"نواب اللقطة".. كواليس تحول حلم الوصول تحت قبة البرلمان إلى صراع من أجل الشهرة والوجاهة| خاص
في موسم انتخابات النواب، لا يعلو صوت فوق صوت “اللقطة” مرشحون يتسابقون إلى الكاميرات، إلى اللافتات العملاقة، إلى كلمات المديح الجاهزة، بدون برامج انتخابية تُناقش، أو قضايا تُطرح، وإنما سباق على اللقب وليس الخدمة على الخدمة.
وأصبح لقب "سيادة النائب" أغلى من المقعد نفسه، وأقصر الطرق إلى الوجاهة الاجتماعية ففي كل دورة انتخابية، يتكرر المشهد ذاته، وجوه تظهر فجأة، لا يعرفها أبناء الدائرة إلا من على الملصقات، ووعود تُكتب بخط عريض ثم تختفي مع أول ضوء بعد إعلان النتائج.
هؤلاء هم "نواب اللقطة"، مرشحون لا يملكون برنامجًا ولا سيرة نضال، لكنهم يمتلكون الرغبة العارمة في أن تُلتقط لهم الصورة على منصة البرلمان، وأن يُشار إليهم بالألقاب لا بالأفعال.
إقبال كثيف من المرشحين على مقرات الترشح
شهدت المحاكم في مختلف المحافظات، ازدحامًا شديدًا من قبل المرشحين، وبالرغم من هذا الزحام، لوحظ أن أغلب المرشحين يفتقرون إلى برنامج انتخابي حقيقي، بينما يركزون على الحصول على المكانة الاجتماعية واللقب الرسمي “سيادة النائب” أكثر من أي هدف تشريعي أو خدمتي.
وكان حضور معظم المرشحين في مختلف المحافظات مبكرًا لهدف تأمين مواقعهم على قوائم الترشح وكأنهم يسعون للحصول على صورة إعلامية أولى أو رقم ترتيب مميز، لا لإقناع الناخبين بخطط واضحة أو مشاريع قابلة للتنفيذ.
في محكمة شمال القاهرة الابتدائية، ظهر الزحام بشكل أقوى، إذ أدى إلى مشادات محدودة بين أنصار المرشحين، ما تسبب في تأخير تسليم بعض المرشحين لأوراقهم، لكنه لم يمنع استمرار الإقبال الكبير.
مرشح: رؤية في المنام دفعتني للترشح
أعلن مدحت جنيدي، البالغ من العمر 55 عامًا، ترشحه لانتخابات مجلس النواب 2025 عن دائرة كفر الشيخ وقلين، مؤكدًا أن هذه هي المرة الرابعة التي يخوض فيها السباق البرلماني بعد تجاربه السابقة في أعوام 2005 و2010 و2011.
وقال جنيدي، إن قراره بالترشح هذه المرة جاء بعد رؤية رآها في المنام، موضحًا أنه شاهد نفسه يعلّق لافتة ترشحه في مدخل البلدة، بينما يصطحبه خمسة عشر رجلًا من الأثرياء إلى مقر اللجنة الانتخابية، وهناك وجد الأوراق جميعها تحمل اسمه مكتوبًا بوضوح، فاعتبر أن تلك الرؤية بشارة خير ودافع قوي لخوض التجربة من جديد.
وأضاف المرشح البرلماني أن شباب الدائرة يدعمونه بقوة، وأنه يلقى تأييدًا واسعًا من أهالي كفر الشيخ وقلين، مؤكدًا أنه يخوض الانتخابات بروح إيجابية ورغبة صادقة في خدمة أبناء محافظته تحت قبة البرلمان، إذا ما نال ثقة الناخبين هذه المرة.
الترشح ليس حكرا على أحد
أعلنت مواطنة مصرية تُعرف في محيط سكنها باسم "أم يوسف" عن خوضها تجربة الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025 عن دائرة مركز ميت النصر بمحافظة الدقهلية، مؤكدة أنها بدأت من تحت الصفر ودون أي خلفية سياسية أو دعم مادي كبير.
وقالت أم يوسف إن ترشحها يأتي لمواجهة احتكار بعض الفئات للمقاعد البرلمانية، متسائلة: "ليه مقاعد مجلس النواب حكر على دكاترة أو ناس بعينها كبيرة ملايين؟ الترشح مش حكر على ناس معينة".

وأوضحت أنها ستقدم أوراقها استنادًا إلى شهادتها الثانوية العامة، بعدما لم تتمكن من إكمال دراسة كلية التجارة لأسباب مادية، مشيرة إلى أن خبرتها العملية التي تزيد عن 13 عامًا في محل الملابس الخاص بها تمنحها معرفة قوية بالناس واحتياجاتهم.
وأكدت أم يوسف أن دافعها الأساسي للترشح هو شعورها بالناس وحرصها على خدمتهم، موجهة رسالة خاصة للشباب داعية إياهم إلى خوض التجربة والمشاركة: "ما تخافوش من أي خطوة، ابدأوا ليه لأ؟ ما تديش فرصة ليه؟"، مضيفة أن حملتها ستعتمد بشكل كبير على شعبيتها ومعرفتها الواسعة بالمواطنين في الدائرة، وأن هدفها الحقيقي هو تمثيل الأهالي بصدق تحت قبة البرلمان.
أبرز أزمات المرشحين قبل بدء الانتخابات
ومن المثير للقلق أن بعض من يسعون للبرلمان لا يملكون حتى الحد الأدنى من المهارات الأساسية مثل القراءة والكتابة، فكيف يمكن لهم أن يعدّوا قوانين، يكتبوا طلبات إحاطة أو استجوابات، أو يواكبوا ملفات معقدة داخل القبة؟

ويظهر في المشهد بعض المرشحين الذين يفتقرون حتى لمهارات إدارة حملة انتخابية بسيطة أيضًا علامات استفهام كبيرة حول قدرتهم على خدمة المواطنين تحت قبة البرلمان، فالتخطيط للحملة، والتواصل مع الناخبين، وعرض البرامج الانتخابية بشكل واضح، كلها مهام أساسية لأي نائب يسعى لتمثيل شعبه بصدق، فكيف يستطيع النائب خدمة المواطنين وهو لا يستطيع التخطيط لبرنامجه الانتخابي.

وتعرض بعض المرشحين لـ اعتداءات جسدية وإهانات أمام اللجان الانتخابية، ما جعل البعض يتسائلون كيف يمكن لمن يتعرض للعنف والإهانة خلال تقديم أوراق ترشحه أن يواجه ضغوط التشريع ومطالب الشعب اليومية؟.

سياسية لـ "مصر تايمز": بعض هؤلاء يسعى للخبرة وبعضهم غرضه تفتيت الأصوات
وفي هذا السياق، وأوضحت ولاء عزيز مستشارة سياسية وبرلماني أن هذه الأنواع من المرشحين لانتخابات مجلس النواب يشارك بهدف اكتساب الخبرة والتعرف على الدائرة الانتخابية وتكوين كتلة تصويتية استعدادًا للدورات المقبلة، مؤكدة أن هذا نمط بدأ يظهر منذ انتخابات 2020.
وأشارت عزيز في تصريحات خاصة لـ "مصر تايمز" إلى أن هناك نوع آخر يمثل مرشحين يهدفون إلى تفتيت الأصوات، سواء بالتحالف مع منافس لمرشح قوي لتقليص فرصه، أو لخوض المنافسة بهدف المكايدات السياسية وليس النجاح الفعلي، وقد يُستخدم هذا النوع أيضًا للتفاوض مع المرشح الأقوى للانسحاب مقابل اتفاقات معينة.





