الجمعة 05 ديسمبر 2025 الموافق 14 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
حازم عادل
أخبار

المتحف المصري الكبير.. كيف صمد مشروع القرن أمام تغيّر الحكومات والسياسات؟| خاص

السبت 01/نوفمبر/2025 - 03:51 م
 المتحف المصري الكبير
المتحف المصري الكبير

على مدار أكثر من عشرين عامًا، ظلّ المتحف المصري الكبير مشروعًا استثنائيًا يتجاوز حدود الزمان والسياسة، مشروع وُلد في بدايات الألفية الجديدة، وعبر أربع حكومات متعاقبة وعدة وزراء آثار، ظلّ حلمًا مصريًا يتشكل بالحجر والفكرة، يتأثر أحيانًا بتقلبات المشهد السياسي والاقتصادي، لكنه لا ينكسر.


فكرة تحوّلت إلى صرح عالمي

 

تعود فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير إلى تسعينيات القرن الماضي، حين بدأت الدولة المصرية التفكير في إقامة مشروع ضخم يليق بعظمة حضارتها القديمة. وفي عام 2002، تم وضع حجر الأساس للمتحف في موقع فريد يطل على أهرامات الجيزة الخالدة، ليكون همزة وصل بين ماضي مصر العريق ومستقبلها الثقافي المشرق.


وأعلنت مصر آنذاك، برعاية منظمة اليونسكو والاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين، عن مسابقة معمارية دولية لاختيار أفضل تصميم للمتحف، فاز بها مكتب هينغهان بنغ للمهندسين المعماريين بأيرلندا، الذي استوحى تصميمه من امتداد أشعة الشمس من قمم الأهرامات الثلاثة لتلتقي في كتلة مخروطية تجسد المتحف نفسه.


بدأت أعمال البناء رسميًا في مايو 2005، حيث تم تمهيد الموقع وتجهيزه، وتبعه إنشاء أكبر مركز لترميم الآثار في الشرق الأوسط عام 2006، ليكون الذراع العلمية للمتحف في حفظ وصيانة القطع الأثرية المقرر عرضها. وقد افتُتح المركز رسميًا عام 2010، ليصبح نموذجًا متكاملًا في الترميم والتأهيل وفقًا لأحدث المعايير الدولية.

ومع اندلاع ثورة يناير 2011، وما تبعها من تولي الرئيس السابق محمد مرسي الحكم، واجه المشروع فترات من التباطؤ نتيجة الظروف السياسية والاقتصادية التي مرت بها البلاد، إلا أنه استمر ضمن أولويات الدولة باعتباره مشروعًا قوميًا يتجاوز التغيرات الحكومية.


وشهد المشروع نقلة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي وجّه بتوفير الدعم الكامل له باعتباره أحد رموز القوة الناعمة لمصر، ومشروعًا يعكس استمرارية الدولة المصرية وقدرتها على إنجاز ما بدأته مهما تغيّرت الظروف والسياسات.


ومع مرور المتحف المصري الكبير على أربع حكومات وتعاقب عدد من وزراء الآثار،يبرز السؤال حول هل غيّرت السياسة اتجاه المشروع؟ وكيف أثر تغييرات الوزارات والحكومات على خطط تصميم المتحف وتنفيذه؟


نائب رئيس حزب الوعي: الدولة المصرية جسدت نموذج الاستمرارية رغم التحديات

 

أكد المهندس حسام الدين علي، النائب الأول لرئيس حزب الوعي، أن مشروع المتحف المصري الكبير يمثل نموذجًا واضحًا لاستمرارية الدولة المصرية وقدرتها على الحفاظ على رؤيتها الاستراتيجية رغم تعاقب الحكومات وتغير الأنظمة السياسية.

وقال علي في تصريحات خاصة لـ "مصر تايمز" إن المشروع بدأ في عهد سابق، وواجه خلال مسيرته تحديات سياسية واقتصادية معقدة، خاصة خلال فترة حكم جماعة الإخوان، التي لم تُبدِ اهتمامًا حقيقيًا بالمشروعات الحضارية والثقافية، مما أدى إلى تباطؤ العمل في تلك المرحلة.

وأوضح حسام الدين علي أن ما يميز الدولة المصرية هو إصرارها على استكمال ما بدأته، حيث واصلت الحكومات المتعاقبة العمل بجدية على تنفيذ هذا المشروع الضخم، رغم الظروف الأمنية والاقتصادية الصعبة التي مرت بها البلاد.

وأضاف أن مصر أثبتت قدرتها على النهوض من جديد في مجالات الآثار والسياحة والثقافة، مشيرًا إلى ما شهدته السنوات الأخيرة من نهضة واضحة تمثلت في نقل المومياوات الملكية، وتجديد المتاحف، وإنشاء أخرى جديدة في العاصمة الإدارية وغيرها من المحافظات.

وأوضح المهندس حسام الدين علي أن المشروع واجه تباطؤًا نسبيًا خلال فترة حكم جماعة الإخوان، مشيرًا إلى أن تلك المرحلة لم تُولِ الاهتمام الكافي للمشروعات الثقافية والحضارية الكبرى، نظرًا لاختلاف أولوياتها السياسية والاقتصادية في ذلك الوقت، وهو ما انعكس على وتيرة العمل في المتحف.
وأكد نائب رئيس حزب الوعي أن ما تحقق من إنجازات في المتحف المصري الكبير يعبّر عن وعي القيادة السياسية والشعب المصري الذي تحمّل الكثير من أجل استكمال هذا المشروع الوطني، مؤكدًا أن مردوده الاقتصادي والثقافي سيكون هائلًا في المستقبل، وأن مصر استعادت من خلاله رونقها الحضاري وقدرتها على تقديم تراثها للعالم بصورة تليق بتاريخها.

 

مجدي حمدان: المتحف مشروع دولة ولا يرتبط بالحكومات

 

أكد الدكتور مجدي حمدان، القيادي بالحركة المدنية الديمقراطية وأحد قيادات جبهة الإنقاذ، أن المتحف المصري الكبير يُعد مشروع دولة وليس مشروع حكومة بعينها، مشيرًا إلى أنه لا ينبغي أن يرتبط تنفيذ مثل هذه المشروعات القومية بتغيّر الحكومات أو تبدّل الوزراء.

وأوضح حمدان أن الرؤية المعمارية والعلمية للمتحف ظلت ثابتة منذ انطلاق المشروع، إلا أن تعدد الإدارات وتغيّر الأولويات السياسية والاقتصادية أثّر بشكل واضح على الجدول الزمني للتنفيذ، مما أدى إلى امتداد فترة العمل لسنوات طويلة، وهو ما أقرت به الحكومات المتعاقبة في تصريحاتها الرسمية بشأن التأخيرات الناتجة عن الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية التي مرت بها البلاد.

ودعا القيادي بالحركة المدنية الديمقراطية إلى اعتماد إدارة أكثر استقرارًا وشفافية في المشروعات القومية الكبرى، حتى لا تتحول مواعيد افتتاحها إلى أدوات دعائية أو رسائل إعلامية، بل تكون استحقاقًا حضاريًا يُعلن عند اكتمال الإنجاز فعليًا.

وشدد على أن المتحف المصري الكبير مشروع وطني استثنائي يجب أن يُدار بما يليق بقيمة مصر التاريخية والحضارية، بعيدًا عن تقلبات السياسات وتغيّرات الحكومات.