مشروع الضبعة يعزز توطين التكنولوجيا النووية ويؤهل جيلا جديدا من المهندسين المصريين
خبراء: الطاقة النووية تخفض فاتورة الوقود وتحقق لمصر أمنًا واستقرارًا كهربائيًا لعقود
قال الخبير الاقتصادي علي الإدريسي إن افتتاح محطة الضبعة النووية يمثل نقطة تحول حقيقية في البنية الاقتصادية المصرية، باعتباره أول دخول رسمي لمصر إلى عصر الطاقة النووية السلمية.
وأوضح الإدريسي لـ "مصر تايمز "، أن هذا المشروع يوفّر للبلاد أحد أهم مصادر الكهرباء المستقرة ومنخفضة التكلفة على المدى الطويل، بما يخفف الضغط على الموازنة العامة عبر تقليص الاعتماد على استيراد الوقود الأحفوري، ويعزز أمن الطاقة في ظل تزايد الطلب المحلي.
وأضاف أن محطة الضبعة سيكون لها تأثير مباشر على رفع تنافسية الصناعة المصرية من خلال توفير طاقة أرخص وأكثر استقرارًا، وهو ما ينعكس على خفض تكاليف الإنتاج وتشجيع الاستثمارات الصناعية. واعتبر الإدريسي أن المشروع يمثل أيضًا أحد أكبر نماذج التعاون الدولي الناجح، الأمر الذي يعزز ثقة المستثمرين في قدرة الدولة على تنفيذ مشروعات استراتيجية كبرى بكفاءة واستدامة.
وأكد الإدريسي أن المشروع سيخلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، إلى جانب دوره في نقل التكنولوجيا النووية والخبرات الفنية المتقدمة إلى السوق المحلي، خاصة مع خطط تعميق المكوّن المحلي تدريجيًا خلال مراحل التنفيذ والتشغيل.
وأكد الادريسي على أن دخول مصر نادي الدول النووية يعكس تحولًا جوهريًا نحو تنويع مصادر الطاقة وتقليل المخاطر ورفع القدرة الإنتاجية للاقتصاد، بما يدعم النمو المستقبلي ويضع البلاد في موقع أقوى لمواكبة التحولات العالمية في قطاع الطاقة.
كبير المفتشين النوويين السابق عن مشروع الضبعة النووية: حلم كانت تنتظره مصر منذ 60 عاما
وقال الدكتور يسري أبو شادي، كبير المفتشين النوويين السابق بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، إن مشروع محطة الضبعة النووية يمثل إنجازًا كبيرًا لمصر بعد أكثر من 60 عامًا من الانتظار، خصوصًا مع وضع وعاء الضغط العالي في قلب المفاعل، ما يضع المحطة على طريق العمل خلال سنتين إلى ثلاث سنوات، مؤكدا أن الطاقة النووية تُعد من أرخص مصادر الطاقة على المدى الطويل، حيث تصل تكلفة الوقود النووي إلى نحو 20–30 مليون دولار سنويًا مقارنة بمليار دولار إذا اعتمدت مصر على الوقود الأحفوري كالنفط أو الغاز الطبيعي.
وأوضح أبو شادي، خلال مداخلة على قناة "إكسترا نيوز"، أن المفاعل المستخدم في الضبعة من الجيل الثالث المتطور، وقد صُمم لتفادي جميع الأخطاء والحوادث النووية التي حدثت في الماضي، مثل ما جرى في اليابان أو تشيرنوبيل، مع وجود 8 مصادر طوارئ للكهرباء وأنظمة أمان متعددة، إضافة إلى "وعاء انصهار قلب المفاعل" الذي يضمن احتواء الوقود النووي في أسوأ الحوادث دون أي انتشار للإشعاعات أو التلوث.
وأشار إلى أن مصر تستفيد من خبرة الجانب الروسي في بناء المفاعلات، حيث تبلغ نسبة مشاركة الصناعة المصرية في البناء حاليًا نحو 25%، ومن المتوقع أن تصل إلى 40%، بينما يمكن في المفاعلات المستقبلية أن تتجاوز نسبة المشاركة 50%، مضيفا أن المشروع يسهم في تدريب الكوادر المصرية وتعزيز خبراتهم في مجالات الهندسة النووية والصناعة المتقدمة، بما يضع مصر على طريق مرحلة جديدة من استخدام وتوطين التكنولوجيا النووية.
