الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

(الشهادة 2)..الدكتور سمير مرقص لـ"مصر تايمز":قبلت منصب مساعد الرئيس وليس مساعد لمحمد مرسي..ورفضت الانضمام للجنة الدستورية المشكله من الإخوان..المصريون متمسكين بطبيعة الدولة التي ليست في خصومة مع الدين

الجمعة 01/يوليو/2022 - 05:50 م
الدكتور سمير مرقص
الدكتور سمير مرقص مستشار رئيس الجمهورية الأسبق

يواصل موقع "مصر تايمز" الانفراد بنشر شهادات لأول مرة فى إطار سلسلة حوارات يجريها الموقع احتفالا بالذكرى التاسعة لثورة 30 يونيو، ثورة الشعب المصري على جماعة الإخوان الإرهابية لمنع أخونة الدولة المصرية مطالبين بتدخل الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع آنذاك والذى استجاب لمطالب الشعب المصري وحرر الدولة المصرية من الجماعة الإرهابية، ويستمر "مصر تايمز" فى نشر حوارات مع الشخصيات العامة التى شاركت فى هذه المرحلة الفاصلة فى تاريخ مصر الحديث، حيث تم نشر الشهادة الأولى للدكتور يونس مخيون رئيس حزب النور آنذاك، وننشر اليوم الشهادة الثانية للدكتور سمير مرقص الكاتب والمفكر السياسي الكبير ومستشار رئيس الجمهورية الأسبق.

 

لا يعتبر نفسه سياسيا على الرغم من تقلده واحد من أكثر المناصب الرفيعة سياسيًا كمساعد لرئيس الجمهورية لشؤون التحول الديمقراطي، ولا يعتبر نفسه محسوبا على حركة بعينها على الرغم من كونه أحد الذين خاضوا غمار ثورتين شعبيتين، بينما يعتبر نفسه مفكرا يعبأ بدراسة شعبه ووطنه الذي يصفه دوما بأنه يمتلك تركيبة ليس كملثها آخرى في العالم جعلته الشعب الأقدم والمستمر في حضارته منذ آلاف السنين ومستمر، إنه الدكتور سمير مرقص المفكر الوطني.

 

بقى لمرقص العديد من اللحظات التي كان شاهدا على 30 يونيو، وشغل مركزا سياسيا بفضل فكره ومشاركته في ثورة 25 يناير، وفي هذا الحوار يدلى بشهادة جديدة عن كواليس ثورة 30 يونيو ويسرد تفاصيل جديدة تساعد على رسم المشهد للمستقبل مستندا على ما عاصره من تاريخ.

 

الدكتور سمير مرقص أثناء حواره مع مصر تايمز

 

كيف رأيت الإخوان في تجربتهم؟

هناك كتلة عرفت السياسية ولعبتها وفهموها جيدا وليس لديهم مانع في مواكبة الحالة السياسية وهي مجنوعة برجماتية، وهناك تيار قطبي لم يتغير من الأساس، وهناك تيار المال والثروة وهذين التيارين كانا أقرب لبعضهما البعض، وتصوروا أنهم ملكوا مصر واستطاعوا التمكن من مفاصل الدولة، والإعلان الدستوري كان ميثاقا لذلك حيث كان يزيح الدولة المدنية وقيمها والقوى السياسية مع محاولة خلق دولة كاملة مستقلة على مزاج الإخوان وعلى الفور تقدمت باستقالتي من منصب مساعد رئيس الجمهورية.

 

ما الذي فكر فيه سمير مرقص عندما تم اختياره مساعدًا لمرسي وماذا جرى عند تفكيره في قرار الاستقالة؟

اعتبر نفسي لست سياسيا ولست حركيا، إنما مرتبط بالفكر، لكن مع حدوث ثورة 25 يناير، استدعينا في العمل العام وبدأ ذلك بعدما تم وضعنا في المجلس القومي لحقوق الإنسان، في وزارة الدكتور عصام شرف الثانية، ودعيت حينها للوزارة واعتذرت عن الأمر مع عرض خدمتي باستعراض أفكار مختلفة، بعدها كان هناك حاجة لتعيين مسؤول محافظين مسيحي وكان هناك ضغوطا شديدة للموافقة على هذا المنصب ما جعلني أقبل في النهاية منصب نائب محافظ القاهرة.

