مراوغة جديدة من "أبي أحمد" لتنفيذ إدارة السد الإثيوبي دون التنسيق مع مصر والسودان (خاص)
تصاعدت حدة الخلاف على "سد إثيوبيا" الذي شيدته أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وما بين سجال مصري - إثيوبي، وتلميح أميركي بالوساطة؛ حمّل الرئيس عبد الفتاح السيسي إثيوبيا مسؤولية الأضرار بدولتي المصب، من خلال “الإدارة غير المنضبطة” لـ"السد".
تصاعد حدة نزاع "سد إثيوبيا"
وقال الرئيس السيسي خلال قمة شرم الشيخ للسلام، "مرت أيام قليلة على بدء تدشين السد الإثيوبي، وثبت بالدليل الفعلي صحة مطالبتنا بضرورة وجود اتفاق قانوني وملزم لأطرافه لتنظيم تشغيل هذا (السد)".
وأضاف: “في الأيام القليلة الماضية، تسببت إثيوبيا من خلال (إدارتها غير المنضبطة للسد) في إحداث أضرار بدولتي المصب، نتيجة التدفقات غير المنتظمة التي تم تصريفها دون أي إخطار أو تنسيق مـع دولتي المصـب”.
وفي المقابل، أصدرت الحكومة الإثيوبية بيانا تناولت فيه السد الإثيوبي، ردا على تصريحات الرئيس السيسي، مؤكدة على حقها السيادي في استخدام مواردها المائية، وتعتبر أن "نهر النيل ينبع من أراضيها"، ضاربة بالقانون الدولي عرض الحائط.
وردت إثيوبيا على التلميح الأمريكي بالوساطة، بالتأكيد على أن قضايا الأنهار العابرة للحدود في إفريقيا "ينبغي حلها من خلال الأطر الإقليمية والقارية"، مشيرة إلى "قدرة الاتحاد الإفريقي على مواصلة دوره القيادي في تسهيل الحوار" ورفضها لـ"تدويل النزاعات".
وتعليقًا على ذلك يعتبر الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن الرد الإثيوبي على تصريحات الرئيس السيسي بشأن سد إثيوبيا جاء في إطار المراوغة الدبلوماسية المعتادة، مؤكدًا أن أديس أبابا تتحدث كثيرًا عن الشفافية بينما تمارس على الأرض عكس ذلك تمامًا.

إثيوبيا تواصل السياسات الأحادية
وقال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة في تصريحات خاصة لـ"مصر تايمز" إن الحكومة الإثيوبية اعتادت إصدار بيانات تحمل عبارات مكررة عن التعاون وعدم الإضرار بدول المصب، في حين تواصل تنفيذ سياسات أحادية في إدارة سد النهضة دون التنسيق مع مصر أو السودان.
وأضاف: "الحديث عن الشفافية لا يستند إلى أي أساس واقعي، لأن إثيوبيا لم تلتزم حتى الآن بتقديم البيانات الفنية الخاصة بالملء أو التشغيل بشكل منتظم أو مسبق، كما لم توقع على أي اتفاق ملزم".
وأشار إلى أن إثيوبيا تزعم دائمًا أن السد لا يُلحق أي ضرر بدول الجوار، متسائلًا: "إذا لم يكن هناك ضرر، فكيف نفسر الفيضانات التي وقعت في السودان بسبب التصريف العشوائي للمياه من السد؟ هذه الفيضانات لم تكن نتيجة أمطار – كما تزعم أديس أبابا – بل ناتجة عن تصريف مفاجئ وغير منسق".
وأكد شراقي أن التغيرات المناخية لا تُستخدم كذريعة لتبرير الكوارث التي يتسبب فيها غياب التنسيق الفني، موضحًا أن الأمطار التي هطلت في أكتوبر لا ترقى بأي حال من الأحوال لأن تؤدي إلى فيضانات، ما يؤكد أن هناك خللًا واضحًا في تشغيل السد.
العودة إلى طاولة المفاوضات لحل الأزمة
وأوضح أن الحل الوحيد للخروج من الأزمة الحالية هو العودة إلى طاولة المفاوضات والتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم، يضمن وجود لجنة فنية مشتركة تتابع بشكل مستمر حالة السد وكميات المياه المخزنة والمُفرغة، ما يسمح بإدارة عادلة للمياه ويحمي دول المصب من أية آثار سلبية مفاجئة.
وشدد شراقي على أن الشفافية الحقيقية لا تكون بالتصريحات الإعلامية، بل بتوفير البيانات الدقيقة، وتبادلها في إطار مؤسسي ومنضبط، وهو ما ترفضه إثيوبيا حتى الآن، قائلًا: "لا يمكن الحديث عن الثقة وبناء التعاون في ظل تغييب كامل للمعلومات الأساسية عن سد بهذه الخطورة".



