تحريم التشبه بصور الفراعنة يشعل غضب المصريين قبل افتتاح المتحف الكبير.. وشيخ الأزهر يحسم الجدل بتهنئة

أثارت الصور المنتشرة مؤخرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي استخدم فيها عدد من الشباب الذكاء الاصطناعي لتصميم صورهم بملابس فرعونية؛ احتفالًا بافتتاح المتحف المصري الكبير، المقرر أن يحضره عدد كبير من زعماء وملوك وأمراء ورؤساء العالم في الأول من نوفمبر، جدلًا واسعًا خاصة بعدما خرج أحد رواد السوشيال الميديا بمنشور يحرّم خلاله التشبه بصور الفراعنة.

فيما عبّر كثير من المصريين ردًا على هذا المنشور عن رفضهم لفكرة التحريم، مستندين إلى أن الحضارة المصرية القديمة جزء من هويتهم التاريخية التي لا تتعارض مع الدين أو العقيدة، معتبرين أن الفخر بالمصريين القدماء لا يعني تقليدهم أو تقديسهم، بل تقدير إرث حضاري وإنساني صنع مكانة مصر بين الأمم منذ آلاف السنين.

وانهالت التعليقات على هذا المنشور لتعكس تمسك المصريين بجذورهم واعتزازهم بتاريخهم، سيما أن هذا الجدل جاء بالتزامن مع احتفالات مصر بافتتاح المتحف المصري الكبير الذي يرمز لاستمرار رسالة مصر الحضارية للعالم.

آراء المواطنين

وجاء تعليق المواطنة مها محمود قائلة: "كاتب هذا المنشور نفسه جاهل بالمصريين القدماء، وأساسًا اسمهم المصريين القدماء مش فراعنة".

وأشار سليم رؤوف في تعليق آخر؛ إلى أن "صاحب المنشور بيهبد، اسمهم المصريين القدماء، وكان فيهم زمن التوحيد أيام سيدنا يوسف، وكانت آسيا زوجة فرعون من الموحدين"، فيما ، تساءل نادر خالد خلال تعليقه قائلًا: "هل أحد يطول ليشبه الفراعنة؟".

وأوضحت ليلى حامد، قائلة: "حقبة من المصريين القدماء كانت مؤمنة بالله، وبعدين دا لبسهم وكلامهم فقط"، فيما علق حسن عادل، قائلًا: "إنت تطول تتحشر معاهم أصلًا، دول مكنوش بيتاجروا بدينهم ولا مدعي تدين."

رأي الإسلام في التعامل مع صور الفراعنة

وتعليقًا على هذا الجدل الدائر، تناول موقع «إسلام ويب» في إحدى فتاواه حكم التعامل مع صور الفراعنة، موضحًا أن تعليق صور ذوات الأرواح، خاصة إذا كانت لأقوام كافرة كالفراعنة، يزداد تحريمه لما فيه من مظاهر التعظيم أو التقديس.

وأضاف: لكن الموقع أشار أيضًا إلى أن الرسوم أو الصور ذات الطابع الحضاري، التي لا تتضمن ما يخالف الشريعة الإسلامية أو لا تُوضع في موضع يُتخذ للعبادة أو الصلاة، لا حرج في اقتنائها أو عرضها.

وتابع: ويُفهم من هذا الرأي أن التعامل مع صور الحضارات القديمة لا يُقيَّم لمجرد انتمائها للتاريخ، بل وفق النية والسياق؛ فإذا كانت بهدف التعلم أو إبراز القيمة التاريخية والفنية، فهي مباحة، أما إن حملت معنى التقديس أو المحاكاة الدينية، فذلك غير جائز.

رأي الشيخ مظهر شاهين

"الاهتمام بالآثار والحضارات القديمة ليس خروجًا عن الإسلام ولا مخالفةً لعقيدته، بل هو امتداد لروح العلم والتأمل التي دعا إليها القرآن الكريم، بهذه الكلمات علق الشيخ مظهر شاهين، داعية إسلامي، مضيفًا: إذ أمرنا بالنظر في سنن من قبلنا، كما في قوله تعالى: «قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ».

وأكد شاهين أن المسلم لا يقدّس الآثار ولا يعبدها، بل يراها شواهد على عبقرية الإنسان وقدرته على البناء، مضيفًا أن الزعم بأن المصريين القدماء عبدة أصنام باطل، إذ عرفوا فكرة الخلود، وكان فيهم الموحدون الذين آمنوا بإله خالق للكون ومدبر له.

وأشار إلى أن الإسلام احترم الحضارات ولم يطمسها، وأن الصحابة حين دخلوا مصر لم يعتدوا على آثارها لأنها لم تكن تُعبد. كما شدد على أن الفخر بالأجداد فخر مشروع ما دام لا يجر إلى تعصب، وأن الاهتمام بالآثار هو وعي بالهوية واحترام لتاريخ الإنسانية.

تهنئة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر بافتتاح المتحف المصري الكبير

في المقابل، قدّم فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، تهنئة بمناسبة افتتاح المتحف المصري الكبير، مؤكدًا على أهمية الحفاظ على التراث والآثار باعتبارها واجبًا دينيًا وإنسانيًا.

وقال شيخ الأزهر: أتقدم بخالص التهنئة إلى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي والشعب المصري بمناسبة افتتاح المتحف المصري الكبير، هذا الصرح الحضاري الذي يعكس موقع مصر الفريد في الحضارة الإنسانية على مر العصور، ويؤكد ضرورة استلهام مشاعر الفخر من الإنسان المصري القديم الذي أدهش العالم بحضارة استثنائية.

يذكّر الأزهر بأن الحفاظ على التراث والآثار واجب ديني وإنساني، وأن الإسلام دعا إلى صون مظاهر الإعمار في الأرض، وحماية الآثار لأنها شاهد على حضارات الأمم.