الجمعة 17 مايو 2024 الموافق 09 ذو القعدة 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
عربى ودولى

اليمن يعيش أزمة إنسانية عقب إنتهاء الهدنة مع جماعة الحوثي

الجمعة 04/نوفمبر/2022 - 11:58 ص
صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

مضى شهر  كامل على انتهاء هدنة ترعاها الأمم المتحدة في اليمن الذي يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ولم تتمكن الأمم المتحدة من تمديد وتوسيع بنود الهدنة والبناء عليها في التوجه نحو تسوية سياسية نتيجة تصلب موقف جماعة الحوثي المدعومة من إيران، التي وضعت شروط وصفها المبعوث الأميركي إلى اليمن تيموثي ليندر كينغ في إحدى مؤتمراته الصحفية بالتعجيزية والمستحيلة.

 

ويعيد هذا الفشل الدولي، الأزمة الإنسانية إلى الواجهة، والخشية من عودة المواجهات بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، وتفاقم الوضع الإنساني بشكل أكبر، والقضاء على التحسن البسيط الذي حدث خلال فترة الهدنة السابقة التي امتدت لستة أشهر، من إبريل الماضي وحتى أكتوبر.

 

منسوب الأمل في إمكانية الذهاب نحو هدنة موسعة مايزال لدى الأمم المتحدة، لكن المشهد الميداني في اليمن يوحي بعودة المواجهات أكثر ضراوة مما كانت عليه في السابق، وبالتالي، المزيد من الأزمات الإنسانية سيما في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، حيث تتسع رقعة الفقر والمجاعة نتيجة انقطاع رواتب الموظفين منذ سنوات وسيطرة الحوثيين على الموارد وتسخيرها للجهود الحربية أو انتهائها في جيوب قيادات عسكري وسياسية.

 

وفشل جهود حلحلة الزمة وبدء مسار سلام شامل يعمق كثيرا الأزمات المتعددة التي تعيشها البلاد، ويعمق استمرار الاختلال الذي فرضته سنين النزاع الطويلة التي خلقت واقعا جديدا متباينا ومنقسما على نفسه خصوصا على مستوى الجغرافيا والجهات حيث الأوضاع في الشمال والغرب مختلفة تماما عن ما هي عليه في الشمال بما ذلك القوانين المفروضة وطرق العيش والأوضاع الاقتصادية الاجتماعية وفي كل مناحي الحياة تقريبا.

 

وهو ما يشير له الصحفي اليمني صلاح بن لغبر في حديثه فيقول: "الشمال بما في ذلك العاصمة صنعاء تحت سيطرة جماعة الحوثيين بينما الجنوب ومناطق الساحل الغربي تُحكم من سلطة الدولة المعترف بها دوليا، وصحيح أن هناك نفوذ لكيانات معينة لكنها في المجمل كيانات غير دينية وغير متطرفة الا في مناطق محدودة كما هو الحال في وادي حضرموت ومدينة مأرب وجزء من تعز حيث تسيطر  جماعة الإخوان على تلك المناطق، فيما عدا ذلك نجد أن باقي محافظات الجنوب والغرب وعلى راسها مدينة عدن قد تمكنت من خلق واقع جديد، فهذه المدينة نمت بواقع نصف مساحتها الاصلية خلال سنين الحرب الثمان وظهرت فيها مدن وتجمعات جديدة وعلى الرغم من صغرها وصعوبة الخدمات لعامة فيها إلا إنها تشهد نموا سكانيا سريعا حيث يكفي أن نقول أن نحو مليوني مواطن من سكان الشمال فروا من مناطقهم واستقروا في عدن، وهو أمر رغم ما تسبب به من ضغوط على السلطات على سمتوى الخدمات إلا أنه اسهم في نمو الأنشطة التجارية والاقتصادية بشكل كبير جدا فاق ما كان سائدا حتى قبل الحرب، وللتمثيل فقد شهدنا فتح أكثر من عشرة مراكز تجارية كبرى في أحياء عدن خلال الثلاثة أعوام الماضية وحدها، الناس في الشمال يهربون الى الجنوب والغرب وهذا غير الكثير من الأمور على مختلف الأصعدة".

