الثلاثاء 19 مارس 2024 الموافق 09 رمضان 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
فن وثقافة

خلال برنامجه الرمضاني "الإمام الطيب".. شيخ الأزهر: التجديد الدائم ‏في التراث هو المنوط به بقاء الإسلام دينًا حيًا متحركًا ‏

الخميس 29/أبريل/2021 - 05:57 م
مصر تايمز

قال فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، قد تحدثنا في الحلقة الماضية عن أول معوقات ‏التجديد، ‏وهو: إغفال التفرقة في فقهنا الإسلامي المعاصر بين ثوابت الشريعة ‏ومتغيراتها، واليوم نتحدث عن معوق آخر ‏لعب دورًا خطيرًا في تجميد ‏حركة "التجديد"، وبعث نزعات التقليد والتعصب، ‏وهذا العائق هو:‏ "عدم التفرقة بين ‏الشريعة، كنصوص إلهية من القرآن الكريم، أو نبوية ‏من السنة الصحيحة، وبين الفقه كاستنباطات العلماء واجتهاداتهم ‏في ‏هذه النصوص، واستخراج الأحكام منها"، ‏وإضفاء قدسية الشريعة على اجتهادات فقهائنا السابقين، واستدعاء ‏‏فتاواهم وآرائهم التي قالوها ليواجهوا بها مشكلات عصرهم.‏

‏ وأضاف فضيلته خلال الحلقة السابعة عشر من برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب» الذي يذاع ‏للعام الخامس، ‏ أن ‏فقهاءنا السابقين ‏كانوا -رضي الله عنهم- يعلمون علم اليقين أنها اجتهادات بشرية، ‏ليست معصومة، ولا هي في منزلة ‏نصوص الشريعة، سواء ما كان ‏منها قطعي الثبوت ظني الدلالة، أو ما كان ظني الثبوت والدلالة، ‏وأنهم أنفسهم ما ‏كانوا يترددون في تغيير فتاواهم أو مذاهبهم التي ‏استقرت عليها فتاواهم إذا ما جد جديد في أمور المسلمين يتطلب ‏تغيير ‏هذه الفتوى أو تلك، حتى لا يصيبهم حرج ولا مشقة في الدين ‏بعدما امتن الله عليهم بأنه لا يريد لهم ذلك، وحتى لا ‏يتحمل الفقهاء ‏الأجلاء مسؤولية هذا الضرر أمام الله -تعالى- يوم القيامة. ‏

وأكد شيخ الأزهر أن الشريعة نصوص إلهية معصومة من الخطأ، أما الفقه فهو ‏استنباطات بشرية استنبطها العلماء ‏المختصون في هذا الحقل العلمي ‏الدقيق من الشريعة الإلهية المعصومة  وأن أي خلط بينهما سيؤدي ‏
‏- لا محالة - ‏إلى تأليه البشر وتقديس الفكر الإنساني‏، معتبرًا أن الفصل الحاسم بين الشريعة الإلهية والفقه البشري، بما ‏يقوله ‏العلماء من جواز إطلاق وصف الشريعة على الله -تعالى- ‏واستحالة إطلاق وصف "الفقه" عليه -تعالى- فيقال: ‏‏"الله هو ‏الشارع لهذه الأحكام"، ‏ولا يقال، ‏بل يستحيل أن يقال: "إنه -تعالى!- فقيه".‏

‏ وبيّن فضيلته أن الشريعة ‏نصوص مقدسة، بينما استنباطات العلماء من فقهاء وأصوليين ‏ومفسرين ومحدثين ومتكلمين ‏معارف بشرية، أو تراث يؤخذ منه ‏ويترك، وهذه الاستباطات التي توفرت للمسلمين على مدى خمسة ‏عشر قرنًا من ‏الزمان هي ما يسمى ب"التراث" أو "تراث المسلمين" ‏بإطلاق عام، ثم يتخصص بعد ذلك فيقال:  التراث الفقهي، أو ‏‏التراث اللغوي، ‏أو الأدبي أو غير ذلك، موضحً أنه لا ينبغي- بل لا يصح- ‏أن يفهم من التركيز على التفرقة بين ‏الشريعة، وبين التراث الذي نشأ ‏حولها، أننا ندير ظهورنا للتراث الفقهي أو غيره، أو نقلل من أقدار ‏فقهائنا العظام الذين ‏لا يزالون حتى يومنا هذا محل احترام وتقدير ‏وإكبار في أروقة الجامعات الأوروبية والأمريكية والروسية واليابانية، ‏وغيرها ‏من الجامعات التي تعرف للعلم حقه، وللعلماء فضلهم ‏ومكانتهم.‏

