ترامب يفرض رسوما جمركية بنسبة 25 % على الهند في السابع من أغسطس الجاري
تتعرض العلاقات الأمريكية- الهندية لضغط وتجاذبات، حيث فرضت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوما جمركية بنسبة 25 % على الهند في السابع من أغسطس الجاري، أعقبتها 25 % إضافية من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في 27 من ذات الشهر.
وذكر تشيتيج باجباي وهو زميل باحث كبير في برنامج جنوب آسيا وآسيا والمحيط الهادئ في معهد تشاتام هاوس البريطاني ( المعروف رسميا باسم المعهد الملكي للشؤون الدولية ) في تقرير نشره المعهد أن مجموعتي الرسوم تتعلقان بمسائل مختلفة ظاهريا، فالرسوم التي فرضها ترامب في السابع من أغسطس/ آب تم فرضها بعدما لم تتمكن الدولتان من التوصل لاتفاق تجاري قبل الموعد النهائي الذي حل في الأول من الشهر، بينما الرسوم الأحدث تعتبر رسوما ثانوية مرتبطة بضغط الولايات المتحدة على روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
لكن مجموعتي الرسوم معا تعكسان ضغطا منسقا من إدارة ترامب على نيودلهي أضعف بريق العلاقات الثنائية الواعدة بعض الشيء.
خفوت بريق العلاقات الهندية- الأمريكية
وأشار باجباي إلى أنه عندما بدأ ترامب ولايته الثانية في يناير/ كانون الثاني، كان يسود توقع بأن العلاقات الثنائية ستظل إيجابية. وكان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي رابع قائد دولي يزور واشنطن بعد تنصيب ترامب رئيسا.
وتجاهلت نيودلهي الحملة الصارمة لإدارة ترامب ضد الهجرة غير الشرعية والشرعية للولايات المتحدة، فيما يمثل الهنود عددا كبيرا في النوعين. ومما أدى إلى تخفيف حدة الخلاف الحالي بشأن التجارة، جهود الهند لشراء المزيد من المنتجات الأمريكية لمواجهة غياب التوازن التجاري.
ولفت باجباي إلى أنه مع ذلك لم يتجسد اتفاق تجاري مؤقت بعد ، ويرجع هذا جزئيا إلى أن الإجراءات الحمائية المترسخة التي تتبناها نيودلهي، خاصة فيما يتعلق بقطاع الزراعة ذي الحساسية السياسية الذي يعمل به ما يربو على 40 % من القوى العاملة بالبلاد.
ومما زاد من الضيق، المنشور الذي كتبه ترامب على منصة "تروث سوشال" وزعم فيه أن الهند اقتصاد "ميت" يقوم "بعمليات تجارية بسيطة للغاية" مع الولايات المتحدة. وضاعف هذا التهديد بفرض رسوم جمركية بنسبة 200 % على الواردات من الأدوية، الذي سيكون له أثر كبير على الهند باعتبارها مورد رئيسي للأدوية المكافئة للولايات المتحدة.
و بعد فرض ترامب الرسوم الجمركية الأخيرة، وصفتها نيودلهي بأنها "غير عادلة وغير مبررة وغير منطقية". ودفعت الهند بأن علاقتها القوية بموسكو ليست تأييدا لأعمال روسيا في أوكرانيا وأن اعتمادها على الخام الروسي ساعد في استقرار أسعار الطاقة العالمية.
إعادة التأكيد على الاستقلالية الاستراتيجية
تعيد نيودلهي الآن التأكيد على التزامها طويل الأمد بالاستقلالية الاستراتيجية في سياستها الخارجية. ويستلزم هذا إشراك جميع الدول والتكتلات الكبرى، بما في ذلك تلك التي تربطها علاقات تاريخية متعسرة مع الولايات المتحدة والغرب.
ومن المقرر أن يزور الرئيس فلاديمير بوتين الهند قريبا، وهي أول زيارة له للبلاد منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير2022. وأشار أجيت دوفال مستشار الأمن القومي الهندي في زيارة لروسيا الأسبوع الماضي إلى علاقات نيودلهي مع موسكو باعتبارها "شراكة استراتيجية قديمة ومميزة".
ومن المقرر أيضا أن يحضر مودي قمة منظمة شنغهاي للتعاون في 31 أغسطس.
ولفت باجباي إلى أنه برغم توتر العلاقات مؤخرا مع واشنطن، تواصل الهند النظر إلى الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى كشركاء استراتيجيين رئيسيين. وينعكس هذا في اتفاق التجارة الحرة الذي أبرمته الهند والمملكة المتحدة مؤخرا والمفاوضات التجارية المستمرة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
نظرة مستقبلية للعلاقات الهندية- الأمريكية
وأوضح باجباي أن الهند تسعى لتقليل اعتمادها الاقتصادي على روسيا منذ مدة، عن طريق تنويع مواردها من النفط وتقليل اعتمادها على المعدات العسكرية الروسية. وسيسرع الضغط الأمريكي من وتيرة هذه الجهود.
وتعتمد الرسوم الأخرى البالغة 25 % التي تهدد الولايات المتحدة بفرضها على الهند على نتيجة المفاوضات التجارية المستمرة بين نيودلهي وواشنطن، فيما من المخطط أن تقام جولة سادسة من المفاوضات قرب نهاية الشهر الجاري.
وحتى إذا دخلت الرسوم الإضافية حيز التنفيذ، سيتم إعفاء أكثر من ثلث الصادرات الهندية للولايات المتحدة من الرسوم الإضافية، بما في ذلك الأدوية والإلكترونيات والمنتجات البترولية. ورغم ذلك ستضر الرسوم بالتنافسية الإجمالية للصادرات الهندية، خاصة المنسوجات والأحجار الكريمة والمجوهرات، لذلك ما زالت نيودلهي متحمسة لإبرام اتفاق تجاري.
ورغم التوترات، تظل العلاقات الثنائية أولوية بالنسبة للدولتين. وترى واشنطن الهند كقوة موازنة للصين بينما تنظر نيودلهي إلى الولايات المتحدة كشريك رئيسي في التكنولوجيا والدفاع والتعاون في مجال الطاقة.
واختتم باجباي تحقيقه بالقول إنه في هذا السياق، يظل المسار طويل الأمد للعلاقات الهندية- الأمريكية ثابتا. ورغم ذلك أدت الخلافات التي نشبت مؤخرا إلى تراجع التوقعات بأن تحظى نيودلهي بعلاقة خاصة أو مميزة مع واشنطن. وبدلا من ذلك، ستعيد الهند تأكيد التزامها بالاكتفاء الذاتي الاقتصادي وتنويع أسواقها التصديرية.