محمود العارضة يكشف عن معاناته الشديدة بسجون الإحتلال الإسرائيلي
روى المحامي رسلان محاجنة، بعد زيارته للأسير الفلسطيني محمود العارضة، تفاصيل جديدة ودقيقة عن خطة وهروب ستّة أسرى من سجن جلبوع، وما دار معهم منذ لحظة الفرار وحتى إعادة اعتقالهم. التفاصيل التي سردها المحامي تُلقي ضوءًا مباشرًا على مراحل التخطيط والتنفيذ والبحث عن ملاذ آمن، والمخاوف التي رافقتهم لاحقًا.
وقال المحامي إن العارضة أبلغَه أن المجموعة حرصت على تجنّب التوغل إلى القرى داخل مناطق 48 «حتى لا تعرض أيّ مواطن للمساءلة»، وأن الأسرى الستّة ظلّوا معًا حتى وصولهم إلى قرية الناعورة حيث لجأوا إلى مسجد، ثم تفرّقوا ثنائيات في مسارات منفصلة. وأضاف المحامي أن الأسرى كانوا يحملون جهاز راديو صغيرًا تابعوا من خلاله تطورات الخارج أثناء تحرّكهم.
وحسب إفادات العارضة المنقولة، حاولوا عبور الطريق إلى مناطق الضفة الغربية لكنّهم اصطدموا بتشديدات أمنية وتعزيزات كبيرة، ما أعاق وصولهم. وذكر المحامي أن اعتقالهم جاء «صدفة» — وفق رواية العارضة — عندما مرت دورية شرطة في منطقة الناصرة ورصدتهم فتوقفت وجرى اعتقالهم.
وأكد العارضة أمام محاميه أن التحقيق لم يتوقف منذ لحظة توقيفهم، وأنه يتحمّل المسؤولية الأولى عن تخطيط وتنفيذ العملية، مشيرًا إلى أن العمل على الحفر بدأ في ديسمبر/كانون الأول 2020 واستمر حتى تاريخ الفرار. وأضاف أنه تأثر عاطفيًا ورفعته مشاهد الحشود في الناصرة، موجهًا تحيّة خاصة لأهل المدينة الذين «رفَعوا معنوياته» بحسب قوله.
وفي قراءة نفسية واستراتجية لملابسات الهروب، وصف العارضة أن وعد قادة المقاومة كان من أهم أسباب يقينه بتحقيق التحرر، مستشهداً بتصريحات ناطق كتائب القسام وأيضًا بثقة تربطه بالقيادي الراحل يحيى السنوار، الذي قال إنه عرفته كقائد «يفي بوعوده» ويحسب له أثرًا في دعم الحركة الأسيرة ومواجهة إدارات السجون.
وتطرّق العارضة إلى معاملة غريبة لقيها عند إعادة اعتقاله، لافتًا إلى أنها كانت أكثر لطفًا من المتوقع، وهو ما فسّره لاحقًا بعد لقاءاته مع كبار ضباط الشاباك الذين أشاروا إلى مخاوفهم من ردود فعل فصائل المقاومة في قطاع غزة التي تابعت قضيتهم عن كثب، بحسب روايته.
وقضى العارضة نحو ثلاثين عامًا في السجون الإسرائيلية واجتمع خلال تلك المدة بعدد من رموز الحركة الأسيرة، ويرى أن الفترة التي أعقبت أحداث «طوفان الأقصى» أدّت إلى زيادة الانتهاكات اليومية داخل السجون، ما شكّل تباينًا واضحًا مع سنوات سابقة كانت فيها القدرة على «التعايش» أكثر متاحة.
وعبّر العارضة خلال اللقاء عن امتنانه لغزة وقواها المقاومة، ووصف ما قدمته غزة بأنه «أمر لم تقدمه أي أمة»، معربًا عن عجزه عن إيجاد كلمات يليق بها وبما قدمته من دعم معنوي في محنته ومع زملائه الأسرى.
من جانبه، لم يقتصر حديث العارضة على سرد الوقائع، بل أعرب عن «قلقه على وضع الأسرى» وعن مخاوفه من أن تلقي إعادة اعتقاله بظلالها على المكتسبات التي حققتها الحركة الأسيرة خلال السنوات الماضية، مطالبًا الجماهير بمواصلة الدعم والوقوف إلى جانب الأسرى.
تبقى رواية العارضة، كما نقلها محاميه رسلان محاجنة، إضافة نوعية إلى سجل الأحداث المتعلقة بنفق جلبوع وملابسات الهروب الأكثر تداولًا إعلاميًا، وتفتح أسئلة متجددة حول شروط الاحتجاز، الإجراءات الأمنية، وتأثير الضغوط الشعبية والميدانية .





