الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
مقالات الرأى

حفل زفاف (1)

الإثنين 25/يناير/2021 - 10:47 م

الجمعة  11 أغسطس 2017

إشارة مرور روكسي المزدحمة دائما
لايعلم روعة مصر الجديدة سوى سكانها القدامى وأيضا زائريها ليلا، أما فى هذا الوقت تشبه مصر الجديدة مصر القديمة وكل أنحاء الجمهورية، ينتظر جمال داخل سيارته الفيرنا وهو فى طريقه من عمله للمنزل، يسرح مع صوت أنغام وهى تقول "مبتعلمش.. بغيره القلب مبيحلمش" متداخلة مع أصوات بائعى الفل والورود فى الإشارة "عشت طوال عمرى أتهكم على أصدقائى المتزوجين، حياتهم التقليدية المملة المليئة بالمتطلبات "معلش يا جماعة البنت تعبت لازم انزل للدكتور، مش هقدر أسافر معاكم عشان هدفع قسط ابنى فى المدرسة، حاضر يا حبيبتي هجيب بامبرز وأنا طالع"، لماذا أتزوج إذن لو كان هذا هو الناتج النهائى للزواج ؟ ليفاجئني أحدهم "بكرة نشوف أنت هتعمل أية لما تتجوز".

أرد بكل ثقة "لا يامعلم أنا هتجوز واحدة تكون صاحبتى نعيش عشان نبسط بعض، مش العيشة اللى تجيب الهم دى"، حلمت كثيرا أن أتزوج وأسافر معها إلى دهب ونقيم فترة هناك ونعمل لنحصل على أموال ننفقها فى السفر مرة أخرى، حلمت بعشاء رومانسى على أضواء الشموع ورقصة رومانسية تجمعنى بها، أشعر بدفأ جسدها وألمس تفاصيلها التى سأعشقها، علينا أن نؤجل الإنجاب عدة سنوات، ما فكرة أن أجبر نفسى بمسؤولية طفل بعد السنة الأولى من الزواج، تماما كالشخص الذى يعمل طوال الشهر وينتظر المرتب ثم يسرق منه، لا أريد المسؤولية تسرق منى سعادتى ومتعتى فى هذا السن .

يفيق جمال على صوت تليفونه، يقول لنفسه "يا الله تأخرت على دينا" ثم يرد على التليفون" أيوة يا روحى معلش الطريق زحمة جدا، أنا خلاص وصلت ربع ساعة وهبقى عندك أجهزى انتى، حاضر حاضر هجيب"، يقول جمال لنفسه "يا الله، كأن لعنات أصدقائى تلاحقنى، أصبحت أشبههم تماما، تزوجت دينا أقرب صديقاتى، تشاركنى نفس الاهتمامات، السفر وزيارة الاماكن الجديدة والموسيقى، كيف لهذه السنوات اللعينة أن تحولها لزوجة تقليدية تلاحقنى بهذا الكم من الطلبات، أين أحلامنا قديمًا، أين السفر والموسيقى والعشاء الرومانسى، أنا الآن اتعشى ما تبقى فى الثلاجة.. أن تبقى شيئا !، اعمل فى مكانين لملاحقة المصاريف، ذهبت كل أموال السفر وتذاكر السينما لمصروفات المدارس .

تنتهى دقيقة الانتظار فى الإشارة وتبدأ السيارات فى الإنطلاق، ينظر جمال لتليفونه يراقب الساعة 7:15 دقيقة..تأخرت كثيرا.. تقع عينه على صورتهما سوياً.. رغم كل ذلك مازلت أعشق شعرها الأسود وإرتدائها الألوان المبهجة، ضحكتها التى تشع نورا وطيبة لمن حولها، لن أنكر أن ما لديها من طاقة إيجابية وتدابير كان سببا فى استمرار هذا المنزل، ابتسامة صغيرتى رضوى تنسينى تماما رغبتى فى تأجيل الإنجاب، لكننى اشتقت لدينا القديمة، دينا التى كنت استيقظ من نومى أجدها جهزت الشنط لرحلة جديدة، لن أنكر أن أول سنة فى الزواج كانت كالحلم، ولكن الأحلام لا تستمر طويلا !.. تشاجرنا أمس، هل كان الموضوع يستحق؟ لا أحب المناسبات العائلية، وهى تعلم أننى لا أحب المناسبات العائلية، إذن فلماذا تضعنى أمام الأمر الواقع وتؤكد على خطيب ابنة خالتها أن يتصل بى ليؤكد حضورى حفل الزفاف على الرغم من أنها كانت من الممكن أن تذهب بمفردها، لكننى أيضا كنت عصبيا زيادة عن الحد، هى تذهب معى فى مناسبات عائلتى، وعندما أتحجج بالعمل وضيق الوقت تذهب هى وتصلح ما أفسده بطيب خاطر دون أن أشعر بمدى التقصير الذى اقترفه فى حق من حولى، رغم موافقتى فى النهاية اعتقد أننى كنت قاسيا بعض الشيء".

يبطيء من سرعة سيارته أمام أحد محال الورود التى يقع فى طريق المنزل، ثم يتوقف ويدخل المحل ويعود للسيارة في يده باقة ورود يسيطر عليها زهرة البنفسج التى تعشقها زوجته.. انطلق من جديد حتى وصل لمنزله، وقرر أن ينتظرها فى الأسفل ليعطى لها الورد بالشكل الرومانسى الذى يروق لها.
يُتبع