الأحد 19 مايو 2024 الموافق 11 ذو القعدة 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
مقالات الرأى

عالم عربي جديد

الخميس 17/سبتمبر/2020 - 02:49 م

ستطرح مجمل المعاهدات العربية الاسرائيلية الجديدة اطارا أكبر للبيئة السياسية والاستراتيجية في المنطقة، وستدفع لتغييرات هيكلية حقيقية في قلب النظام الإقليمي الراهن خاصة وأن هذه المعاهدات الجديدة ستطرح مرتكزات وأسس جديدة في التعامل مع المهددات الراهنة في الإقليم . 

ومن المتوقع أن تتعامل معه انطلاقا من واقع سياسي مستجد، لن يقتصر فقط علي الأطراف الأقليمية المهددة لأمن الإقليم، وعلي رأسها إيران وتركيا بل ستتعداها إلي التعامل والاشتباك مع أية تهديدات ومخاطر مشتركة علي مستويات أخري استراتيجيا وسياسيا، وهو ما سيدشن بالفعل مرحلة جديدة لنظام سياسي شرق أوسطي وفقا لسياسة الأمر الواقع وبما يتجاوز الإطار الراهن للنظام الاقليمي العربي الحالي، وهو ما يتطلب إعادة ترتيب الحسابات والأولويات العربية في سياقها السياسي ومن خلال رؤية عربية حقيقية ومقاربة من نوع خاص تؤكد علي ضرورة وضع الحسابات العربية علي رأس الاولويات المطروحة وفي القلب منها القضية الفلسطينية بكل ما تحمله من ثوابت لا يمكن للدول العربية التخلي عنها أو اسقاطها في ظل ما يجري مع التأكيد علي أنه لا يمكن الحديث أو التفاوض باسم الفلسطنيين وهو ما يجب أن تدركه كل الأطراف في الفترة المقبلة، بصرف النظر عن حالة التجاذب الراهنة بين السلطة الفلسطينية ودول الخليج العربي، وعلي رأسها الامارات العربية والبحرين . 

تجدر الأشارة لوجود اتجاه راهن للجامعة العربية للتقوقع حول ذاتها، حيث لم تعقد القمة العربية الأخيرة في الجزائر نتيجة لتمدد فيروس كورونا، وبرغم زيارة الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط للجزائر، إلا أنه من الواضح أن الإرادة السياسية للدولة المستضيفة فشلت في تحقيق خروقات في الملف، وعقد القمة، والتي كان يمكن أن تجري في مقر الجامعة وفقا لنظامها الأساسي، أو من خلال قمة افتراضية، وهو ما لم يحدث بالفعل لتكون سابقة سيتم البناء عليها لاحقا في القمة المقبلة في مارس 2021 . 

وبالتالي فإنه مطلوب وعلي وجه السرعة إحياء دور الجامعة العربية، ومؤسساتها بهدف مواجهة ما سيجري من مخطط إسرائيلي بارز لإعادة الواجهة الشرق أوسطية في مواجهة الرؤية العربية حيث سيكون علي الأطراف الرئيسية في النظام الإقليمي عليها أداء دور جديد يتجاوز الأدوار التقليدية المعتادة في البيئة السياسية والإستراتيجية الحالية خاصة مع التوقع بعدم استمرار المشهد الراهن عربيا في ظل التحولات الحقيقية التي ستفرض نفسها علي بنية النظام العربي الراهن من ضرورة إجراء مراجعات حقيقية ومفصلية خاصة وأن المعاهدات العربية الاسرائيلية الراهنة، والمتوقعة لن تكون مقصورة علي مجالها السياسي فقط بل ستكون شاملة، مما سيساهم في وضع أولويات مختلفة وانطلاقا من منطقة الخليج العربي، وعما كان موجودا في السابق . 

وبالتالي فإن نجاح هذه المعاهدات سيؤدي إلي تغيرات في الرؤي السياسية لبعض الدول العربية والنظر إلي إسرائيل - بصرف النظر عن استمرار معارضة ما جري من بعض الأوساط العربية الفلسطينية - برؤية أكثر واقعية، وهوما سيؤدي لصياغة متباينة لما عرفه العالم العربي من معطيات وفقا للمتطلبات الجديدة للطرفين العربي والإسرائيلي خاصة وأن الأولويات العربية للأنظمة التي ستدخل في معاهدات سلام، وتسوية مع إسرائيل ستتبدل عما كان قائما، في كل الأحوال مطلوب مراجعة عربية علي مستوي الجامعة العربية، والدول الرئيسية في النظام الأقليمي مع العمل وفقا لمعادلة المصالح المشتركة والفوائد المتبادلة للجميع وليس لطرف علي حساب أخر، فالمعادلة تشمل الجميع .