بعد عامين من الجحيم.. الصحفي شادي أبو سيدو يعانق عائلته بعدما أوهمه الاحتلال بوفاتهم
في لحظة إنسانية تختصر وجع الأسرى ودهشة الفقد والعودة، خرج الصحفي والمصور الفلسطيني شادي أبو سيدو إلى النور بعد عامين من الاعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ضمن صفقة تبادل الأسرى التي رافقت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ليكتشف أن أسرته التي أُقنع بموتها لا تزال على قيد الحياة.
أبو سيدو، الذي اعتُقل خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2023 أثناء أدائه عمله الصحفي لصالح قناة فلسطين اليوم، روى عقب تحرره تفاصيل صادمة عن ظروف احتجازه، كاشفًا عن أساليب تعذيب ممنهجة طالت جسده ونفسه على حد سواء. وقال في أولى كلماته: «كانوا يخبرونني كل يوم أن زوجتي وأطفالي قُتلوا... جعلوني أعيش الموت ألف مرة وأنا حيّ».
على مدى عامين، تنقل أبو سيدو بين الزنازين الإسرائيلية في عزلة قاسية، محرومًا من الرؤية والوقت والعلاج. وأوضح أنه أصيب بنزيف في عينه جراء الضرب والتعذيب دون أن يُسمح له بتلقي أي رعاية طبية، مؤكدًا أن أكثر ما كان يفتك به هو اليقين الذي زرعه السجّانون في قلبه بأن عائلته أُبيدت بالكامل.
لحظة الحقيقة
لكن لحظة الحقيقة كانت أقوى من كل الكوابيس؛ فعند معبر رفح، احتضن أبو سيدو أبناءه وزوجته وسط دموع المارة وعدسات الكاميرات، وجثا على الأرض مقبّلًا قدمي طفله غير مصدق أنه ما زال حيًا بينهم. مشهد اللقاء تحوّل إلى رمز إنساني مؤلم ومُلهم في آن واحد، يلخص مأساة الأسرى الفلسطينيين خلف القضبان الإسرائيلية.
زوجته، التي انتظرته بصبرٍ موجع طوال عامين، عبّرت عن امتنانها العميق قائلة: «عاد إلينا من الموت... لم أصدق أنني سأراه من جديد». وأضافت أن الأخبار التي كانت تصلها عن تدهور حالته الصحية كانت تحرق قلبها يومًا بعد يوم.
وفي ختام لحظاته الأولى من الحرية، وجّه شادي أبو سيدو نداءً مؤثرًا إلى العالم:
«تحررتُ أنا، لكن إخوتي ما زالوا هناك... أنقذوا الأسرى، فهم يموتون بصمت كل يوم».
بهذا اللقاء المهيب، لم يستعد أبو سيدو حريته فقط، بل استعاد حياته كاملة، بعدما حوّل الاحتلال سجنه إلى مقبرة للذاكرة والأمل، بينما أعاد له القدر أسرته لتكون شاهدة على معجزة البقاء رغم كل شيء.





