خلايا الجنين في جسم الأم بعد الولادة.. سر بيولوجي يحمي صحتك ويقوي رابط الأم والطفل
عرف العلماء منذ القرن التاسع عشر أن خلايا الطفل تستمر في التواجد داخل جسم الأم حتى بعد الولادة، فقد كشف عالم ألماني مختص بدراسة تسمم الحمل عن وجود خلايا الجنين داخل أجسام الأمهات بعد انتهاء فترة الحمل، وهو اكتشاف فتح بابًا لفهم أعمق عن العلاقة البيولوجية بين الأم وطفلها.
ومع مرور أكثر من مئة عام على هذا الاكتشاف، يواصل العلماء دراسة الغرض التطوري والبيولوجي من بقاء الحمض النووي لطفلكِ داخل جسمكِ بعد الولادة، حيث تختلط خلايا الأم والجنين خلال الحمل عبر عملية تبادل تُعرف بـ"الميكروكيميرا الجنينية الأمومية"، حيث تنتقل خلايا الجنين إلى دم الأم عبر المشيمة، وتنتقل خلايا الأم إلى جسم الجنين، مما يعزز الترابط البيولوجي بينهما.
ويشرح الدكتور ج. لي نيلسون، الباحث في جامعة واشنطن، أن كمية كبيرة من المادة الجنينية تدخل مجرى دم الأم وتنتشر في مختلف أنحاء جسدها، مما يتيح للخلايا الجنينية التأثير في وظائف الأعضاء المختلفة.
دور الخلايا الجنينية كخلايا جذعية في إصلاح الأعضاء
وتعمل هذه الخلايا الجنينية كخلايا جذعية لدى الأم، قادرة على التحول لأنسجة جديدة في أعضاء متعددة مثل الكبد والرئتين وحتى الدماغ، وتشير الدراسات إلى أن هذه الخلايا تساعد في إصلاح الأعضاء التالفة، كأنها تسكن قلب الأم لتساعد في شفائه بعد الإصابة.
كيف تساعد خلايا الجنين في شفاء الأم بعد الولادة؟
كما تلعب الخلايا الجنينية دورًا هامًا في تعافي الأم بعد الولادة، فعلى سبيل المثال، تساعد هذه الخلايا في إنتاج الكولاجين في ندوب الولادة القيصرية، مما يعزز عملية الشفاء الطبيعية.
وقد ربطت الأبحاث الحديثة بين وجود خلايا الجنين في جسم الأم وتقليل خطر الإصابة بأمراض المناعة الذاتية مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، بالإضافة إلى تقليل احتمالات الإصابة بسرطان الثدي، ويُعتقد أن هذه الخلايا الجنينية تعمل كحراس بيولوجيين يحاربون الخلايا السرطانية داخل جسم الأم.
أهمية بقاء خلايا الجنين في جسم الأم
من منظور تطوري، يُفسر العلماء أهمية بقاء خلايا الجنين داخل الأم حتى بعد الولادة، لأن الأمهات والجدات يلعبن دورًا أساسيًا في رعاية الأجيال القادمة ونقل الحكمة، مما يعزز فرص بقاء العائلة والمجتمع.
حتى في حالات الإجهاض أو الحمل الذي لم يكتمل، تبقى خلايا الجنين داخل جسم الأم طوال حياتها، مما يوضح أن الروابط البيولوجية بين الأم وأطفالها تظل قوية وعميقة، سواء ولدوا أو لم يولدوا.