 

مع انتخابات 2012 الرئاسية كان يفكر أغلب المرشحين في وجود فريق عمل رئاسي، فيما تم التوافق علي من أغلب المرشحين، وهذا الأمر نفسه كان عند محمد مرسي بعد توليه منصب الرئاسة، ومن هذا المنطلق قبلت منصب مساعد رئيس الجمهورية وليس مساعد لمحمد مرسي، ومن ثم لم أندم على الأمر.

 

في نفس الفترة رفضت الانضمام للجنة الدستورية التي شكلها الإخوان، على الرغم من اختياري إلا أنني رفضت الانضمام وكتبت استقالة شهيرة حينها، فيما كان موضوع مساعد رئيس الجمهورية سبق مهم ومختلف لوجود شخص مختلف عن التركيبة التاريخية للأقباط والمعارض بشكل عام.


ما سر ثورة 30 يونيو الحقيقي؟

المصريون يرفضون تغيير فكرة الدولة المدنية الحديثة التي تأسست مع محمد علي 1805، وفي لحظة تاريخية معينة بإختلاف طبقاتهم وشرائحهم الاجتماعية كانوا متمسكين بطبيعة هذه الدولة التي ليست في خصومة مع الدين، مشيرًا إلى أن الدين لا يحكم المصريين سياسيا على شاكلة النموذج الإيراني، ولكننا دولة مختلفة .

 

في 30 يونيو كان هناك تهديد لهذه الدولة التي يسير على خطاها المصريون والدولة على شكلها الحديث التي هي اختراع مصري خالص، ومن ثم ثار المصريون وخرجوا لرفض التشدد والقصرية على حياتهم، وكان هذا بمثابة إعلان قاعدة شعب يريد نفس الفكرة بدون تجريح عن دولتهم الذين تعودوا عليها .

 

ما هو وصف الدولة المدنية؟

الدولة المدنية دولة قائمة على الحداثة تحترم الجميع وتعطيهم حريتهم في سياق القانون، مشيرًا إلى أن الدولة المدنية تحترم القانون والمدنية والدستور حاكمها الرئيسي، مؤكدا على أن مصر تدينها تدين ناعم، الحالة المصرية بديعة فيما يتعلق بالتناغم بين الدين وتسيير أمور الدولة.

 

الدين في مصر مركب به عمق وله استجابة للناس أكثر من التشدد والقصرية التي هي ليست من سمات المصريين، والمسار الطبيعي للدولة الحديثة وجد صيغة للدين والمدنية، ليست على شاكلة أحد، ولكنها حالة مركبة سمحت للدين بالحضور وفي نفس الوقت بها الفن والإبداع وهكذا.

 

الدكتور سمير مرقص مع محرر مصر تايمز

 

الحوار الوطني.. كيف تراه؟

كنا حتما نريد حالة حوار وطني في مصر، لكن لا يجب أن نقصره على شيء بعينه مثل الفراج عن المحبوسين مثلا الذي هو بالتأكيد مطلوب ومهم، لكن علينا أن نطرح قضايا مهمة للغاية يجب مناقشتها، ومراجعة قيم الدولة الحديثة التي هي واجهت عدة أمور تتعلق بالصعود والهبوط وهو أمر طبيعي وهي لحظة تاريخية في الحوار الوطني لمراجعة كل ذلك.

