السبت 06 ديسمبر 2025 الموافق 15 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
حازم عادل
مقالات الرأى

الحماية الجنائية من المساس بالطمأنينة

السبت 06/ديسمبر/2025 - 01:34 م
المستشار أسامة الصعيدي
المستشار أسامة الصعيدي

دعونا نعيش في دهاليز النفس البشرية من المنظور القانوني، أو بالأحرى هل للإيذاء النفسي أو المساس بالطمأنينة تجريم في قانون العقوبات المصري؟
وقبل الإجابة على هذا السؤال المهم أود في البداية تعريف النفس البشرية بعيداً عن التعريفات الكثيرة التي أثارت الجدل بين الفلاسفة وعلماء الدين، ويمكن تعريفها بأنها: "هي الإنسان ذاته بما له من روح وجسد".

وفي مقام الإجابة على السؤال المشار إليه نود التأكيد على أن الحق في الحياة والحق في سلامة جسم الإنسان يجدان الحماية الكافية في مقام قانون العقوبات سواء فيما يتعلق بجريمة القتل أو جريمة الضرب والمقصود بها الإيذاء البدني.

وفي ذات السياق لم يكن التشريع العقابي يعرف أو يجرم الإيذاء النفسي حتى جاءت التعديلات التشريعية في هذا الخصوص والتي أدُخلت على قانون العقوبات بإضافة المادة 309 مكرر (ب)  التي تعاقب على التنمر باعتباره شكل من أشكال الإساءة والإيذاء الموجه من قبل فرد أو مجموعة نحو فرداً أو مجموعة آخرى بهدف استعراض القوة أو السيطرة، سواء كان هذا الإيذاء ماديا أو معنويا، ثم أجرى المشرع تعديلاً آخر في قانون العقوبات بإضافة الباب السادس عشر الذي تضمن المادتين 375 مكرر، 375 مكرر (أ) من قانون العقوبات بشأن تجريمه الترويع والتخويف والمساس بالطمأنينة "البلطجة".
والترويع والتخويف والمساس بالطمأنينة جميعها تدخل ضمن مفهوم البلطجة التي جرمها قانون العقوبات ويكفي للعقاب مجرد التلويح بالعنف أو التهديد بقصد ترويع المجني عليه أو تخويفه بإلحاق أي أذى مادي أو معنوي به.

وحسناً فعل المشرع المصري بشأن تجريم التنمر والبلطجة في صورها المشار إليها لما تتضمنه من أخطار عديدة تحدق بالفرد والمجتمع والدولة ذاتها من جراء تصاعد هذه الظاهرة المدمرة فالقانون هنا يؤدي دوراً وقائياً في مواجهة الأفعال التي تهدد مصالح المجتمع والفرد معاً.

وفي النهاية يجب التأكيد على أن المساس بمشاعر إنسان وإيذائه معنوياً لا يقل خطورة عن إيذائه بدنياً بل قد يكون خطره أكثر، فمحل الحماية هو الإنسان ككل دون فرق بين الإيذاء المادي أو المعنوي.