الأحد 07 ديسمبر 2025 الموافق 16 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

جدل بعد إلغاء فرع شعر العامية من جوائز الدولة.. شعراء لـ"مصر تايمز": تهميش لوجدان الشعب المصري

الخميس 02/أكتوبر/2025 - 02:52 م
المجلس الأعلى للثقافة
المجلس الأعلى للثقافة

أثار إعلان المجلس الأعلى للثقافة عن فروع جوائز الدولة التشجيعية لهذا العام، مع استبعاد فرع شعر العامية، موجة غضب عارمة في الأوساط الأدبية، وخاصة بين شعراء العامية الذين اعتبروا القرار تهميشًا متعمدًا لصوت الشارع المصري؛ ويرى هؤلاء أن شعر العامية ليس مجرد شكل أدبي، بل هو جزء أصيل من الهوية الثقافية المصرية ووسيلة للتعبير عن هموم الناس ومشاعرهم منذ مئات السنين.

 

كيف يتم استبعاد لغة تعبّر عن مشاعر الناس بصدق؟

في البداية يرى الشاعر والناقد الدكتور أحمد نبوي أن إقصاء شعر العامية من قائمة الجوائز قرار غير مقبول على الإطلاق، موضحًا أن العامية ليست دخيلة على الذائقة المصرية أو العربية، بل هي مكمل للفصحى وزينتها، وأن كل الأمم تمتلك شعرًا فصيحًا وآخر شعبيًا بلغاتها المختلفة، والإبداع لا يُحصر في قالب واحد. 

ويشير نبوي فى تصريحات لـ"مصر تايمز" إلى أن مصر أنجبت أسماءً بارزة في شعر العامية مثل فؤاد حدا وسيد حجاب وأحمد فؤاد نجم وصلاح جاهين، مؤكدًا أن هؤلاء لم يكونوا شعراء محليين فقط، بل عبروا بالعامية عن وجدان عربي مشترك.

الشاعر أحمد نبوي 

 التاريخ لا يُمحى بالقرارات

ويوضح نبوي على أن وجود الجوائز أو غيابها لا يُلغي من قيمة شعر العامية، فهو تيار إبداعي راسخ في الثقافة المصرية، أن الجوائز نفسها محل جدل كبير، إذ كثيرًا ما يحصل عليها من لا يستحق، بينما يُقصى آخرون أكثر جدارة، كما أن تهميش المبدع بلغة الشعب تقليل من شأن تيار أدبي حقيقي، والجوائز ليست المقياس الوحيد للإبداع.

 

صعوبة كتابة العامية

من جانبه، يرى الشاعر محمد حسني إبراهيم أن النظرة الدونية لشعر العامية مستمرة منذ عقود، رغم صعوبة كتابته مقارنة بالشعر الفصيح، والعامية ليست درجة ثانية كما يظن البعض، بل هي أصعب لأن الشاعر مطالب بالجمع بين البساطة والعمق في آن واحد.

ويستشهد إبراهيم بمقولة أمير الشعراء أحمد شوقي: "أخاف على العربية من بيرم التونسي"، في إشارة إلى قوة تأثير شعر العامية في وجدان الناس، بأن هذا أكبر دليل على أن العامية ليست هامشًا، بل نص موازي للفصحى يضيء معناها.

الشاعر محمد حسني إبراهيم

 قلب الشارع المصري

ويضيف تصريحات لـ"مصر تايمز" أن العامية هي التعبير الأصدق عن وجدان المصريين، فهي لغة الناس في حياتهم اليومية، ولها جذور ممتدة منذ أشعار ابن عروس وصولًا إلى الأغنيات الرمضانية مثل "المسحراتي" و أن إقصاء العامية من الجوائز أشبه بإقصاء قلب مصر الثقافي.

 

 الجوائز لا تعكس القيمة

ويؤكد أن الجائزة ليست معيارًا حقيقيًا للإبداع، فالتاريخ مليء بنماذج حصلت على الجوائز دون أن يكون إنتاجها مؤثرًا، بينما هناك مبدعون كبار لم ينالوا أي تكريم رسمي، مشيراً إلى أن "كثيرًا من الجوائز تُحسم بالاتصالات والعلاقات، لا بمعايير الجودة الفنية.

 

دفاع عن هوية الإبداع

واختتم على أن إلغاء فرع العامية من الجوائز لن يُضعف هذا الفن، لأنه يملك جمهوره ومبدعيه، بل سيظل هو الأقرب إلى الناس لأنه نابع من وجدانهم، وما يحدث هو محاولة لإخفاء ملامح الهوية الثقافية المصرية لصالح رؤية أحادية لا تعكس التنوع الأدبي الحقيقي.

في المقابل  يلفت الشعراء إلى مفارقة لافتة، إذ تحرص بعض الدول العربية على الاحتفاء بشعر العامية وتمنحه مكانة مرموقة، بل وتخصص له جوائز أعلى من الشعر الفصيح، بينما في مصر، التي تعد مهد العامية العربية، يُهمش هذا اللون الأدبي الذي يعبر عن هوية شعبها.