الجمعة 05 ديسمبر 2025 الموافق 14 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
حازم عادل
سياسة

"أبوالغار": اليهود في مصر عاشوا كمصريين حقيقيين.. والدين لا علاقة له بالسياسة

الأحد 19/أكتوبر/2025 - 12:16 ص
 الدكتور محمد أبو
الدكتور محمد أبو الغار

أكد الدكتور محمد أبو الغار، المفكر والسياسي البارز، أن الدين لا علاقة له بالسياسة، مشيرًا إلى أن الدين "علاقة بين الإنسان وربه"، بينما تُعد الصهيونية حركة سياسية لدى بعض اليهود، وليست تعبيرًا عن الدين نفسه.

وقال أبو الغار، خلال لقائه في برنامج "كلمة أخيرة" الذي يقدّمه الإعلامي أحمد سالم على شاشة ON، إن اليهود موجودون في مصر منذ عام ٥٢٥ قبل الميلاد، موضحًا أن أكثر فترة عاش فيها يهود في مصر كانت بين عامي ١٩١٧ و١٩٢٧، حيث كانوا يشكّلون نحو ١.٣٪ من سكان البلاد.

وأضاف أن اليهود في مصر كانوا ينقسمون إلى طائفتين: القرائين والربانيين، وأن ٩٠٪ منهم كانوا من الطائفة الربانية، التي وصفها بأنها "كانت مصرية بحق"، مؤكدًا أن الربانيين كانوا من كبار التجار وأصحاب رؤوس الأموال في مصر.

وأوضح أن ما يُعرف بـ "حارة اليهود" لم تكن مجرد حارة واحدة كما يعتقد البعض، بل حيّ كامل مكوّن من عدد من الحواري والشوارع الصغيرة، وكان يضم بوابات تُغلق ليلًا، ويعيش فيه يهود ومسلمون ومسيحيون جنبًا إلى جنب في أجواء من التعايش.

وأشار أبو الغار إلى أن الأجانب في مصر، ومن ضمنهم اليهود، خضعوا لقانون الامتيازات الأجنبية الذي فرضته الدولة العثمانية، واصفًا القانون بأنه كان ظالمًا وأدى إلى فوضى. وذكر أنه في عام ١٩٤٧ كان في مصر نحو ٥٠٠٠ يهودي يحملون الجنسية المصرية، و٣٠ ألفًا من جنسيات أخرى، و٤٥ ألفًا بلا جنسية، لافتًا إلى أن كثيرين منهم رفضوا الحصول على الجنسية المصرية على أمل الحصول على جنسيات أوروبية.

كما تطرق أبو الغار إلى الدور الذي لعبه الزعيم مصطفى النحاس باشا عام ١٩٣٧ في إلغاء الامتيازات الأجنبية خلال مؤتمر مونترو، موضحًا أن ذلك القرار دفع كثيرًا من اليهود إلى الإسراع بالحصول على الجنسية المصرية.

وشدّد أبو الغار على أنه لم تكن هناك أي مشكلات بين اليهود والمصريين حتى منتصف القرن العشرين، وأن الحديث عن "العداء للسامية" في مصر غير صحيح، موضحًا أن هذا العداء "كان موجودًا في أوروبا وأمريكا فقط".

وأشار إلى أن المصريين في ذلك الوقت لم يكونوا يدركون أن الصهيونية تهدف إلى إنشاء وطن قومي باسم إسرائيل، مضيفًا أن أول هجرة يهودية من مصر إلى فلسطين كانت قبل عام ١٩٤٨، عندما هاجر عدد من شباب اليهود في مصر الجديدة لتأسيس حزب يساري إسرائيلي.

واتهم أبو الغار جماعة الإخوان المسلمين بالتسبب في مشاكل كبيرة مع اليهود في مصر، بل وتفجير حارة اليهود، مؤكدًا أن اليهود المصريين كانوا ضد الصهيونية، باستثناء قلة قليلة منهم.

وأوضح أن إسرائيل اشتركت في العدوان الثلاثي عام ١٩٥٦ رغم أن أسباب العدوان لم تكن تخصها، وأن الوكالة اليهودية نظّمت هجرة عدد من اليهود الفقراء والجهلة من مصر إلى إسرائيل، مؤكدًا أنه لم يغادر إلى إسرائيل من اليهود المصريين المتعلمين أو الأثرياء.

وأضاف أن تأثير اليهود في مصر ثقافيًا كان محدودًا، لكن كان لهم حضور كبير في الفن المصري القديم، وأنهم ساهموا في التجارة والصناعة والبنوك بالتعاون مع المصريين.

وأشار أبو الغار إلى أن اليهود في مصر لم يُنظر إليهم كأجانب، بل كمصريين، موضحًا أن القضية الفلسطينية كانت نقطة التحول التي تسببت في القطيعة بينهم وبين المصريين، رغم أن هناك يهودًا كثيرين ما زالوا مناصرين للقضية الفلسطينية حتى اليوم.

واختتم قائلاً إن نسبة كبيرة من يهود العالم اليوم ضد الصهيونية، وإن السلام الحقيقي بين العرب وإسرائيل لن يتحقق إلا بمبادرة صادقة من الجانب الإسرائيلي أولاً.