وشدد شيخ الأزهر على أنه نحن حين نفرق بين الشريعة من جانب والفقه من جانب آخر لا ‏نقصد إلى أن نستبدل به ‏عناصر غريبة عنه: غربية أو شرقية تناقض ‏طبيعته، وتختلف معه منطلقا وغاية، وكل ما نقصد إليه هو ما قصده ‏أسلافنا ‏العظام حين نظروا إلى هذا التراث في حقيقته كنتاج علمي ‏وثقافي هائل قام بدوره المطلوب في بناء حضارة المسلمين ‏ونشرها في ‏الشرق والغرب، ولكنهم لم ينظروا إليه من منظور التراث المعصوم عن ‏التغيير والتبديل.‏

وأوضح فضيلته أن التراث كما إنه ليس مقبولا كله اليوم، فهو أيضا ليس مرفوضًا ‏كله اليوم أيضا، كما يرى المتهورون ‏ممن لا معرفة لهم بقيمة هذا التراث ‏وشموخ منزلته في الخافقين، نعم تراثنا ليس كله قادرًا على مواجهة ‏مشكلات العصر، ‏لكنه ليس كله بعاجز عن التعامل معها، ومن هنا ‏كان تركيز أسلافنا على الحركة المتجددة التي هي خاصة هذا التراث، ‏‏والتي تتطلب لاستمرار هذا التراث حيًا مؤثرًا- فيما حوله- إلغاء ‏عناصر وإبقاء عناصر أخرى، واستدعاء عناصر ثالثة ‏من خارجه ‏حسب حاجة المجتمعات الإسلامية ومصلحتها.‏

وأكد شيخ الأزهر أن التجديد الدائم ‏في التراث هو المنوط به بقاء الإسلام دينًا حيًا متحركًا ينشر العدل ‏والرحمة والمساواة ‏بين الناس، والتراث حين يتخذ من" التجديد" أداة ‏أو أسلوبًا يعبر به عن نفسه يشبه التيار الدافق، والنهر السيال الذي ‏‏لا يكف لحظة عن الجريان، أو هكذا يجب أن يكون، وإلا تحول إلى ‏ما يشبه ماء راكدًا آسنًا يضر بأكثر مما يفيد، ‏والذين يظنون أنهم ‏قادرون على مواجهة المستجدات بمجرد استدعاء الأحكام الجاهزة من ‏تراث القرون الماضية، يسيئون- ‏من حيث يدرون أو لا يدرون- ‏لطبيعة هذا التراث العظيم، والتي ما أظن أن تراثًا آخر عرف بها من ‏قبل، وأعني بها ‏القدرة على التحرك لمواكبة الواقع المتجدد عبر خمسة ‏عشر قرنًا، وتنزيل الخطاب الإلهي عليه. ‏

واختتم فضيلة الإمام الأكبر  أن التراث هو صدى ‏لنصوص الوحي الإلهي؛ مفهومًا بطريقة معينة في عصر معين، فإذا ‏‏اختلفت طريقة استلهام النص تحرك التراث، وإذا ثبتت ثبت التراث ‏وتجمد، وثمتئذ يكون العيب في التراث المتوقف لا ‏في النص، مبينًا أن الخلط بين الفقه والشريعة أدى إلى الوقوع في التقليد ‏واتخاذه منهجًا ثابتًا في البحث عن حلول ‏لمشكلاتنا المعاصرة، وقد ‏استبدت هذه  الآفة بمسرح الثقافة الإسلامية في كثير من تجلياتها؛ فما زلنا نبحث ‏في آراء ‏القدماء عن إجابات لا تتطابق مع أسئلة القرن الحادي ‏والعشرين، وربما قصدنا إلى الرأي الأكثر حرجا ومشقة، وروجناه ‏‏بشكلياته وقشوره؛ رغبة في التميز والمخالفة من أجل المخالفة، ‏والتأكيد على الولاء لأجندات وتيارات ومذاهب لا داعي ‏للخوض ‏في تفصيلها، وهذا الأسلوب لا يكشف عن شيء من عظمة التراث ‏ولا حيويته التي هي رهن بقدرته على ‏إحداث تجليات جديدة ‏للنصوص، تتمثل في استخراج أحكام تلبي حاجات مستجدة؛ ‏ليست هي بالضرورة تلك ‏الحاجات القديمة، مشددًا أن الجمود من سمات الموت، وأن الحركة هي الخاصية الأولى ‏للحياة، وأن القرآن العظيم نعى في ‏كثير من آياته على التقليد ‏والمقلدين".‏و: إغفال التفرقة في فقهنا الإسلامي المعاصر بين ثوابت الشريعة ‏ومتغيراتها، واليوم نتحدث عن معوق آخر ‏لعب دورًا خطيرًا في تجميد ‏حركة "التجديد"، وبعث نزعات التقليد والتعصب، ‏وهذا العائق هو:‏ "عدم التفرقة بين ‏الشريعة، كنصوص إلهية من القرآن الكريم، أو نبوية ‏من السنة الصحيحة، وبين الفقه كاستنباطات العلماء واجتهاداتهم ‏في ‏هذه النصوص، واستخراج الأحكام منها"، ‏وإضفاء قدسية الشريعة على اجتهادات فقهائنا السابقين، واستدعاء ‏‏فتاواهم وآرائهم التي قالوها ليواجهوا بها مشكلات عصرهم.‏

