

 

رغم وجود مواد قانونية تجرّم التشهير ونشر الصور المسيئة ، إلا أن السرعة الجنونية لتطور أدوات الذكاء الاصطناعي جعلت المجرم أسبق من القانون بخطوات .
وباتت الحاجة مُلحة لوضع نصوص واضحة تُجرّم " التزييف العميق " و" الفيديوهات المصطنعة " ، باعتبارها جريمة مكتملة الأركان .

 

 إنذار للمجتمع :

 

المشكلة لم تعد في التقنية ذاتها بل في المستخدم الذي نزع عن ضميره الرحمة
فكل من يُسيء استخدام الذكاء الاصطناعي لا يعبث بصورة ، بل يعبث بإنسان بأسرة وبحياة كاملة يمكن أن تنهار في لحظة .

لقد أصبحت السمعة تُسرق إلكترونيًا والحقيقة تُقتل رقميًا بينما يقف كثيرون متفرجين .

 

 الخاتمة :

 

الذكاء الاصطناعي ليس شرًا في ذاته .. لكنه مرآة لما فينا 
إن كان فينا ضمير صنعنا به مستقبلًا مشرقًا
وإن انعدم فينا الوعي صار الذكاء " الاصطناعي " أذكى من إنسانٍ فقد إنسانيتة .