السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
فن وثقافة

‏"الألحان التي لا تموت".. ما لا تعرفه عن فنان الشعب ‏في ذكرى وفاته

الخميس 10/سبتمبر/2020 - 03:55 م
مصر تايمز


يأتي اليوم ذكرى وفاة الفنان الراحل "سيد درويش" الـ 97، صاحب ‏النهضة الموسيقية في مصر والوطن العربي، والألحان التي لا تموت؛ ‏حيث ترك إرثاً موسيقياً خالداً، والآن تعرف على أهم المحطات في ‏حياته.‏

من هو سيد درويش؟

اسمه الحقيقي السيد درويش البحر، مطرب وملحن مصري، ولد في ‏الإسكندرية في 17 مارس 1892، وعاش في حي كوم الدكة بالإسكندرية ‏وهو يُعد حي من الأحياء الشعبية الفقيرة، وتوفى في 10 سبتمبر 1923.‏

أسرته

جاء سيد درويش من أسرة فقيرة؛ حيث كان والده بحاراً فقيراً، عمل في ‏ورشة صغيرة في كوم الدكة، وكان يصنع القباقيب والكراسي الخشبية،  ‏ويحصل على رزقه هو وأسرته بصعوبة شديدة، وكان أمياً لا يقرأ ولا ‏يكتب، كما كانت أمه أمية هي الآخرى، وكان درويش أصغر أخواته، ‏حيث سبقته إلى الدنيا شقيقتان تكبرانه قليلاً، وتزوج وهو بعمر 16 عاماً، ‏وأصبح مسئولاً عن عائلة.‏

نشأته

كان أبوه يريد أن يراه شيخاً معمماً يحفظ القرآن ويجوده، وأدخله كتاب ‏‏"حسن حلاوة" بالحي نفسه فتعلم مبادئ القراءة، والكتابة، وحفظ قسطاً ‏من القرآن الكريم، وكان شغوفاً في طفولته بالاستماع الى الشيوخ الذين ‏يحيون المولد النبوي ويحفظ عنهم ويقلدهم أمام أطفال الحي‎.‎

وأجاد القراءة والكتابة وحفظ قسطاً كبيراً من القرآن، في سن العاشرة ‏ ‏وعندما توفى والده، صممت أمه أن يتم تعلمه كما أراد والده، ونقلته إلى ‏مدرسة أولية تصادف من كان فيها معلم يهتم بتحفيظ الأطفال الأناشيد ‏الدينية والقومية، واسترعى الطفل سيد درويش انتباهه، فخصه بعنايته ‏وجعله يقود الأطفال في ترتيل الأناشيد، ونمت معه موهبته وخرج من ‏حدود الحي.‏

وأصبح يرتاد الأحياء الشعبية الأخرى، ويستمع الى مشاهير الشيوخ ‏المقرأين والمطربين الذين يحيون الأفراح والمواليد الدينية، واشترت له ‏أمه ملابس رجال الدين، وهو غلام في الثالثة عشر من عمره.‏

وتقدم للالتحاق بالمعهد الديني التابع لأحد مساجد الإسكندرية وهو مسجد ‏‏"العباس المرسى"؛ لكي يتم حفظ القرآن، وتجويده، وكان شغوفاً بالقراءة ‏والإطلاع ويقرأ كل ما يقع في يده من كتب، وصحف عربية.‏

بدايته الفنية

أراد درويش أن يبحث عن مصدر رزق له، ولأسرته، عندما تزوج في ‏سن السادسة عشر؛ لذلك اشتغل مع الفرق الموسيقية، لكنه لم يوفّق، ‏فاضطر أن يشتغل عامل بناء، وكان خلال العمل يرفع صوته بالغناء، ‏مثيراً إعجاب العمال وأصحاب العمل.‏

واكتشفه حينها الأخوان أمين وسليم عطا الله، وهما من أشهر المشتغلين ‏بالفن، في مقهى قريب من الموقع الذي كان يعمل به الشيخ سيد درويش، ‏فاسترعى انتباههما ما في صوت هذا العامل من قدرة وجمال، واتفقا معه ‏على أن يرافقهما في رحلة فنية إلى الشام في نهاية عام 1908.‏

عاد إلى الشام في عام 1912 وبقي هناك حتى عام 1914 حيث أتقن ‏أصول العزف على العود، وكتابة النوتة الموسيقية، فبدأت موهبته ‏الموسيقية تتفجر، ولحن أول أدواره يا فؤادي ليه بتعشق.‏

وانتقل درويش إلى القاهرة في 1917، وبمجرد انتقاله سطع نجمه، ‏وتألق بإنتاجاته الغزيرة،؛ حيث أنه في خلال حياته الفنية بين الإسكندرية ‏والقاهرة ألف عشرة أدوار للتخت، وهي عبارة عن سيمفونيات عربية ‏و17 موشحاً على النمط القديم، ولكن بروح جديدة، ونحو 50 طقطوقة ‏وهي الأغاني الخفيفة.‏