‏وأضاف فضيلته خلال الحلقة السابعة عشر من برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب» الذي يذاع ‏للعام الخامس، ‏ أن ‏فقهاءنا السابقين ‏كانوا -رضي الله عنهم- يعلمون علم اليقين أنها اجتهادات بشرية، ‏ليست معصومة، ولا هي في منزلة ‏نصوص الشريعة، سواء ما كان ‏منها قطعي الثبوت ظني الدلالة، أو ما كان ظني الثبوت والدلالة، ‏وأنهم أنفسهم ما ‏كانوا يترددون في تغيير فتاواهم أو مذاهبهم التي ‏استقرت عليها فتاواهم إذا ما جد جديد في أمور المسلمين يتطلب ‏تغيير ‏هذه الفتوى أو تلك، حتى لا يصيبهم حرج ولا مشقة في الدين ‏بعدما امتن الله عليهم بأنه لا يريد لهم ذلك، وحتى لا ‏يتحمل الفقهاء ‏الأجلاء مسؤولية هذا الضرر أمام الله -تعالى- يوم القيامة. ‏

وأكد شيخ الأزهر أن الشريعة نصوص إلهية معصومة من الخطأ، أما الفقه فهو ‏استنباطات بشرية استنبطها العلماء ‏المختصون في هذا الحقل العلمي ‏الدقيق من الشريعة الإلهية المعصومة  وأن أي خلط بينهما سيؤدي ‏
‏- لا محالة - ‏إلى تأليه البشر وتقديس الفكر الإنساني‏، معتبرًا أن الفصل الحاسم بين الشريعة الإلهية والفقه البشري، بما ‏يقوله ‏العلماء من جواز إطلاق وصف الشريعة على الله -تعالى- ‏واستحالة إطلاق وصف "الفقه" عليه -تعالى- فيقال: ‏‏"الله هو ‏الشارع لهذه الأحكام"، ‏ولا يقال، ‏بل يستحيل أن يقال: "إنه -تعالى!- فقيه".‏

‏وبيّن فضيلته أن الشريعة ‏نصوص مقدسة، بينما استنباطات العلماء من فقهاء وأصوليين ‏ومفسرين ومحدثين ومتكلمين ‏معارف بشرية، أو تراث يؤخذ منه ‏ويترك، وهذه الاستباطات التي توفرت للمسلمين على مدى خمسة ‏عشر قرنًا من ‏الزمان هي ما يسمى ب"التراث" أو "تراث المسلمين" ‏بإطلاق عام، ثم يتخصص بعد ذلك فيقال:  التراث الفقهي، أو ‏‏التراث اللغوي، ‏أو الأدبي أو غير ذلك، موضحً أنه لا ينبغي- بل لا يصح- ‏أن يفهم من التركيز على التفرقة بين ‏الشريعة، وبين التراث الذي نشأ ‏حولها، أننا ندير ظهورنا للتراث الفقهي أو غيره، أو نقلل من أقدار ‏فقهائنا العظام الذين ‏لا يزالون حتى يومنا هذا محل احترام وتقدير ‏وإكبار في أروقة الجامعات الأوروبية والأمريكية والروسية واليابانية، ‏وغيرها ‏من الجامعات التي تعرف للعلم حقه، وللعلماء فضلهم ‏ومكانتهم.‏

