ليس التدخين وحده.. اسباب أخرى تسبب سرطان الرئة.
يُعرف التدخين بأنه السبب الرئيس لسرطان الرئة، إذ يقف خلف أكثر من 85 في المئة من الإصابات، ما دفع السياسات الصحية حول العالم إلى التركيز على تقليل معدلاته عبر منع التدخين في الأماكن العامة وتشديد القوانين على صناعة التبغ، إضافةً إلى حملات التوعية بخطورة التدخين السلبي.
إلا أنّ ما يغيب عن كثيرين هو أنّ سرطان الرئة لا يصيب المدخنين حصراً، إذ يمكن أن يظهر لدى أشخاص لم يمارسوا التدخين يوماً، فيتحوّل إلى “قاتل صامت” لأنهم يستبعدون احتمال إصابتهم به.
حالة تكشف خطأ الاعتقاد الشائع
لم تكن الرياضية ليسلي ستول، وهي غير مدخنة، تتوقع أن تُشخّص بسرطان الرئة من النوع غير صغير الخلايا، وهو الأكثر انتشاراً. فقد اكتُشف الورم صدفةً بعد إصابتها بكسر في قدمها وظهور جلطة رئوية. وقد مكّنها هذا الاكتشاف المبكر—في المرحلة الثانية—من الخضوع لعملية جراحية واستئصال الورم.
قصة ستول تؤكد أن المرض قد يُصيب غير المدخنين أيضاً، وأن تجاهل أعراضه يجعل التشخيص المتأخر أمراً شائعاً وخطيراً.
أسباب وعوامل خطر غير التدخين
يوضح طبيب الأورام مارون صادق أن التدخين يبقى العامل الأكثر خطورة، إذ يزيد احتمال الإصابة بسرطان الرئة بين 15 و30 مرة. لكنّه يشير في الوقت نفسه إلى عوامل أخرى قد تؤدي للإصابة، أبرزها:
1. التدخين السلبي
التعرّض لدخان السجائر في المنزل أو العمل قد يسبب سرطان الرئة، حتى لمن لم يدخنوا يوماً.
2. تلوث الهواء
الجزيئات الدقيقة والملوثات الصناعية وغازات المركبات ترفع خطر الإصابة.
3. التعرّض لمواد مسرطنة
مثل الأسبستوس الذي تسبّب تاريخياً بارتفاع كبير في الإصابات في مناطق لبنانية مثل شكا.
4. المولدات الكهربائية وانبعاثات الديزل
فالدخان المنبعث من المازوت يزيد خطر الإصابة بدرجة ملحوظة، وإن كانت أقل من خطر التدخين.
5. غاز الرادون
وهو غاز طبيعي مشع وغير مرئي، يُعد ثاني أهم سبب للإصابة بسرطان الرئة بعد التدخين.
6. المهن المعرّضة للمواد الكيميائية
بعض العمال يتعرضون لمبيدات ومواد صناعية سامة تُعد من مسببات السرطان.
7. العوامل الوراثية
قد تؤدي الطفرات الجينية الموروثة إلى زيادة القابلية للإصابة.
8. الاضطرابات الرئوية المزمنة
الأمراض المتكررة في الرئتين قد تزيد خطر الإصابة ببعض الأنواع.
يؤكد صادق أن فحص الكشف المبكر المعتمد هو الصورة المقطعية منخفضة الجرعة، وتوصى لمن تجاوزوا الخمسين ولديهم تاريخ تدخين لا يقل عن 20 علبة/سنة، إذ يساهم هذا الفحص في خفض الوفيات بنحو 25 في المئة أو أكثر.
أما غير المدخنين، فلا يُجرون الفحص عادةً، ما يؤدي إلى اكتشاف المرض في مراحل متأخرة.
أظهرت دراسة أجرتها الدكتورة نجاة عون صليبا في الجامعة الأميركية في بيروت، بين عامي 2010 و2023، ارتفاعاً كبيراً في مستويات المواد المسرطنة في الهواء، خصوصاً بسبب المولدات الكهربائية وانبعاثات الديزل.
وبيّنت الدراسة أن المستويات تجاوزت المعايير العالمية بثلاثة أضعاف، وترافقت مع ارتفاع لافت في أمراض القلب والسرطانات، خصوصاً في المناطق التي يشيع فيها التعرض للأسبستوس مثل شكا
تأكيدات من منظمة الصحة العالمية
تشير دراسات منظمة الصحة العالمية إلى وجود علاقة مباشرة بين تلوث الهواء وسرطان الرئة، إضافة إلى دوره في سرطانات الجهاز التنفسي الأخرى، مثل سرطان البلعوم، ما يجعل تلوّث البيئة سبباً لا يقل خطورة عن التدخين.
وتوضح صليبا أن مسببات السرطان تندرج تحت ثلاثة عوامل رئيسة:
1. العوامل السلوكية المرتبطة بنمط الحياة،
2. العوامل البيئية،
3. العوامل الاستقلابية التي تعد الأقل تأثيراً.
وتشير إلى أن الخطر الأكبر يأتي من السلوكيات والملوثات البيئية المحيطة.