احذر جرثومة المعدة… العدوّ الخفي الذي يتنكّر في هيئة “حموضة”
يحذّر الدكتور محمد صفيان اخصائي الجهاز الهضمي والكبد من الاستهانة بجرثومة المعدة، إذ يرى أن شريحة واسعة من الناس تتعامل معها باعتبارها مشكلة عابرة تشبه “الحموضة” أو اضطراب الهضم المؤقت. غير أن الحقيقة، كما يوضح، أن هذه البكتيريا تمتلك قدرة مذهلة على التخفي داخل المعدة، والبقاء فيها لسنوات طويلة من دون أن يشعر المريض بخطرها، مسببةً اضطرابًا في الهضم، والمزاج، والطاقة.
فالجرثومة ليست ألمًا عابرًا؛ بل قادرة على تغيير نمط إفراز الحمض، وإحداث التهاب مزمن، والتأثير على هرمونات الجوع والشبع، وهو ما يجعل أعراضها قريبة من مظاهر التوتر النفسي رغم أن السبب في جوهره عضوي تمامًا.
واضاف صفيان أن المعدة بطبيعتها بيئة شديدة الحموضة يفترض أن تقضي فورًا على أي ميكروب، لكن جرثومة المعدة تعتمد ثلاث آليات بارعة للبقاء:
1. إفراز إنزيم “Urease”
الذي يخفّف الحموضة المحيطة بها، مما يتيح لها الاستمرار داخل المعدة.
2. الاختباء داخل طبقة المخاط المبطن لجدار المعدة
مما يحول دون وصول الحمض أو المضادات الحيوية إليها بسهولة.
3. إحداث التهاب مزمن في جدار المعدة
وهو ما يؤدي إلى الألم والغثيان واضطراب الهضم.
أعراض خفيه لا يتوقع المريض أنها مرتبطة بجرثومة المعدة:
وقال الدكتور صفيان، لا تظهر الأعراض دائمًا بصورة حادة، بل قد تكون مجموعة من العلامات اليومية منها:
الشبع السريع
مرارة الفم
غثيان الصباح
الدوخة بعد الوجبات
الصداع المتكرر
الخمول بعد الطعام
الانتفاخ الدائم
نوبات جوع مفاجئة
توتر أو عصبية
ألم أعلى البطن بعد الأكل
الفحوص الأدق لتشخيص جرثومة المعدة:
أشار الدكتور صفيان على أن بعض الاختبارات لا تعكس واقع نشاط الجرثومة بدقة:
تحليل الدم IgG
لا يحدد ما إذا كانت العدوى نشطة، وقد يبقى إيجابيًا لسنوات.
تحليل البراز (H. pylori Antigen)
من أكثر التحاليل دقة وسرعة في اكتشاف الجرثومة.
اختبار النفس (Urea Breath Test)
الأفضل لتحديد نشاط الجرثومة داخل المعدة.
العلاج… برنامج متكامل لا يقتصر على "مضادين وخلاص"
يؤكد الدكتور صفيان أن علاج جرثومة المعدة يتطلب خطة علاجية شاملة يشرف عليها الطبيب، وتشمل عادة:
أدوية خافضة للحموضة للمساعدة في تهدئة الالتهاب وتعزيز فعالية العلاج.
استخدام مضادين حيويين معًا يحددهما الطبيب بناءً على حالة المريض.
أدوية داعمة لشفاء بطانة المعدة.
مكمّلات البروبيوتيك لاستعادة التوازن البكتيري الطبيعي بعد العلاج.
أدوية للارتجاع عند الحاجة.
ويحذّر الدكتور صفيان من تناول أي بروتوكول علاجي دون استشارة طبية، نظرًا لاختلاف مقاومة المضادات الحيوية بين المرضى.
نصائح غذائية تساعد المعدة خلال فترة العلاج:
أطعمة مناسبة وهادئة على المعدة
الكوسة والجزر المسلوق
البطاطس المهروسة
البامية والسبانخ المطبوخة
العدس الخفيف دون توابل
السمك الأبيض والدجاج المسلوق
الموز والتفاح المسلوق والكمثرى
الزبادي الخفيف والجبن القريش
الأرز والمكرونة والخبز الأبيض
أطعمة قد تزيد الالتهاب:
الحمضيات والصلصة
المقليات والدهون
القهوة والشاي الثقيل
الفول والبقوليات
الشطة والبصل والثوم النيّ
متى نعلم أن الجرثومة اختفت أو شفيت تماما من هذه الأعراض؟
يشير الدكتور صفيان إلى أن بوادر التحسن تظهر من خلال:
اختفاء المرارة
تراجع الانتفاخ
تحسن غثيان الصباح
زوال ألم فم المعدة
تحسن النوم
عودة الشعور بالارتياح بعد الأكل
لكن التأكد النهائي لا يكون إلا عبر إعادة الفحص بعد شهر من انتهاء العلاج، مع التوقف عن أدوية الحموضة قبل الفحص بعشرة أيام.
يؤكد الدكتور صفيان أن جرثومة المعدة ليست “آلامًا عابرة” ولا “حموضة بسيطة”، بل عدوى تحتاج علاجًا مدروسًا، ونظامًا غذائيًا مناسبًا، ومتابعة دقيقة مع الطبيب.
وإذا استمرت الأعراض بعد العلاج، فمراجعة طبيب الجهاز الهضمي على الفور.