حكايات وأسرار.. ملاحقات أمنية تطارد مشاهير السوشيال ميديا بعد رصد عمليات غسيل أموال

ما زالت أجهزة وزارة الداخلية، تواصل شن حملاتها الأمنية المُنسقة التي تستهدف صُنّاع المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، المخالفين للقانون، بتُهم ما بين نشر محتوى "خادش للحياء العام"، والتحريض على الفسق والفجور، والتربّح غير المشروع، وغسيل أموال، وقضايا متعلقة بالممنوعات مثل المخدرات أو الأسلحة، وفقًا لما ورد في بيانات وتحقيقات رسمية .

مواجهة الفوضى الرقمية

وجاءت الحملات بعد عدة بلاغات تقدم بها مواطنون ومحامون مصريون ضد عدد من "البلوجرز واليوتيوبرز" اتهموا فيها صناع المحتوى بالترويج لممارسات تسيء للمجتمع، وقد أثارت هذه العملية الأمنية اهتماما واسعا وأعادت تسليط الضوء على جهود مواجهة ما يوصف بـ"الفوضى الرقمية" و"سوء استخدام المنصات الإلكترونية لتحقيق أرباح غير مشروعة"، وسط دعوات بتشديد الرقابة على المحتوى المخلّ والهابط والتجاوزات.

وفي البداية، رصدت أجهزة وزارة الداخلية ما وصفته بأنه شبكات منظمة للتربّح غير المشروع وغسيل أموال من خلال بث مباشر أو هدايا افتراضية على المنصات، ما جعل الملف لا يقتصر على قضايا " الآداب" ، بل يمتد إلى "جرائم مالية " وهو ما يمثل تشكيكا في مصادر ثرواتهم.

متى بدأت الحملة رسميًا؟

وبحسب مصادر أمنية، فإن الأجهزة الأمنية بدأت ملاحقة صنّاع المحتوى المخالفين في أواخر يوليو وأوائل أغسطس 2025، وتكثف جهودها لضبطهم، والتحقيقات معهم، كما شنت الأجهزة الأمنية موجة ثانية من عمليات الضبط وذلك بعد دراسة واسعة لملفات عشرات الحسابات النشطة على المنصات.

سوزي الأردنية

وجاءت سوزي الأردنية أبرز الأسماء التي تم إلقاء القبض عليها، والتي تعد واحدة من أوائل الأسماء التي ضبطها، وواجهت اتهامات تتعلق بنشر محتوى خادش للحياء العام، بالإضافة إلى شبهات غسيل أموال، وصدر ضدها قرار بحبسها احتياطيًا على ذمة التحقيقات بعد رصد تحويلات مالية كبيرة عبر حساباتها.

محمد خالد الشهير بـ"مداهم"

كما ألقت الأجهزة الأمنية القبض على مداهم، وتم التحفّظ على أمواله وممتلكات تخصه، بعد الاشتباه في ارتكابه جرائم غسيل أموال وتربّح غير مشروع، وتوصلت التحريات إلى وجود شبهة غير مشروعة في مصادر دخله عبر المنصات.
 

شاكر محظور دلوقتي

فيما خضع محمد شاكر المعروف بـ" شاكر محظور دلوقتي" إلى لتحقيقات بعد القبض عليه بتهمة بث محتوى مخلّ بالحياء، إلى جانب ملفات أخرى تتعلق بتعاطي مواد مخدرة وحيازة سلاح دون ترخيص، وتم إخلاء سبيله في قضايا جزئية مع استمرار إجراءات التحقيق في الملفات المالية المرتبطة به.
 

علياء قمرون

وظهر اسم علياء قمرون ضمن قائمة صُنّاع المحتوى الخاضعين للتحقيق أو الملاحقة الأمنية، بتهم تتعلق بنشر محتوى خادش للحياء، وتم إخلاء سبيلها فيما بعد على ذم القضايا.
 

مشاهير آخرون

وظهرت أسماء آخرين لمشاهير التيك توك من بينها: لوشا - مروة يسري الشهيرة بـ"ابنة مبارك" -  أم سجدة - أم مكة - لوليتا - وغيرهم، ضمن قوائم صناع المحتوى الذين تم القبض عليهم، بتهم تتعلق بنشر محتوى خادش للحياة وتشهير وغسل أموال.

وكشفت مصادر أمنية أن آليات عمل أجهزة وزارة الداخلية في ضبط المخالفين من صناع المحتوى تتمثل في متابعة بلاغات الجمهور وتحليل المحتوى المنشور على المنصات، ورصد التحويلات المالية وحسابات الهدايا الإلكترونية للكشف عن مصادر التربح، والتنسيق الميداني لعمليات المداهمة والضبط بالتعاون مع النيابات المختصة، والتحفظ على الأموال والممتلكات عند الاشتباه في غسيل أموال أو تمويل غير مشروع .

ردود الفعل

وانقسّم الشارع المصري أمام الحملة الأمنية التي شنتها وزارة الداخلية إلى قسمين ما بين مؤيد ومعارض، فقد رأى المؤيدون أن الخطوة "ضرورية لحماية القيم العامة وأطفالنا وتنظيف الشارع المصري.

بينما عبر المعارضون عن تخوّفهم من المساس بحرية التعبير، وطالبوا بضمانات قضائية شفافة وعلنية في التعامل مع صُنّاع المحتوى .

الأثر القانوني والاجتماعي طويل المدى

واعتبر محللون أن الحملة الأمنية على صناع المحتوى نقطة تحول في تعامل الدولة مع المحتوى الإلكتروني، إذ من المتوقع أن تدفع صُنّاع المحتوى إلى مراجعة أساليبهم والالتزام بمعايير أكثر تحفظًا.

في المقابل، يخشى بعض المراقبين من أن تؤدي الإجراءات الأمنية الصارمة إلى تقييد مساحة التعبير أو تأثير على حرية النشر إذا لم تُدار ضمن إطار قضائي واضح .

توصيات للمتعاملين مع المنصات

وطالب خبراء ومتخصصين بتوثيق العقود والإعلانات ومصادر الدخل لصناع المحتوى، فضلا عن الالتزام بالقوانين المصرية الخاصة بالآداب العامة والنشر الإلكتروني، والشفافية في الإعلان عن طرق التربح والتحويلات المالية،
 

فما بين مؤيد يرى فيها خطوة لحماية القيم، ومعارض يعتبرها تقييدًا لحرية التعبير، يبقى الأكيد أن المحتوى الرقمي لصناع المحتوى لن يعود كما كان قبل أوائل أغسطس 2025، بحسب خبراء.

خلاصة القول.. تبدو حملة وزارة الداخلية ضد محتوى صُنّاع المحتوى "الخادش" على تيك توك جزءًا من سياسة أوسع لتنظيم الفضاء الرقمي في مصر، حيث يتقاطع الأمن الاجتماعي والاقتصادي .