وأكد أبو شادي أن مصر تمتلك كوادر علمية وتجربة تاريخية منذ خمسينات القرن الماضي، وقد تم إرسال مهندسين وعلماء لتلقي التدريب والخبرة في الخارج، ما يجعل الدولة مؤهلة للمشاركة بشكل فعال في المشروع، موضحا أن الطاقة النووية توفر مصدرًا مستمرًا للكهرباء يمكن أن يعمل لمدة 60–70 سنة، كما يمكن الاستفادة من مياه تبريد المحطة في مشاريع تحلية المياه.
الرئيس عبدالفتاح السيسي يشه تركيب وعاء ضغط المفاع الخاص بالضبعة النووية
وشارك الرئيس عبد الفتاح السيسي، والرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية، اليوم، عبر تقنية الفيديو كونفرانس، في مراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل الخاص بالوحدة الأولى من محطة الضبعة النووية، وذلك بالتزامن مع الاحتفال بالعيد المصري الخامس للطاقة النووية الذي يوافق 19 نوفمبر من كل عام.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن الفعالية بدأت بعرض فيلم تعريفي حول المشروع النووي المصري، تلاه كلمات لكل من أليكسي ليخاتشوف المدير العام لشركة "روس آتوم"، والمهندس محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، إضافة إلى كلمة مسجّلة لرافائيل غروسي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفيما يلي أبرز ما جاء في كلمة الرئيس السيسي خلال الفعالية:
افتتح السيد الرئيس كلمته بالإعراب عن تقديره واعتزازه بمشاركة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هذا الحدث التاريخي، مؤكداً أن تركيب وعاء ضغط المفاعل وتوقيع أمر شراء الوقود النووي يمثلان خطوة محورية في مسيرة تنفيذ مشروع محطة الضبعة النووية. كما وجّه الشكر للرئيس بوتين على دعمه المستمر واهتمامه الكبير بإنجاح المشروع، معرباً عن امتنانه لكل الحضور والمشاركين.
وأشار الرئيس إلى أن مصر تسطر اليوم صفحة جديدة في تاريخها، بعد عقود ظل خلالها الحلم النووي المصري يراود الأجيال. وقال إن المشروع بات حقيقة على أرض الواقع بفضل الإرادة والعمل الجاد، وسط علاقات استراتيجية راسخة تربط بين مصر وروسيا، تقوم على التفاهم والاحترام المتبادل، مهما كانت التحديات الدولية.
وأضاف أن هذا الحدث يعكس امتدادًا لعقود من الشراكة المثمرة بين البلدين، بدءًا من بناء السد العالي، وصولاً إلى مشروع محطة الضبعة النووية، الذي يمثل قيمة استراتيجية كبرى ويسهم في بناء مستقبل أكثر تقدماً واستدامة.
وأكد الرئيس السيسي أن الأزمات العالمية المتلاحقة في قطاع الطاقة وارتفاع أسعار الوقود الأحفوري تبرز أهمية القرار الاستراتيجي الذي اتخذته الدولة بإحياء البرنامج النووي السلمي، باعتباره خيارًا وطنيًا يضمن توفير طاقة نظيفة وآمنة تدعم رؤية مصر 2030، وتعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة.
كما شدد على أن مشروع الضبعة النووية يمثل نقلة نوعية في مسار توطين المعرفة، وتدريب الكوادر الوطنية، ونقل التكنولوجيا، وإعداد جيل جديد من المتخصصين في مجالات الطاقة النووية والتصنيع الثقيل، إضافة إلى توفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.
وفي ختام كلمته، جدّد الرئيس السيسي شكره للرئيس بوتين ولكافة الخبراء والمهندسين والعمال من الجانبين المصري والروسي، على جهودهم المخلصة التي أسهمت في تحقيق معدلات تنفيذ غير مسبوقة، داعيًا الجميع إلى مواصلة العمل وفق أعلى المعايير العالمية، لتعزيز موقع مصر على خريطة الاستخدامات السلمية للطاقة النووية ودعم مسيرة التنمية المستدامة.





