عاجل| "مابيعيشلهاش نائب".. حدائق القبة تعيد حكايتها الحزينة بعد وفاة 3 مرشحين بالانتخابات البرلمانية
تعود دائرة حدائق القبة اليوم إلى واجهة المشهد السياسي، ليس بحدة المنافسة أو سخونة المعارك الانتخابية، بل بقدرٍ يضرب موعده في كل دورة انتخابية تقريبًا، ليؤكد أن الدائرة تستحق عن جدارة لقب «الدائرة اللي مابيعيشلهاش نائب».
ففي كل استحقاق انتخابي تقريبًا، تمتد يد القدر لتختطف أحد المرشحين أو النواب أثناء اشتعال السباق أو بعد حسمه مباشرة، في سلسلة متكررة من الأحداث التي لا تشبه أي دائرة انتخابية أخرى في مصر.

حكاية بدأت منذ 2010.. ورحلة لا ينقطع فيها الفقد
ففي عام 2010 بدأت اللعنة السياسية ـ كما يسميها البعض من أهالي الدائرة ـ حينما توفي النائب المخضرم محمد عبدالعزيز شعبان بعد أيام من فوزه في جولة الإعادة، وقبل أن ينعقد المجلس رسميًا، لم تكد الدائرة تستوعب صدمة رحيله، حتى وجدت نفسها أمام مقعد شاغر وسيناريو قانوني معقد لم يكتمل بسبب أحداث ثورة يناير.
وفي عم 2016 تكرر المشهد بصورة أكثر قسوة، حين رحل النائب سيد فراج بعد صراع مع المرض، ليعيد فتح الدائرة من جديد لإجراء انتخابات تكميلية، فاز بها حسين أبوجاد بعد منافسة شرسة.

ومع كل دورة انتخابية، بدا وكأن الدائرة لا تنقطع عن كتاب الشهداء السياسيين، بين من يرحل بعد الفوز، ومن يغيب قبل أن يكتمل المشوار.
2025.. المشهد يتكرر من جديد
وفي الانتخابات الحالية، عاشت حدائق القبة فصلًا جديدًا من الحكاية ذاتها، بعد وفاة النائب والمرشح البارز أحمد جعفر، مرشح حزب مستقبل وطن، الذي توفي في صباح الخميس 11 ديسمبر 2025، أثناء وجوده في قلب السباق الانتخابي، وقبل أن يخوض جولة الإعادة.
وغيب الموت أحد أبرز أبناء الدائرة ممن حملوا العمل الحزبي والاجتماعي على عاتقهم، لتعم حالة من الحزن بين الأهالي وداخل الحزب، وتطرح تساؤلات قانونية صعبة حول مصير المقعد، وكيفية التعامل مع حالة وفاة داخل جولة إعادة بلا نص تشريعي مباشر.

من هو النائب أحمد جعفر؟
يعد النائب الراحل أحمد جعفر واحدًا من أبرز الوجوه الحزبية الشابة داخل حزب مستقبل وطن بمحافظة القاهرة، حيث شغل منصب أمين المتابعة والتواصل بالحزب، ونجح خلال سنوات نشاطه السياسي في بناء شبكة واسعة من العلاقات داخل دائرة حدائق القبة وخارجها.
عرف جعفر بقدرته على التواصل المباشر مع الأهالي، والعمل على حل المشكلات الخدمية داخل الدائرة، ما جعله يحظى بثقة شريحة كبيرة من الناخبين، انعكس حضورها في الجولة الأولى من انتخابات مجلس النواب 2025.
لم يكن صعود جعفر في الحياة السياسية وليد اللحظة، بل جاء عبر مسيرة من العمل الحزبي والتنظيمي، شارك خلالها في العديد من المبادرات المجتمعية وبرامج دعم المشاركة السياسية للشباب، وقد أظهرت نتائج الجولة الأولى حصوله على 9579 صوتًا ليتأهل إلى جولة الإعادة، قبل أن تأتي وفاته المفاجئة قبل أيام قليلة من انطلاقها، الأمر الذي أحدث صدمة واسعة داخل الدائرة وخارجها، وترك فراغًا حزبيًا وشعبيًا لدى زملائه ومؤيديه الذين اعتادوا حضوره الفعّال ودوره المتصاعد في المشهد السياسي المصري.
سباق لا يكتمل.. ومقعد يبحث عن الاستقرار
وصف الأهالي المشهد الأخير بأنه «ضربة موجعة» للدائرة، التي لم تستقر لسنوات على نائب يكمل مدته دون أن يغيب الموت أحد المنافسين أو الممثلين، مؤكدًا المشهد اليوم أن حدائق القبة أصبحت سجلًا انتخابيًا فريدًا، لا يمر فيه موسم انتخابي إلا ويمتزج فيه التنافس السياسي بشيء من الفقد، وبحكايات مرشحين تتوقف مسيرتهم قبل أن تكتمل، وكأن المقعد البرلماني فيها يرفض أن يستقر على صاحب واحد.
دائرة تكتب تاريخًا استثنائيًا
بين اللقب الشعبي القاسي «مابيعيشلهاش نائب» وبين الواقع الذي يعيد كتابة القصة نفسها كل بضع سنوات، تبدو حدائق القبة دائرةً تصنع تاريخًا برلمانيًا مختلفًا، تاريخًا ممتزجًا بالصدف الثقيلة، والتنافس الحاد، والرحيل المفاجئ، لتبقى الحقيقة أن هذه الدائرة، التي لا تشبه غيرها، ستظل محل نظر كل مراقب سياسي، لأنها ببساطة دائرة لا تكتمل فيها الحكاية بسهولة، ودائمًا ما تترك فصلها الأخير مفتوحًا للقدر.