وشدد شيخ الأزهر على أنه نحن حين نفرق بين الشريعة من جانب والفقه من جانب آخر لا ‏نقصد إلى أن نستبدل به ‏عناصر غريبة عنه: غربية أو شرقية تناقض ‏طبيعته، وتختلف معه منطلقا وغاية، وكل ما نقصد إليه هو ما قصده ‏أسلافنا ‏العظام حين نظروا إلى هذا التراث في حقيقته كنتاج علمي ‏وثقافي هائل قام بدوره المطلوب في بناء حضارة المسلمين ‏ونشرها في ‏الشرق والغرب، ولكنهم لم ينظروا إليه من منظور التراث المعصوم عن ‏التغيير والتبديل.‏

وأوضح فضيلته أن التراث كما إنه ليس مقبولا كله اليوم، فهو أيضا ليس مرفوضًا ‏كله اليوم أيضا، كما يرى المتهورون ‏ممن لا معرفة لهم بقيمة هذا التراث ‏وشموخ منزلته في الخافقين، نعم تراثنا ليس كله قادرًا على مواجهة ‏مشكلات العصر، ‏لكنه ليس كله بعاجز عن التعامل معها، ومن هنا ‏كان تركيز أسلافنا على الحركة المتجددة التي هي خاصة هذا التراث، ‏‏والتي تتطلب لاستمرار هذا التراث حيًا مؤثرًا- فيما حوله- إلغاء ‏عناصر وإبقاء عناصر أخرى، واستدعاء عناصر ثالثة ‏من خارجه ‏حسب حاجة المجتمعات الإسلامية ومصلحتها.‏

وأكد شيخ الأزهر أن التجديد الدائم ‏في التراث هو المنوط به بقاء الإسلام دينًا حيًا متحركًا ينشر العدل ‏والرحمة والمساواة ‏بين الناس، والتراث حين يتخذ من" التجديد" أداة ‏أو أسلوبًا يعبر به عن نفسه يشبه التيار الدافق، والنهر السيال الذي ‏‏لا يكف لحظة عن الجريان، أو هكذا يجب أن يكون، وإلا تحول إلى ‏ما يشبه ماء راكدًا آسنًا يضر بأكثر مما يفيد، ‏والذين يظنون أنهم ‏قادرون على مواجهة المستجدات بمجرد استدعاء الأحكام الجاهزة من ‏تراث القرون الماضية، يسيئون- ‏من حيث يدرون أو لا يدرون- ‏لطبيعة هذا التراث العظيم، والتي ما أظن أن تراثًا آخر عرف بها من ‏قبل، وأعني بها ‏القدرة على التحرك لمواكبة الواقع المتجدد عبر خمسة ‏عشر قرنًا، وتنزيل الخطاب الإلهي عليه. ‏

واختتم فضيلة الإمام الأكبر  أن التراث هو صدى ‏لنصوص الوحي الإلهي؛ مفهومًا بطريقة معينة في عصر معين، فإذا ‏‏اختلفت طريقة استلهام النص تحرك التراث، وإذا ثبتت ثبت التراث ‏وتجمد، وثمتئذ يكون العيب في التراث المتوقف لا ‏في النص، مبينًا أن الخلط بين الفقه والشريعة أدى إلى الوقوع في التقليد ‏واتخاذه منهجًا ثابتًا في البحث عن حلول ‏لمشكلاتنا المعاصرة، وقد ‏استبدت هذه  الآفة بمسرح الثقافة الإسلامية في كثير من تجلياتها؛ فما زلنا نبحث ‏في آراء ‏القدماء عن إجابات لا تتطابق مع أسئلة القرن الحادي ‏والعشرين، وربما قصدنا إلى الرأي الأكثر حرجا ومشقة، وروجناه ‏‏بشكلياته وقشوره؛ رغبة في التميز والمخالفة من أجل المخالفة، ‏والتأكيد على الولاء لأجندات وتيارات ومذاهب لا داعي ‏للخوض ‏في تفصيلها، وهذا الأسلوب لا يكشف عن شيء من عظمة التراث ‏ولا حيويته التي هي رهن بقدرته على ‏إحداث تجليات جديدة ‏للنصوص، تتمثل في استخراج أحكام تلبي حاجات مستجدة؛ ‏ليست هي بالضرورة تلك ‏الحاجات القديمة، مشددًا أن الجمود من سمات الموت، وأن الحركة هي الخاصية الأولى ‏للحياة، وأن القرآن العظيم نعى في ‏كثير من آياته على التقليد ‏والمقلدين".‏