 

على مستوى الحوار الوطني.. هل نفتقد أصحاب رؤى حقيقية في مختلف المجالات؟

لا نفتقد بشكل رئيسي، لكن نفتقد لشكل، ومن ثم هذه فرصة حقيقية نستغل فيها الحوار لاستعادة روح 30 يونيو للحفاظ على الدولة المدنية، لا يجب أن ندخل فيها التفاصيل التقنية، ولكن يجب أن تشمل رؤية فكرية جامعة تستوعب الانجاز المادي والراهن لمزيد من التطوير والمضي قدما، ولدينا أذهاب وأفكار عدة تساعد على ذلك.

 

ما الملامح التي تراها للحوار الوطني؟

الملامح التي عشنها عليها تم هزها، فمثلا 80 % من سكان مصر شباب تقريبا، فيجب أن ندرس هذه الكتلة المهمة التي تصل لأكثر من 60 مليون شخص تقريبا، وطريقة ونمط رؤيتها للوطن، هذا يعد مشروع قومي حواري كبير لمصر المستقبل، لمجموعات مجهولة الهوية ولا نعرف كثيرا عنهم ولا طريقة دمجهم الكاملة بنفس الرؤية المصرية الممتدة منذ مئات السنين.

 

الرئاسة الحالية قطع شوط هائل وكبير في مسألة العلاقات الإسلامية المسيحية، ولا يمكن أن يتم النزول عنها في السنوات المقبلة، فجعل على سبيل المثال التواجد في الاحتفالات الدينية للأقباط شيئا عاديًا وطبيعيًا، ويجب على الجهاز البيروقراطي للدولة أن يستجيب لهذه الخطوات ويقطع مثلها، خاصة مع وجود تيار محافظ تقريبًا امتلأ به الجهاز الإداري للدولة، وهي مسألة مهمة من الممكن أن تكون ملمحًا رئيسيًا في الحوار الوطني.

 

كيف ترى دعوة التيار السلفي للحوار الوطني.. وكيف ترى الفكر السلفي المصري بشكل عام؟

إذا كان لدي في تراثي المصري سقف اجتهادي عالي، ماذا يجبرني بالآخذ بالسقف الاجتهادي الأدنى، فالليثي بن سعد أحد المفكرين الكبار في الفكر الإسلامي أجاز بناء الكنائس واعتبره من عمارة الدنيا وزينتها، وهو أمر لا يمكن الرجوع عنه بعدما قيل في القرن العاشر أو الحادي عشر تقريبًا، ومن ثم يجب على الخطاب السلفي أن يكون مواكبا للعصر والتجربة المصرية التي هو بعيدًا عنها بشكل واضح.

 

وأضاف أنه أثناء كتابة الوثيقة الشهيرة المعروفة باسم وثيقة السلمي والتي كنت عضوا فيها، وجدت من السلفيين قسوة شديدة في التعامل، فيما يخص التمسك بالسقف الاجتهادي العالي، على الرغم من ذكر اجتهادات لمشايخ ومفكرين أزهريين مثل محمد عبده وشلتوت وعبد المتعال الصعيدي على سبيل المثال.

 

محرر مصر تايمز مع الدكتور سمير مرقص

 

هناك حلم كبير لك هو حلم دولة المواطنة.. هل يمكن أن نحقق الحلم؟

بالطبع يمكن، مصر اختبرت الأمر عدة مرات ونجحت ومن ثم لديها مقومات لذلك، فمثلا ذروة ثورة 1919 تمثل لحظة نجاح للمواطنة، وكذلك تأميم قناة السويس لحظة مهمة في ذلك، الاكتتاب لشق قناة سويس منذ سنوات كان مثالا على هذا مع جمع مليارات لتنفيذ المشروع، فنحن أمام حالة مصرية جديرة بالذكر لنجاحها عدة مرات.

 

والواجب الحقيقي الآن لتحقيق حلم المواطنة والقانون والرجوع لحكم الدستور والقانون، هو اللجوء لحوار وطني جامع وهي فرصة تاريخية يجب أن نعمل على نجاحها جميعا ونحن جاهزون لذلك.