عاجل| قانون الإيجار الجديد.. هل كشفت أزمة "مسن السويس" عن هشاشة العلاقة بين المالك والمستأجر؟
لم تكن واقعة الاعتداء على مسن السويس مجرد حادث فردي أثار غضب الشارع المصري، بل كشفت عن أزمة أعمق تتجاوز حدود الواقعة نفسها، وهي الصراع المتجدد بين الملاك والمستأجرين بعد إقرار قانون الإيجار الجديد.
فصفعة واحدة وُجّهت إلى "عم غريب" لم تكن مجرد فعل اعتداء، بل رمزا لانفجار اجتماعي مكتوم ظل يتراكم لعقود داخل جدران البيوت القديمة، حيث يتقاطع الحق في السكن مع حق الملكية، ويتحول الخلاف المدني إلى صدام إنساني وأخلاقي.
الواقعة التي وثّقها مقطع فيديو وانتشر كالنار في الهشيم، كانت بمثابة مرآة لما قد يحدث في ظل التوترات المتصاعدة حول تطبيق قانون الإيجار الجديد، إذ رأى البعض فيها إنذارًا مبكرًا لما يمكن أن يترتب على سوء الفهم أو غياب الضبط الاجتماعي في التعامل مع هذا الملف الشائك، الذي يطال ملايين الأسر المصرية بين مستأجر يبحث عن الأمان، ومالك يسعى إلى استعادة حقه المشروع.
أزمة مسن السويس.. من خلاف على الشقة إلى إهانة غير مبررة
تشير التحقيقات وشهادات الجيران إلى أن السبب المباشر وراء الاعتداء يعود إلى خلاف قديم بين المالك والمسن حول الشقة التي يقيم فيها الأخير منذ أكثر من 30 عامًا بنظام الإيجار القديم.
ومع بدء الحديث عن تطبيق قانون الإيجار الجديد، الذي يتيح إنهاء العقود القديمة خلال فترة محددة، حاول المتهموفقًا لروايات الجيران إجبار المسن على ترك الشقة قبل انتهاء المدة القانونية، بحجة حاجته إلى استردادها.
وخرجت المشادة عن إطارها القانوني حين منع الشاب الرجل المسن من الصعود إلى منزله لإحضار أدويته، لتتطور المشاحنة إلى اعتداء جسدي مهين وثّقته كاميرا الهاتف.
وتحوّل نزاع على السكن إلى واقعة عنف تمس القيم والأخلاق قبل أن تمس القانون، لتفتح باب النقاش من جديد حول كيفية ضبط العلاقة بين الملاك والمستأجرين دون أن تتحول الخلافات إلى انتهاكات إنسانية.
تفاصيل التصديق على قانون الإيجار الجديد
صدق الرئيس عبد الفتاح السيسي على القانون رقم 164 لسنة 2025 بشأن سريان بعض الأحكام المتعلقة بقوانين إيجار الأماكن وإعادة تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وهو القانون الذي أنهى جدلًا استمر لعقود حول ملف الإيجار القديم.
ويقضي القانون الجديد بانتهاء عقود الإيجار السكني بعد سبع سنوات من تاريخ العمل به، وغير السكني بعد خمس سنوات، مع زيادة تدريجية في القيمة الإيجارية تصل إلى عشرين ضعفًا في بعض المناطق المتميزة، وزيادة سنوية بنسبة 15%، مع وضع حد أدنى للأجرة الشهرية يبدأ من 250 جنيهًا.
ويهدف القانون إلى تحقيق توازن بين حقوق الملاك والمستأجرين من خلال تقسيم المناطق السكنية إلى شرائح متميزة ومتوسطة واقتصادية، وتشكيل لجان بالمحافظات لحصر وتقييم الوحدات وتحديد القيمة الإيجارية العادلة.
ويمنح القانون المستأجرين الحق في الحصول على وحدات بديلة من الدولة إيجارًا أو تمليكًا، شريطة تقديم إقرار بإخلاء الوحدة الحالية، بما يضمن عدم تشريد الأسر محدودة الدخل مع إعادة تنظيم سوق الإيجارات بشكل تدريجي ومنضبط.
التطبيق الاجتماعي لهذا القانون بدأ يثير توترات على الأرض، أبرزها ما تجسّد في واقعة مسن السويس، الذي تعرّض للاعتداء من مالك عقار يسعى لطرده من شقته الخاضعة لنظام الإيجار القديم.
وعكست الحادثة التي هزّت الرأي العام مخاوف حقيقية من تفجر النزاعات بين الملاك والمستأجرين مع بدء سريان القانون الجديد، وأكدت الحاجة إلى تطبيق عادل ومتدرج يحفظ كرامة الإنسان قبل الملكية، ويوازن بين حق السكن وحق التملك دون أن يتحول الخلاف القانوني إلى صدام إنساني.
متى يحق لللمالك طرد المستأجر؟
من أبرز الحالات التي يجيز فيها قانون الإيجارات القديمة إنهاء العقد وطرد المستأجر أن يثبت استخدام الوحدة المؤجرة في أنشطة غير مشروعة أو مخالفة للقانون، كتحويل الشقة إلى مقر تجاري غير مصرح به أو ممارسة أنشطة تضر بالصالح العام أو الجيران.
ويُعتبر هذا السبب أحد أهم أدوات القانون لحماية الملاك والمجتمع معًا، إذ لا يقتصر الإخلاء هنا على مجرد نزاع مدني، بل يمتد ليشمل ردع السلوكيات المخالفة للنظام العام التي تتستر خلف عقود الإيجار القديمة.
وينص القانون على أنه يحق للمالك استرداد العين المؤجرة إذا ثبت أن المستأجر تركها مغلقة دون استخدام لمدة تتجاوز ثلاث سنوات متصلة دون عذر مقبول، ويأتي هذا البند استجابة لشكاوى الملاك من وجود شقق مغلقة لعقود طويلة، في حين يعانون من صعوبة الحصول على سكن أو استثمار ممتلكاتهم.
وتتعلق الحالة الثالثة بوفاة المستأجر الأصلي دون وجود ورثة من الدرجات المقررة قانونًا لهم حق الامتداد في عقد الإيجار، وفي هذه الحالة، يُلزم القانون الورثة غير المستحقين بإخلاء الوحدة خلال مدة محددة، حفاظًا على مبدأ العدالة بين الطرفين وضمان عودة الملكية إلى صاحبها الشرعي.