وقام بالتلحين لكافة الفرق المسرحية في عماد الدين أمثال فرقة نجيب ‏الريحاني، جورج أبيض وعلي الكسار، حتى قامت ثورة 1919 فغنى ‏قوم يا مصري.‏

أدخل سيد درويش في الموسيقى للمرة الأولى في مصر الغناء ‏البوليفوني، (أي إصدار نغمتان أو أكثر في نفس الوقت بالعمل ‏الموسيقي)، في أوبريت العشرة الطيبة وأوبريت شهرزاد والبروكة.‏

بلغ إنتاجه في حياته القصيرة من القوالب المختلفة العشرات من الأدوار ‏وأربعين موشحا، ومائة طقطوقة، و 30 رواية مسرحية وأوبريت. ‏
وإنه ما كان يلحن أغنية حتى يرددها أفراد الشعب، والعوالم اللواتي يقمن ‏الأفراح، والمسارح الغنائية، وموسيقات الجيش، والموسيقات الأهلية.‏

وتعتبر أغنية "زوروني كل سنة مرة حرام تنسوني بالمرة" هي أول ‏أغنية من تلحين سيد درويش.‏

أعماله

تشمل أعمال سيد درويش (ألحان مسرحية  – أدوار موشحات – أناشـيد ‏‏– أغاني)‏

أوبريت

قدم سيد درويش (30 أوبريت مسرحى – 256 لحن)‏

‏ فرقة جورج أبيض 1 أوبريت (فيـــروز شاه)‏

‎ ‎فرقة الريحانى 12 أوبريت (الهـوارى - خد بالك يا أســـتاذ - كلـه من ده ‏‏- فشـــــر- ولـــــــو  – الطاحونة الحمراء - إش - رن - شــهرزاد - ‏العشــــرة الطيبة – الباروكة -قولوا له)‏

‎ ‎فرقة علي الكسار 11 أوبريت (فلفل – راحت عليك - مرحب – قلنا له
ولسة - أم أربعة وأربعين - الانتخابات – الهلال – أحلاهم - البربرى في ‏الجيش – اللي فيهم)‏

‎ ‎فرقة منيرة المهدية 2 أوبريت (كلها يومين – كليوباترا)‏

فرقة أولاد عكاشة 3 أوبريتات (هدى - الدرة اليتيمة - عبد الرحمن ‏الناصر)‏

‎ ‎فرقة سـيد درويش 4 أوبريتات (شهرزاد - العشرة الطيبة – الباروكة -  ‏العبرة).‏

أشهر ألحانه المسرحية

أوبريت العشرة الطيبة (واحدة أوه - آن الأوان يا حلوة آن - يحميكى يا ‏شابه لشبابك - على قد الليل ما يطول – ياللى تصلى ع النبى تكسب - يا ‏مرحبا بك - يقطع فلان على علان - يا حلالك يا بلالك بيها - اتمخطري ‏يا عروسـة - الأمر أمر الأغاباشى – عشان ما نعلا ونعلا - احنا الغجر ‏وانتوا الحكام - يا زمان الخلطبيط – هو بعينه – الليلة ياما اكتر ‏عرسانها).‏

موشحاته (12 موشح)‏

‏(يا شادي الألحان - مقام راست - حبي دعاني - مقام شورى - يا عذيب ‏المرشف - مقام راست - يا صاحب السحر - مقام حجاز كار - يا ترى ‏بعد البعاد - مقام راست - يا بهجة الروح - مقام حجاز كار كورد - يا ‏حمام الأيك - مقام نوا أثر - صحت وجدا - مقام بياتى - العذارى ‏المائسات - مقام راست - اجمعوا بالقرب شملى - مقام عجم - يا غصين ‏البان - مقام حجاز  - منيتى عز اصطبارى - مقام نهاوند).‏

أدواره (10 أدوار)‏

‏(يا فؤادى ليه بتعشق - مقام عجم - عشقت حسنك - مقام بسـتة نكار - يا ‏اللى قوامك يعجبنى - مقام نكريز - يوم تركت الحب - مقام هزام - فى ‏شرع مين - مقام زنجران - أنا عشقت - مقام حجاز كار - الحبيب للهجـر ‏مايل - مقام سازكار - عـواطفك - مقام نوا أثر - ضيعت مستقبل حياتي  ‏‏– مقام شورى - أنا هويت - مقام كورد).‏

أناشيده (12 نشيد)‏

‏(بلادي بلادي "من كلماته" - نشيد العروبة - أباة الضيم "كلمات بديع ‏خيري" - بني مصر مكانكم تهيأ "كلمات أحمد شوقى" -‏‎ ‎احنا الجنود زى ‏الأسود "كلمات بديع خيري" - اليوم يومك يا جنود "كلمات بيرم التونسى ‏‏-قوم يا مصرى "كلمات بديع خيري" - أنا المصرى "كلمات بيرم ‏التونسي" - الجيش رجع من الحرب "كلمات بيرم التونس" - ‏‎ ‎دقت طبول ‏الحرب "كلمات بيرم التونسي" - يا مصر يحميكى لأهلك "كلمات بديع ‏خيري" - أحسن جيوش فى الأمم "كلمات بيرم التونسى" - مصرنا وطننا ‏‏"كلمات سـيد درويش" ) .‏

