الجمعة 05 ديسمبر 2025 الموافق 14 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
حازم عادل
عاجل

عاجل| مستندات تكشف مفاجآت جديدة فى أزمة فصل 28 مسعفا.. والمفصولون : خدونا لحم ورمونا عضم| خاص

الأحد 30/نوفمبر/2025 - 12:36 م
هيئة الإسعاف المصرية
هيئة الإسعاف المصرية

تتوالى المفاجآت للمسعفين داخل هيئة الإسعاف المصرية، ليسدل الستار عن موجة من القرارات التي أطاحت بعشرات العاملين ممن أفنوا عمرهم لإسعاف الأرواح، تبدأ الحكاية باعتراضات فردية ثم تتصاعد إلى شكاوى جماعية، قبل أن تتبلور في صورة مأساة إنسانية يعيشها مسعفون تم فصلهم لأسباب اختلفت ظاهرًا، لكن جمعها خيط واحد القرارات والإجراءات القاسية التي قلبت حياتهم رأسًا على عقب.

في هذا الصدد، حصل موقع «مصر تايمز» على وثيقة رسمية تفيد فصل 28 مسعفًا من هيئة الإسعاف المصرية، في خطوة أثارت جدلاً واسعًا حول مدى احترام القانون وحقوق العاملين في الطوارئ، حيث تحكي قصص هؤلاء المسعفين عن سنوات طويلة من الخدمة والإخلاص، قبل أن يجدوا أنفسهم فجأة خارج العمل، وتوقف رواتبهم وتراكم الديون، ما وضعهم هم  وأسرهم في مأزق حقيقي.

صورة من قرار الفصل 

25 سنة بخدم الناس واتفصلت على سرير مرضي

«اتفصلت على سرير مرضي»، بهذه الجمل الصادمة يروي حمادة أحمد عبدالعال، أحد المسعفين المفصولين من الهيئة بمحافظة أسيوط، أنه بعدما أمضى 25 عامًا في خدمة المريض والطوارئ، يجد نفسه اليوم خارج عمله للمرة الثانية، رغم أنه سبق أن خاض معارك قانونية مع الهيئة وكسبها جميعًا.

يقول المسعف لـ «مصر تايمز» إن أزمته الحالية أعادت إليه ذكريات مؤلمة، بعدما كان قد تعرض للفصل قبل سنوات، وبالتحديد في عام 2017، لكنه لجأ حينها للقضاء ورفع قضيتين ضد هيئة الإسعاف المصرية، وتمكن من كسبهما ليعود إلى عمله مرفوع الرأس، بل ويحصل على تعويض عن فترة فصله.

لكن المفاجأة كانت أنه وجد نفسه مرة أخرى خارج الخدمة قبل خمسة أشهر، رغم أنه كان في إجازة مرضية رسمية مدعمة بتقرير طبي ومبلغة للإدارة في موعدها، وقدم أيضًا تلغرافًا بالإجازة لتأكيد موقفه.

ويؤكد أن ما حدث معه يخالف قانون الخدمة المدنية بشكل واضح، الذي يفرق بين الغياب المبرر والغير مبرر، بينما حالته كانت مثبتة بأوراق رسمية، ومع ذلك، سجل غيابه باعتباره «انقطاعًا»، ليصدر القرار دون تحقيق جاد أو مراجعة للملف الطبي.

ويروي المسعف كيف انعكست الأزمة على حياته اليومية، خاصة بعد وقف راتبه طوال هذه الأشهر، الأمر الذي وضع أسرته تحت ضغوط مالية قاسية، يقول:«25 سنة بخدم الناس، وفي الآخر ألاقيني مفصول وأنا على سرير المرض».

ويشير إلى أنه حاول التواصل مع مسؤولي الهيئة أكثر من مرة على أمل إيجاد حل، لكن محاولاته قوبلت بالتجاهل، بل وتم إبلاغه، بشكل غير رسمي أن سبب الأزمة هو عدم تحسن تقييمه السنوي من  «فوق المتوسط» إلى «ممتاز»، ويصف ذلك بأنه تعنت إداري بلا أي أساس قانوني: «مفيش قانون في الدنيا يقول إن الموظف يتفصل علشان تقييمه مش ممتاز، ده ظلم صريح».

ويضيف أن نقابة المسعفين تدخلت بالفعل وأرسلت مخاطبات رسمية للهيئة، لكن الرد لم يصل حتى الآن، بينما ما يزال هو وزملاؤه ينتظرون أي بادرة انفراج، ليختتم حديثه بمرارة واضحة:«إحنا طول عمرنا في وش المدفع واللي طالبينه مش أكتر من حقنا وكرامتنا».

