الإثنين 29 أبريل 2024 الموافق 20 شوال 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
مقالات الرأى

أثارنا لم تبنى بالجن ولا بالكائنات الفضائية

الخميس 22/يونيو/2023 - 08:35 م

أدعت أحدى الممثلات زورا وبهتانا أن الأهرامات والحضارة المصرية لم تبنى بالمصريين بل  بنيت بالجن والفضائيين 
( أثارت الفنانة المصرية العمروسي موجة من الجدل بزعمها أن المصريين القدماء ليسوا بناة الأهرامات، ملمحة إلى أن كائنات فضائية ربما بنتها، وأن تلك الآثار الساحرة ليست مقابر لملوك الفراعنة).


وللاسف ليست هذه أول من تذكر هذه المقولات الكاذبة وأن ما تردده الفنانة رغبة فى الشهرة وجذب الأنظار لها وكلامها مجرد نسخ وتكرار لأحاديث من منظمات معينة تستهدف نزع نسب هذه الحضارة العريقة من المصريين القدماء.


فقد ذكر فرويد عالم النفس الشهير  أن عقدة اليهود والغرب الأزلية هى الحضارة المصرية القديمة وحاولوا كثيرا أثبات أنهم صانعيها  أو ساهموا فيها وعندما لم يجدوا صدى ولا أى دليل مادى  على زعمهم هذا لجؤا الى منظمات مشبوه وفنانين  وراغبى الشهرة لأدعاءات أخرى وكلنا نذكر توتيتة أيلون ماسك عندما كتب فى 2020 أن بناة الأهرامات هم الفضائيين ومنذ عدة أشهر علق على صورة لسلم معبد دندرة ووضع أيمجوى النار 
وبدأت المزاعم أن اليهود هم من بنوا أو ساهموا فى هذه الحضارة وخاصة الأهرام وحاولوا بكل الطرق أثبات اى وجود حضارى فى مصر ومولوا عدة بعثات وحفروا كثيرا فى سيناء أثناء فترة أحتلالها ونسوا أنهم عاشوا معظم حياتهم فى شتات وحياة بداوة ليس فيها اى تحضر  استمرت 'المزاعم "أن من قام ببناء الأهرامات هم قوم عاد وليس المصريين القدماء".


ويستشهد المرجون لهذه الشائعة بأية قرآنية "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ" من سورة الفجر، ويستكملون مزاعمهم بقولهم "عمالقة عاد هم بناة الأهرام والمعابد الضخمة الموجودة فى مصر وغيرها، فحجارة الأهرام شديدة الضخامة التى يصل وزنها إلى 1000 طن كانت بالنسبة لهم مجرد قوالب طوب لطول وحجم أجسامهم".


وكل كلامهم خطأ تمامًا، فلا يوجد دليل أثرى واحد على أن قوم عاد هم بناة الأهرامات، فلدينا كل الكتابات التاريخية منذ عصر ما قبل الأسرات وحتى العصر المتأخر، وجميعها تؤكد أن الفراعنة هم بناة الأهرام.


وعثر على المدنية الخاصة بالعمال  الذين شاركوا فى بناء الأهرامات وكذلك عثرنا على "بردية وادى الجرف" والتى توضح كيفية تم تقطيع الأجحار لاستكمال بناة الأهرامات، ثم أن قوم عاد كانوا يسكنون فى شبة الجزيرة ولم نجد عندهم أيه أهرامات ولا اى مظهر حضارى مشابه.


وقبل فترة قليلة بدأت منظمة الأفروسنتريك وبعض الداعمين لها في ترديد نفس الأحاديث، وهي أن الأفارقة الزنوج هم  صناع الحضارة المصرية، وأن المصريين القدماء هاجروا إلى الجنوب الإفريقي وأن المصريين الحاليين هم بقايا الأحتلالات المتوالية على مصر من يونان ورومان وعرب وأتراك وأنتجوا كثيرا من المواد الأعلامية من كارتون وأغانى مشهورة وأفلام أبرزاها فيلم كليوباترا الأخير على منصة مشهورة كانت الممثلة البطلة التى قامت بدور الملكة كليوباترا السابعة زنجية الملامح وستظل تلك الأدعاءات تلاحق حضارتنا المصرية رغم أن هناك كل شهر أكتشافات أثرية أغلبها على يد البعثات الأجنبية تبرهن على أن صانعى الحضارة المصرية القديمة هم نفس البشر الموجودين فيها حتى الآن ونجد صدى ذلك فى كثير من المفردات اللغوية العامية التى نقولها مثل (أمبو تاتا كخ كركر بخ خم مم....)وغيرها حيث تحتوى ثلث  لغتنا العامية على مفردات مستمده من الكتابة المصرية القديمة وكذلك الموروث الثقافي فى عادة سبوع المولود والبخور وعادة الأربعين  والذهاب للمقابر وتوزيع الرحمة ورش الماء ووضع الجريد على المقابر والأضحية  وغيرها وكلها مستمدة من الموروث الثقافي والجينات المصرية القديمة 
ونقول لمن يقول إن  هؤلاء القدماء بنوا حضارة في مصر، ثم هاجروا إلى الجنوب فلماذا لم يشيدوا حضارات مماثلة في دول إفريقية أخرى مثل غينيا وكينيا والسنغال على سبيل المثال؟".فلم نرى حضارة مشابهه للحضارة المصرية القديمة فى اى بلد أفريقية حتى وأن تأثرت بالحضارة المصرية القديمة مثل أهرامات السودان التى بنيت بعد الأهرامات المصرية بمئات السنون ولا تقارن مع أهرامتنا لا طولا ولا حجما وكلها مجرد تقليد لحضارتنا أما في ما يتعلق بالتلميح إلى نظرية غريبة مفادها أن مخلوقات عجيبة أو فضائية بنت تلك الآثار الفرعونية،  نستغرب تصدير فكرة أن الجن هم من بنوا الأهرامات سخيفة، وهدفها التقليل من المصريين القدماء".


