السبت 18 مايو 2024 الموافق 10 ذو القعدة 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
أخبار

الإفتاء توضح حكم نشر "اليوتيوبرز" تفاصيل حياتهم الشخصية

الخميس 28/أبريل/2022 - 11:55 ص
أرشيفية
أرشيفية

تلقت دار الإفتاء سؤال يقول فيه صاحبه :انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة "اليوتيوبرز" الذين يقومون بنشر مقاطع فيديو مُصوَّرة عن تفاصيل حياتهم الشخصية لهم ولأسرهم. فما حكم ذلك؟
وردت الإفتاء عبر موقعها الرسمي وذكرت أن بَثُّ ونَشرُ "اليوتيوبرز" المقاطع المصورة عن تفاصيل حياتهم الشخصية لهم ولأسرهم لزيادة التفاعل حولها، إن كان مما لا يجوز للغير الاطلاع عليه؛ لكونه مما يُعَيَّب به المرء، فنشره عَمَلٌ محرَّم شرعًا، ومُجَرَّم قانونًا؛ لما فيه من إشاعة الفاحشة في المجتمع، وإن كان مما يصح إطلاع الغير عليه فلا مانع منه شرعًا.

وأوضحت الإفتاء أن البَثُّ والبَسْط للشؤون الشخصية ومشاركة الآخرين لمشاهدة ذلك يفرق فيه بين حالين؛ أولهما: ما يصح إِطْلاع الغير عليه. وثانيهما: ما لا يصح إِطْلاع الغير عليه.
فالأول؛ كتفاصيل الحياة العادية التي لا يَأنَف الشخص من معرفة الغير بها؛ كعنوان بيته، وشَكْله، ونوع سيارته، ونحوه مما يدل على أَنَّ ناشر ذلك له ذوق مناسب وسط البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها؛ فهذا أمر لا مانع منه شرعًا، وقد يندرج هذا الفعل تحت التَّحدُّث بنعمة الله على المرء الذي ندب إليه الشرع الشريف في قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى: 11].
وأما النوع الثاني؛ فهو ما يُعيَّب به المرء مما لا يجوز للغير الإطلاع عليه؛ ونشر ذلك رغبةً في زيادة التفاعل -بالتعليق أو الإعجاب أو المشاركة- حول ما يُنْشَر مذموم شرعًا؛ لأنَّه من قبيل إشاعة الفاحشة في المجتمع، وهي جريمة حَذَّر منها الحق سبحانه وتعالى؛ في قوله: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ [النور: 19].

وتابعت الإفتاء  إنَّ إفشاء مثل هذه الخصوصيات الشخصية بهذه الصورة المعيبة هو أيضًا جريمة قانونية يُعاقَب عليها وفق القانون رقم (175) لسنة 2018م، والخاص بـ"مكافحة جرائم تقنية المعلومات"؛ فقد جَرَّم المُشَرِّع المصري في هذا القانون نشر المعلومات المُضَلِّلة والمُنَحرفة، وأَوْدَع فيه مواد تتعلق بالشق الجنائي للمحتوى المعلوماتي غير المشروع؛ ففي المادة (25) من القانون المشار إليه نَصَّ على: [يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين: كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة ..].ونَصَّ أيضًا في المادة (26) على: [يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين: كل مَنْ تَعمَّد استعمال برنامج معلوماتي أو تقنية معلوماتية في معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى منافٍ للآداب العامة، أو لإظهارها بطريقة مِن شأنها المساس باعتباره أو شرفه].

وختمت الفتوى بأن وبناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فبَثُّ ونَشرُ "اليوتيوبرز" المقاطع المصورة عن تفاصيل حياتهم الشخصية لهم ولأسرهم لزيادة التفاعل –تعليقًا أو مشاركةً أو إعجابًا- حولها؛ إن كان مما يصح إطلاع الغير عليه فلا مانع منه شرعًا، وإن كان مما لا يجوز للغير الإشعار به مما يُعَيَّب به المرء؛ فنشره عَمَلٌ محرَّم شرعًا، وهو مُجَرَّم قانونًا أيضًا؛ وذلك لما فيه من إشاعة الفاحشة في المجتمع، وهي جريمة أناط بها الشرع الشريف عقوبة عظيمة؛ إضافة لما يحويه هذا النشر بهذه الكيفية من التعارض الكلي مع حَثِّ الشرع الشريف على الستر والاستتار.