وحصل موقع «مصر تايمز» على نسخ من الأوراق الرسمية التي تثبت موقف المسعف في كل من فصله الأول والثاني، والتي تؤكد تقديمه للإجازة المرضية الرسمية وموافقة الإدارة عليها، بالإضافة إلى تقارير تثبت خبرته الطويلة ومدة خدمته.

ظروف عائلية وغياب ساعات إضافية

يقول أحد المسعفين الموقوفين عن العمل، والذي رفض ذكر اسمه، واجهت ظرفًا عائليًا صعبًا منعني من النزول في الدوريات الإضافية التي كانت تُطلب مني،  ورغم التزامه الكامل بمواعيده الرسمية، بدأ مشرفه في احتساب كل ساعة إضافية لم ينفذها، حتى تراكمت الساعات، وانتهى الأمر بقرار فصله من العمل.

متابعًا بصوت يملؤه الأسى: «ماكنتش متهرب من الشغل كنت بنزل شغلي الرسمي كامل بس ظروفي وقتها كانت أقوى مني، كان عندي ظرف عائلي، ومكنتش قادر أسيب البيت في الساعات الإضافية». 

لم يقتصر قرار الفصل عليه فقد تم الاستغناء عن عدد من زملائه لأسباب مختلفة  لكنه يرى أن حالته كان يمكن التعامل معها بطريقة أكثر إنسانية، خاصة أنه لم يقصر في أداء مهامه الأساسية.

يصف شعوره قائلًا: وجدت نفسي بلا وظيفة بعدما أفنيت سنوات في خدمة الناس وإنقاذ الأرواح، مختتمًا بنداء مؤلم: «أنا بناشد هيئة الإسعاف إنهم يراجعوا القرار، متابعًا: أنا مش طالب غير فرصة أرجع أشتغل تاني، لأن شغلي دا مش مجرد وظيفة، دا حياتي كلها».

إجازة اعتيادية تنتهي «خارج الخدمة»

يروي أحد المسعفين المفصولين، والذي رفض ذكر اسمه، معاناته بعد قرار فصله رغم خدمته الممتدة لأكثر من 21 عامًا، فقد تقدم بإجازة اعتيادية مدتها 72 يومًا بداية من 4 ديسمبر 2024 وتمت الموافقة عليها رسميًا، قبل أن يفاجأ في 6 ديسمبر بإخطاره بأن الهيئة تراجعت عن الموافقة، ليتم فصله دون أي إنذار أو تفسير.

يقول المسعف أنا خريج دفعة 2003 وحاصل على دبلوم تمريض،  مؤكدًا أنه من أوائل العاملين بمنظومة الإسعاف بمحافظتي منذ عام 2009، ويحمل ترخيص مزاولة مهنة وعضوية نقابية، وله سجل مهني طويل يثبت التزامه وخبرته، ويشير إلى أن أحد المشرفين كان يتعمد تقديم تقارير سرية ضده دون علمه، وهو ما أدى لاحقًا إلى قرار فصله.

يواجه المسعف إشكالية أخرى تتعلق بالنقابات، حيث اكد المسعف أنه مقيد بنقابة التمريض، والتي أكدت عدم مسؤوليتها لأنه يعمل كمسعف وليس كممرض، وبعد أن حاول التواصل مع نقابة المسعفين للمساعدة لم يتمكن من الوصول إلى حل أيضًا، ما جعل وضعه القانوني والإداري أكثر تعقيدًا.

متابعًا: أعاني أنا وأسرتي منذ خمسة أشهر بلا راتب مع تراكم الديون، مطالبًا في نهاية روايته الجهات المختصة بإعادة حقه بعد سنوات طويلة من الخدمة في الطوارئ، لينهي قصته: بينما أعاني لسداد ديوني فوجئت بإعلان هيئة الإسعاف المصرية عن فتح باب التقديم لآلاف الوظائف الجديدة داخل الهيئة، منها وظائف للخدمات الإسعافية والقيادة، بعضها بمؤهلات وصفها بأنها «أقل من مؤهلات المسعفين المفصولين»، هذا التزامن بحسب قوله زاد من شعوره باليأس.

تحرك قانوني مرتقب

من جانبه، أوضح الدكتور وائل سرحان نقيب المسعفين، لـ «مصر تايمز» أن نقابة المسعفين حاولت التواصل مع هيئة الإسعاف أكثر من مرة لبحث أزمة المفصولين، إلا أنها لم تتلقَّ أي رد حتى الآن، ما دفعها لاعتبار الأمر قضية عامة وليست حالات فردية، وأكد أن الأزمة توسعت لتشمل عشرات المسعفين الذين تم احتساب إجازاتهم المرضية كغياب.

