السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
مقالات الرأى

عفاف راضي.. صوت العصافير الذي هز عرش الكبار

السبت 21/أغسطس/2021 - 04:14 م

هي النغمة التي كنت أبحث عنها بليغ حمدي صوتها فيه الموسيقى الخاصه به محمد عبد الوهاب أنا بسمعها بحس أني ليا أجنحه و عايز أطير عبد الحليم حافظ كلما سمعت صوتها تشعر أنك تستنشق هواء نقي غير ملوث رياض السنباطي هكذا قالوا عنها العباقرة.

هي صاحبة أرق صوت مصري صوتها يأخذك إلى عالم آخر تسمع منها "رودا السلام" وكأنها تتحدث معك وتدمع عندما تسمعها تغني "مصر أمي " وتنسجم معها تغني "إبعد ياحب"  وتحلق في السماء وانت تسمعها تغني "بتسأل ياحبيبي بحبك قد إيه" و تبكي معها وهي تغني "وعدي ع الغربة ياوعدي".

تحمس لها بليغ حمدي عبقري الموسيقي العربية ليقف ورائها قائدا لأوركسترا حفلتها الأولي في بداية عام 1970 وهي لم ابنة الـ 18 عاماً في حفل جمع عبد الحليم حافظ و شادية وفايزة أحمد لتغني هي "رودا السلام" التي أحدثت ضجة في تاريخ الغناء العربي.

هي عفاف عبد الحليم راضي مواليد مركز السنطة بالمحلة الكبرى في 5 مايو 1952 إكتشفها والدها الذي جعلها تغني و تطرب سكان الحي المقيمة بها بل وتعهد بها و بتعليمها أصول و قواعد الموسيقي العربية فذهب معها هو والعائلة ليقيموا جميعاً في القاهرة درست في الكونسير فتوار، وهي في العاشرة من عمرها فدرست البيانو وحصلت على البكالوريوس بتقديرامتياز وهي في سن الثامنة عشرة حيث حصلت على درجتي الماجستير والدكتوراة من أكاديميه الفنون وأصبحت أول مطربة عربية تحصل على لقب الدكتوراة.

تبناها بليغ حمدي عندما سمع بها وكانت هي مطربة أوبرا و لا تفكر ان تكون مطربة عادية ولكن أقنعها بليغ حمدي وتحمس لها بل و تبناها تبني كامل لدرجة أنه تفرغ لها عام كامل ليعدها في حفلة كبيرة تضم عبد الحليم حافظ وشادية وفايزة أحمد لتغني هي و يقف ورائها بليغ حمدي قائداً لأوركسترا حفلتها في سابقة لم تحدث من قبل لبليغ حمدي مما أثار فضول الجميع وقدم لها 60 لحنا من أجمل ما غنت { المواني و يمكن علي باله وعشاق الليل وتساهيل وتعالي جنبي و لمين ياقمر} ، ومن كثرة نجاح هذه الأغاني في بداية السبعينيات قل نشاط أم كلثوم و عبد الحليم حافظ لدرجة جعل الكثير يتساءل هل السبب بزوغ نجم عفاف راضي مع ألحان بليغ حمدي.



ولكن كانت علاقة عفاف راضي شديدة الحب و المودة مع كبار مطربي مصر فالكل كان يتعامل معها بحب ومودة مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ الذي كان حريصاً علي إصطاحبها في حفلاته خاصة انه كان لا يخجل أمامه وهو يأخذ الدواء و يتنفس صناعيا كما إشتد عليه المرض فإكتسبت ثقة الكبار و محبة الآخرين لها 

تعاونت أيضاً مع كبار ملحني مصر مثل الموجي وسيد مكاوي ومنير مراد وكمال الطويل الذي قدم لها أرق وأعذب لحن وطني "مصر هي أمي" كما تعاونت مع عمار الشريعي في ألحان " بتسأل ياحبيبي" و "قالي تعالي" بل وقدمت معه ألبوم كامل لأغاني الأطفال من أشهر هذه الأغاني " سوسه" و"هم الممم" وتعاونت مع الأخوين رحباني في أكثر من اغنية,

قدمت عفاف راضي المسرح الغنائي في مسرحيات { الأرملة الطروب و ياسين ولدي و آه ياغجر و علي فين يادوسه و دنيا البيانولا و لن تسقط القدس } ، وقدمت مسلسل اذاعي واحد "حبي أنا" وشاركها البطولة بليغ حمدي في أول و آخر مشاركة تمثيليه له لهذا الحد كان بليغ متحمسا لعفاف راضي يقود أوركسترا لها و يمثل أمامها في مسلسل إذاعي بل و يتفرغ عاماً كاملاً ليقدمها للجماهير في أبهي صورة و يعرفها علي كبار فناني مصر بل والأغرب أن يجعلها تتعاون مع ملحنين غيره ومع ذلك لم يذكر أحد هذه العلاقة الفنية إلا بكل حب و تقدير وإحترام بالرغم من هو معروف عن قصص حب بليغ حمدي و لكن عفاف راضي كصوت و شكل وأداء جعل الجميع يتحدث بما يليق بها وبفنها ففرضت فنها علي الجميع فكان فنها هو الأقوى.

ولها تجربة سينمائية واحدة في فيلم { مولد يادنيا } 1976 مع محمود ياسين و ظل هذا الفيلم عاماً كاملاً في دور العرض وأنتجه محمد عبد الوهاب مع عبد الحليم حافظ لها تحمسا لصوتها الذي أحبه الجميع، حتي أن الزعيم جمال عبد الناصر سمع صوتها وقال عنها "مشروع مطربة كبيرة" وكان آخر الأصوات الذي سمعها الزعيم جمال عبد الناصر.



تعد عفاف راضي من عائلة فنية عريقة ابن عمها الفنان المسرحي الكبير السيد راضي و المخرج السينمائي الكبير محمد راضي وابنه المخرج منير راضي و أخته الفنانة غادة راضي.

تزوجت عفاف راضي من الدكتور كمال الدين خلوصي وانجبت ابنتها الوحيدة مي التي ورثت منها الصوت الجميل و درست بالفعل الموسيقي و لكن لم تحصل علي واحد من عشرة من حظ أمها السعيد.

ومع ذلك الحظ السعيد الذي أوقع عفاف راضي في العمالقة فلم تسطيع أن تحارب من أجل البقاء علي القمة فتختفي سنوات ثم تعود ثم تختفي حتي أصبح وجودها علي الساحة الغنائية قليلاً ثم نادراً ثم لم يعد،  بالرغم من أنها تمتلك كل مقومات الإستمرارية والدليل عندما قدمت ألبوما جديداً منذ فترة ليست بعيدة نجح نجاحاً كبيراً خاصة أنها تعاونت فيه مع مؤلفين و ملحنين شباب وقدمت لون خفيف من الغناء في أغاني "أحبك و آخر قرار وكدبة كبيرة أنت" ، ولكن إكتفت عفاف راضي بما قدمته من تاريخ فني لامع براق وسيرة فنية عطره ووجه مصري أصيل يظل عالقاً في قلوب و أذهان محبيها.