نعلم تماما أن العقل البشرى الحالى عندما يعجز بقدراته المحدوده عن فهم الأشياء وتفسيرها يرجع ذلك لكائنات أخرى من الجن والفضائيبن ونقول لهم لماذا لم يقم الجن إذاً ببناء أهرامات مماثلة في دول أخرى بالعالم مثلما بنوا في مصر؟"ولماذا لم نرى نموذج مشابه لحضارتنا من معابد وأهرامات ومسلات وتحنيط فى اى جزء من الكرة الأرضية أو فى عوالم أخرى أكتشفت حديثا مع التقدم العلمى لماذا لم نرى اى صدى فى كل الكون ولم يترك الجن ورائه أى دليل رغم أن المصريين القدماء لم يتركوا سطح ولا بردى ولا شقفة الا ودونوا وكتبوا عليها. 

 
وبالنسبة لفكرة الأهرامات نذكر  أن المصريين القدماء رسخوا فكرة تطوير الأهرامات وشيدوها بطريقة لا تشبه بعضها وكان فى طريقة بناءها تطور طبيعى وهندسى  فقد بدأوا ببناء الهرم كمصطبة بشكل مستطيل، ثم مصطبتين فوق بعضهما بشكل متدرج كما في منطقة سقارة، ثم توصل العبقرى المهندس أيمحتب لفكرة الهرم المدرج من ستة  مصاطب والمعروف باسم هرم زوسر المدرج بمنطقة سقارة ثم الهرم المنكسر أو المنحنى فى منطقة دهشور والهرم الكامل للملك سنفرو والد خوفو  وصولا للأعجاز الهندسى والفلكى والمعماري وهو  الهرم الكامل الأكبر المعجزة الوحيدة الباقية من معجزات العالم القديم عن طريق الملك  خوفو ومهندسه حم أيونو الذى مازال ثمثاله قابعا فى متحف هليدسهم فى ألمانيت.


وتضم جبانة منف التي تمتد من منطقة أبورواش إلى بنى سويف على مساحة حوالى 35كم   أكثر من 100 هرم بنظرة لهم  يؤكد أنه كان هناك تطور طبيعي وهندسي في بناء الأهرامات. وأنها كانت مقابر ملكية وليست مراصد فلكية ولا محطات كهربائية كما يزعمون.


وذكرت تلك  الفنانة بأن صانعى هذه الحضارة من  القدماء كانت  غريبة وطويلة وعملاقة ودللت أن أحجام التماثيل والمبانى كانت عملاقة ولا تتناسب مع البشر ونقول لها أذهبى فى رحلة بسيطة  إلى متحف الحضارة فى الفسطاط وستجد 22 مومياء لملوك وملكات مصريين طولها يتراوح ما بين 160 سم و175، ما يؤكد أن طول المصريين القدماء كان طبيعيا مثلنا وهناك المئات من المومياوات عثر عليها  فى كل أنحاء مصر فى سقارة والواحات وغيرها من عصور مختلفة وأقدمها هيكل موجود فى متحف الحضارة سمى هيكل نزلة خاطر حيث عثر عليه قدر عمره ب 35الف عام وهيكل طفل الترامسة قدر 55الف عام وكلها أجسام طبيعية ومقارنة حجم وطول المصريين القدماء بالتماثيل غير منطقي، فالتماثيل الضخمة  كانت توضع أمام صروح المعابد كنوع من أبراز الهيبة والضخمة والقوة أمام شعبه الذى كان يصدر له أن ملكهم هو صورة من المعبود وهو مقدس وعندما نرى نفس التمثال فى قدس الأقداس فى مكان لا يدخل له الا كبار الكهنة  لنفس الملك نرى تماثيل فى أحجام عادية ونراه نفس الملك راكعا أمام المعبودات المختلفة وان تماثيلة  الضخمة الخارجية هى نوع من الأعلام مثل اول صفحة فى اى جريدة تجذب النظر. 


ونرى أن المشكلة تتمثل فى  سيطرة الفكر الغربى على مجال المصريات والحضارة المصرية القديمة ورسخت هوليود فى أفلامها للاسف هذه الأفكار وربطها بالجن واللعنة والأساطير.

 

ونظرا لعدم محاسبة من يرددون هذا الكلام الفارغ وعدم وضع مناهج تعليمية لأولادنا وعدم الأهتمام بإنتاج دراما مصرية لتعريف أولادنا لحضارتنا سنظل نسمع هذه الأصوات الشاذة