وشدد النقيب على أن النقابة ستدعم جميع الحالات بكافة الأوراق الرسمية والتقارير الطبية ونصوص القانون لإثبات بطلان قرارات الفصل، مع إمكانية الاستعانة بمحامٍ ورفع دعوى قضائية لإلغاء القرارات والمطالبة بالتعويض عن الأضرار، وقال:«مشكلتنا مع هيئة الإسعاف تتعلق بالغيابات المرضية التي تم احتسابها خطأ كغياب»، مضيفًا: «النقابة مستعدة للشهادة مع الزملاء أمام المحكمة، هذه دعوى عامة وليست شخصية، وسندعم كل مفصول بالأوراق اللازمة».

ما يقوله القانون

تنظم قوانين الخدمة المدنية في مصر عمل موظفي الدولة بمن فيهم موظفي هيئة الإسعاف، وتحدد حقوقهم وواجباتهم بدقة، حيث ينص قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 ولائحته التنفيذية على أن ساعات العمل الرسمية للعامل تصل إلى 42 ساعة أسبوعيًا، تشمل النوبتجيات الرسمية المعتمدة، مع مراعاة حقوق العاملين في الإجازات والراحة الأسبوعية، كما يميز القانون بين الغياب المبرر وغير المبرر، وينص على أن الغياب دون إذن أو عذر مقبول لمدة 30 يومًا متقطعة خلال العام قد يؤدي إلى اتخاذ إجراءات إدارية تصل إلى الفصل، بعد إخضاع الموظف للتحقيق وتوفير فرصة للرد، بما يضمن احترام حقوقه القانونية.

كما يؤكد قانون الخدمة المدنية، أنه لا يجوز استخدام تقييم الأداء السنوي كأساس للفصل، أو تحميل الموظف تبعات غياب ساعات إضافية لم تفرض عليه قانونيًا، ما يعني أن أي فصل خارج هذه الحدود يعد مخالفة صريحة للقانون وتضيف لائحة الخدمة المدنية إجراءات حماية واضحة، بما يضمن أن أي جزاء إداري بما في ذلك الفصل يجب أن يكون مدعومًا بمستندات وأسباب قانونية، ويتيح للموظف اللجوء للقضاء لاستعادة حقوقه.

وظائف حقيقة بالإسعاف

ومنذ أيام، أعلنت هيئة الإسعاف المصرية عبر الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، عن فتح باب التعيين لعدد كبير من الوظائف الجديدة داخل المنظومة، بإجمالي 4000 وظيفة في التخصصات الإسعافية والقيادية، وشملت المسابقة تعيين 2500 في وظيفة «مساعد أخصائي خدمات إسعافية ثالث»، و1000 في وظيفة «أخصائي قيادة سيارة طبية مجهزة ثالث»، و500 في وظيفة «فني قيادة سيارة إسعاف طبية مجهزة رابع»، وذلك وفقًا لأحكام قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 ولائحته التنفيذية، وفقد أكدت الهيئة أن هذه الخطوة تأتي ضمن خطة دعم الكوادر وتجديد الدماء في مواقع العمل المختلفة، بما يضمن رفع كفاءة تقديم الخدمات الإسعافية في المحافظات.

واشترطت الهيئة عددًا من الضوابط للتقديم، أبرزها ألا يزيد عمر المتقدم عن 30 عامًا، وأن يكون حسن السيرة ولم يسبق فصله تأديبيًا، بالإضافة إلى الحصول على المؤهل المناسب لكل وظيفة، واجتياز الاختبارات والكشف الطبي وتحليل المخدرات، كما شدد الإعلان على ضرورة تقديم المستندات بصيغتها الأصلية الملوّنة، وسداد رسوم التقديم عبر البنوك الحكومية، ومن المقرر أن يفتح باب التقديم عبر بوابة الوظائف الحكومية خلال الفترة من 20 نوفمبر حتى 3 ديسمبر 2025، باعتبارها الجهة الوحيدة المعتمدة لتلقي طلبات التوظيف وإعلان النتائج رسميًا، ولتفاصيل والتقديم عبر بوست الهيئة على منصة «فيسبوك» الآتي:

لا يوجد رد 

وفي محاولة لتوثيق موقف الهيئة رسميًا، حاول موقع مصر تايمز التواصل مع إدارة هيئة الإسعاف المصرية، لمعرفة تعليق الهيئة على أوضاع المسعفين المفصولين، إلا أنه لم يتم تلقي أي رد حتى الآن…