السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
مقالات الرأى

مبارك والحيرة وأنا

الخميس 25/فبراير/2021 - 09:16 م

للحظة احترت معاه، حيرة مبرره، فأنا ولدت في عهده وتعلمت وتخرجت وعملت وحلمت، 25 عاما هى كل حياتى وقت رحيله عن الحكم لم أعرف فيها غيره حاكما، كانت فكرة وجود رجل غيره على كرسى حكم مصر فكرة غير مفهومة بالنسبة لى.

قد أكون تظاهرت ضده، صببت عليه كثير من اللعنات، ولكننى لم استطع فى نفس الوقت مقاومة شعورى بالتعاطف معه، حاولت مع نفسى كثيرا ولكنها عاندتنى للتعاطف معه كل مره .

رغم هذا التعاطف، إلا ان التفكير العقلانى يقودنى لشيء واحد: كل ما عانيناه هو السبب فيه، نعم مبارك عبر 30 سنة من الحكم استطاع بناء طبقة متوسطة قادرة على الحلم بحياة أفضل، لكنه أغلق المجال العام وجرفه لنصل فى النهاية إلى أن البديل الوحيد له هو الفوضى، لو كان مبارك قد ترك المجال السياسى لينمو ويتفاعل بشكل طبيعى لما كان الإخوان هم البديل له، لو كان اتاح حرية سياسية حقيقية لكان هناك ألف بديل جاهز ومقبول له ولما كان سهلا على الإخوان غير المؤهلين سياسيا ان يصلوا لقمة السلطة، قمة وضعهم فيها مبارك بتضييقه على الآخرين، قمة وصلوا اليها فى نتيجة حتمية لأنا أو الفوضى.

جيل العشرينات اليوم لم يتفتح وعيه على عبارات من عينة: الحراك السياسى، الأحزاب الكرتونية، أكشاك حقوق الانسان، حنفية النمو الاقتصادى، وغيرها من المصطلحات التى شكلت واقع نظام مبارك، نظام احترف العمل بمقولة "من المهم أن تبدو ليس من المهم أن تكون"، من المهم أن تبدو نظام متعدد الأحزاب، ولكنها مثل صناديق الكرتون الفارغة، من المهم أن تبدوا كنظام يسمح بحرية التعبير، ولكنها حرية مدارة لها سقف محسوب، من المهم أن تبدو مدافعا عن حقوق الانسان ومنظماته، ولكنها منظمات مشبوهة فى الأغلب تبحث عن سبوبة التمويل، من المهم أن تبدوا الأرقام الاقتصادية براقة، ولكن انعكاساتها على الطبقات الأكبر من الشعب محدودة!

أعود للحيرة التى تبدو عندى وعند الكثير، هل اخطئنا بحق مبارك؟ هل خسرنا برحيله؟ هل كان يستحق تكريما أكثر؟

هى حيره كما علمنا مبارك، حيره تبدوا ولكنها فى الحقيقة لا تكون، كل الفاتوره يتحملها مبارك الذى حكم 30 سنة بدون أن يصلح لا البشر ولا الحجر، ترك لغما فى كل اصلاح، جعل نفسه ركيزة كل شيء، هذا لا يعد بناء، نحن دفعنا ثمنه ثم ندفع ثمن اصلاحه، دفعناه فكرا واقتصادا وتعليما وسياسة، دفعناه مرتين، مره ونحن نعيشه ومرة ونحن مضطرون اليوم لتحمل فاتورة الاصلاح، دفعناه أطفالا وشباب وندفعه اليوم كهولا على أمل أن نرى مصر كما تستحق، كما نحلم، كما يجب أن تكون.

تحيا مصر..