أشهر أغانيه (66 طقطوقة ومونولوج)‏

‏(زورونى كل سنة مرة - مقام عجم - ياللى تحب الورد - مقام بياتى - ياناس انا مت ف حبى - مقام حجاز كار - حرج على بابا  – مقام راست - بصارة براجة - مقام عجم - يا ورد على فـل - مقام عجم - خفيف الروح  ‏‏- مقام بياتى - أهو دا اللى صار - مقام حجاز كار كرد - طلعت يا محلا ‏نورها - مقام جهاركاه - يا عزيـز عيـنى - مقام بياتى - والله تستاهل يا ‏قلبى  - مقام عجم - يا بلح زغلول - مقام جهاركاه).‏

تأثيره

لقد كان هدف الموسيقى المصرية قبل سيد درويش الطرب فقط، ولكنه ‏جعل منها رسالة أكبر، وهي استخدام هذا الفن العظيم في الجهاد الوطني ‏والإصلاح الاجتماعي.‏
‏ بالإضافة إلى ناحية التطريب في الموسيقى، والغناء العربي على أن ‏الطريقة التي سار عليها في ألحانه للأوبرا كانت منهجية صحيحة، وكأنه ‏متخرج من أرفع المعاهد الموسيقية، فكان يتلوا النص الشعري أولاً؛ ‏ليتفهم معانيه فهما دقيقاً.‏
‏ ثم يعيش في بيئته، ويعاشر أبطاله، ثم يأخذ في إلقاء النص الشعري إلقاء ‏تمثيلياً، يناسب عباراته ومعانيه كأنه ممثلا على خشبة المسرح.‏
وبعد ذلك يأخذ في إلباسه ثوبه الموسيقي الذي يناسبه.‏

وكان درويش يقول أن الموسيقى لغة عالمية، ونحن نخطئ عندما نحاول ‏أن نصبغها بصبغة محلية حيث يجب أن يستمع الرجل اليوناني، والرجل ‏الفرنسي، والرجل الذي يعيش في غابات أواسط أفريقيا إلى أي موسيقى ‏عالمية، فيفهم الموضوع الموسيقي، ويتصور معانيه، ويدرك ألغازه.‏
لذلك وضع درويش موسيقى يفهمها العالم كله، على هذا الأساس.‏

وتجددت الروح في الطابع الأصيل للمزاج المصري، وما زال النشيد ‏الوطني المصري "بلادي بلادي" الذي لحنه في مطلع القرن 20، هو ‏النشيد القومي لمصر اليوم والمصريون يفتخرون به، كما لقب سيد ‏درويش بـ "فنان الشعب والثورة".‏

وفاته

انتهت حياة هذا الفنان الخالد في 10 سبتمبر 1923، وهناك روايات ‏كثيرة عن سبب وفاته، منها أنه توفي بسبب جرعة زائدة من المخدرات، ‏ولكن أحفاده خرجوا ونفوا تلك الرواية، مستندين على خطاب بخط يده ‏يقول فيه لصديقه أنه أقلع عن السهر، وكل ما يصاحبه وينصح صديقه ‏بالتخلي عنهم واستندوا فيها أيضا على ما تم ذكره في مذكرات بديع ‏خيري أن الشيخ سيد أقلع عن المخدرات ويظهر ذلك جليا في أغانيه التي ‏تنصح الشعب بالابتعاد عن المخدرات.‏
أما الرواية المؤكدة بالأدلة أن سبب الوفاة هو تسمم مدبر من الإنجليز، ‏أو الملك فؤاد؛ بسبب أغاني سيد درويش التي تحث الشعب على الثورة.‏
وتوفي سيد درويش عن عمر يناهز 31 عاماً ،وما أقصره من عمر، ‏ولكن ما أكثره من إنتاج وما أشقّه من جهاد في سبيل هذه الحياة القصيرة ‏المتواضعة.‏

إحياء تراثه

يُعد "إيمان البحر درويش" الذي يعتبر واحد من مشاهير الطرب في ‏عصرنا هذا، هو حفيد الراحل سيد درويش.‏

وقام إيمان بإحياء تراث جده الفني، حيث غنى باقة متنوعة من أغاني ‏درويش التراثية في حفلات، وأفلام، ومناسبات مختلفة، ومن هذه الأغاني ‏‏: "عربات السيكا، موشح صحت وجداً، يا بلح زغلول، يا حلاوة أم ‏إسماعيل، أنا المصري، دور أنا هويت، زوروني كل سنة مرة، مونولوج ‏والله تستاهل يا قلبي، ولحن العمال".‏
‏ ‏