ردًا على اتهامها بالبخل.. محمد صبحي يروي موقفًا إنسانيًا نادرًا لأم كلثوم
أعاد الفنان القدير محمد صبحي، فتح ملف "السير الذاتية" في الفن المصري، متخذًا من كوكب الشرق أم كلثوم نموذجًا للرفض القاطع لمحاولات تأصيل العيوب على حساب العبقرية الفنية، واصفًا نفسه بأنه "عاشق للست"، وروى قصة إنسانية تعود لخمسينيات القرن الماضي، لتكون ردًا عملياً على اتهامات البخل التي طالت سيدة الغناء العربي في بعض التناولات الدرامية.
واستعاد الفنان القدير محمد صبحي، خلال لقائه مع الإعلامي عمرو حافظ، ببرنامج “كل الكلام”، المذاع على قناة “الشمس”، ذكرياته حين كان طالبًا في الشهادة الإعدادية، يعمل قطع تذاكر ليؤمن مصروفه: "كنت أتقاضى جنيهًا واحدًا في اليوم، وادخرت 3 جنيهات لأشتري تذكارًا في الصف الأول بمنتصف المسرح، لأكون في مواجهة الست مباشرة".
وروى الفنان محمد صبحي، أن مدير المسرح طالبه بالتنازل عن مقعده لضيف أجنبي مهم، لكن كبرياء المصري وصغره في السن جعلاه يرفض بشدة، قائلًا: "أنا مصري ومن حقي أن أجلس أمام الست بمالي"، وعندما وصل الأمر لأم كلثوم، طلبت رؤيته، معقبًا: "دخلت غرفتها وهي تصفف شعرها، فابتسمت وقالت: (ده عيل)، ثم طلبت مني بلطف التنازل عن الكرسي مقابل تعويضي بمكان أفضل.. وضعتني خلف كواليس المسرح وقالت لي: سأغني لك أنت".
وتابع: لم تنتهِ القصة هنا، فبعد انتهاء الحفلة، قدمت لي الست أم كلثوم ظرفًا ظنيت أنه يحتوي على ثمن تذكرته (3 جنيهات)، لأكتشف أنها أهدتني 50 جنيهًا، وهو رقم خيالي وقتها (حيث كان راتبه الشهري كاملاً 30 جنيهاً)، متسائلًا: "بعد موقف كهذا، كيف يقال عنها بخيلة؟، وما الفائدة التي تعود على المشاهد من إبراز صفة كهذه حتى لو كانت موجودة؟".
وانطلاقاً من فيلم "الست" الأخير، ورغم إشادته بعبقرية صناعه ووصفه بالعمل العظيم، وجه عتابًا مهنيًا قائلًا: "أم كلثوم ليست ملاكًا، هي بشر تصيب وتخطئ، لكنها رمز لمصر؛ لماذا نُظهرها وهي تنهار بقلة أدب، أو تتعامل بعصبية مع والدها وأخيها؟، لماذا نصر على إظهار السيجارة والمخدرات في حياة المبدعين؟".
وأكد على مبدأ أخلاقي يطبقه على نفسه: "أنا مدخن، لكنني لم أمسك سيجارة واحدة في أي عمل فني منذ بداياتي، ولا أشربها في مكان عام، لأنني أدرك أن هناك أطفالًا قد يقلدونني، الفنان قدوة، وتاريخه ملك للوطن".
وجدد دعوته لتقديم السيرة الفنية لا السيرة الذاتية، موضحًا: "اهتموا بما قدمه المبدع من فن سيعيش مئات السنين، ولا تنبشوا في سلوكياته الشخصية التي لا تفيد المشاهد، نحن بهذا نسلخ تاريخنا بأيدينا".
وحذر من أن تحطيم الرموز هو جزء من معركة أكبر تهدف لإضعاف الهوية المصرية، مؤكدًا أن الدفاع عن أم كلثوم وغيرها من القامات ليس دفاعًا عن أشخاصهم، بل عن القوة الناعمة التي جعلت من مصر منارة حضارية لا تنطفئ.