 

ومن جانبه يقول المحلل السياسي اليمني أنور التميمي: "لقد أصبحت الحياة في المحافظات التي تسيطر عليها جماعة الحوثي بما في ذلك العاصمة صنعاء مستحيلة وكل من يستطيع مغادرتها ويملك ما يكفي قد غادرها بالفعل أو في طريقه لذلك خصوصا من التجار وأصحاب الأعمال الذي تعرضوا خلال السنوات الماضية لحرب لا هوادة فيها من قبل الحوثيين، لقد أجبر الناس على دفع أموالهم لتمويل الحرب وتم فرض ضرائب مضاعفة وجبايات، وإجبار الشركات على دفع مجهود حربي للمقاتلين وتمويل الفعاليات الطائفية، وافتعلوا المزيد من الأزمات لاستثمارها سياسياً، لقد فر كل من يستطيع إما إلى عدن أو المكلا أو المخا، أو إلى خارج البلاد ومن أولئك كل الفنانين والنشطاء خصوصا من النساء، فالحوثيون يمنعون حتى خروج المرأة من منزلها فضلا عن السماح لها بالقيام بأنشطة، كما شرع الحوثيون في التضييق على عمل المنظمات الدولية وإجبارها على التعامل مع منظمات محلية تتبع الجماعة نفسها، أتاح لها هذا التحكم في عملية توزيع المساعدات الغذائية ومقايضة السكان بالحصول على المساعدات مقابل التوجه إلى المعسكرات الحوثية.

 

أدى ذلك، إلى تفاقم الوضع المعيشي للسكان الذين لم يتسلموا رواتبهم منذ سبع سنوات تقريباً, ويعتمدون بشكل أساسي على المساعدات، ما زاد معدلات الفقر بشكل كبير، وزاد معه من تفاقم الوضع تنفيذ الحوثيين عملية نهب واسعة النطاق طالت عقارات المواطنين في صنعاء ومحافظات أخرى، وتسبب ذلك في مواجهات مسلحة بين السكان وجماعة الحوثي خلفت قتلى وجرحى من الجانبين.

 

هذا الواقع المفروض شمالا ساهم في خلق واقع مغاير في المناطق الأخرى، فعلى عكس مناطق سيطرة الحوثيين، تشهد مدن ك عدن والمخا الواقعة على الساحل الغربي استقرارًا امنياً، جعلها قبلة للتجار والمواطنين ايضا الذين يبحثون عن البيئة الآمنة بعيداً عن الجبايات والضرائب المضاعفة والابتزاز، وبالتالي، تعيش نوعاً من الازدهار، في مدينة عدن على سبيل المثال، تم افتتاح العديد من المولات والحدائق والمنتزهات ومقار شركات تعمل في مختلف القطاعات، وهناك ايضًا حالة مماثلة في مدينة المخا، مؤخرا أعلن عن استكمال تأهيل الميناء وافتتاح مطار دولي في المدينة، وعديد فنادق وحدائق في المدينة.

 

ولا يقتصر الأمر على الداخل اليمني، إذ يكفي أن نقول أن أكثر من مليوني يمني يعيشون حاليا في مصر معظمهم في القاهرة وكثير من أولئك هم من الميسورين او حتى من كبار التجار ورجال الأعمال، وغالبيتهم فروا من بطش الحوثيين ليعيشوا في بيئة آمنة وعملوا على نقل أعمالهم وشركاتهم ومحالهم وانشطتهم إلى عدن ومدن الجنوب، وقد بدأ كثيرون منهم يعودون للعيش في عدن في العامين الأخيرين بعد أن استقرت المدينة التي تعد حاليا عاصمة اليمن.