رئيس الوزراء الفرنسي : إصلاح التقاعد أحد أكثر القوانين إثارة للانقسام في فرنسا

في خطوة وُصفت بأنها "محاولة إنقاذ أخيرة" لتفادي تصويت حجب الثقة، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو، مساء الثلاثاء، تعليق تطبيق إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل الذي أُقر عام 2023 خلال الولاية الثانية للرئيس إيمانويل ماكرون.

وأكد لوكورنو، خلال كلمته أمام الجمعية الوطنية، أن القرار يقضي بتعليق العمل بالإصلاح حتى موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2027، في استجابة مباشرة للشرط الذي طرحه الحزب الاشتراكي كضمانة لدعم الحكومة وتجنب إسقاطها.

ويُعدّ إصلاح التقاعد أحد أكثر القوانين إثارة للانقسام في فرنسا، إذ رفع سن الإحالة إلى المعاش من 62 إلى 64 عامًا، ما فجّر احتجاجات وإضرابات واسعة منذ تمريره دون تصويت برلماني في مارس 2023 باستخدام المادة 49.3 من الدستور، وهي الآلية التي سمحت للحكومة بتجاوز التصويت البرلماني المباشر.

وأشار لوكورنو إلى أن تعليق الإصلاح سيكلف خزينة الدولة نحو 400 مليون يورو في عام 2026 وقرابة 1.8 مليار يورو في عام 2027، مؤكدًا أن الحكومة ستعمل على تعويض تلك الفجوة عبر إجراءات تقشفية وترشيد في الإنفاق العام.

وأعلن رئيس الوزراء أيضًا تخلي حكومته عن استخدام المادة 49.3 مستقبلًا، استجابةً لمطلب أساسي آخر للكتلة الاشتراكية التي لوّحت بتقديم اقتراح رسمي لحجب الثقة مساء الثلاثاء إذا لم يتم اتخاذ خطوات ملموسة.

ويأتي هذا التطور في ظل مشهد سياسي مأزوم تعيشه فرنسا منذ حلّ الجمعية الوطنية في يونيو 2024، والذي أسفر عن برلمان بلا أغلبية واضحة، منقسم بين قوى اليسار ويمين الوسط واليمين المتطرف، ما جعل تمرير أي تشريعات كبرى تحديًا معقدًا يهدد استقرار الحكم.

وفي سياق متصل، دعا الاقتصادي الفرنسي فيليب أغيون الحاصل حديثًا على جائزة نوبل في الاقتصاد  إلى "تجميد كل ما يتصل بإصلاح نظام التقاعد حتى عام 2027"، معتبرًا أن تهدئة الساحة السياسية ضرورة لحماية مؤسسات الديمقراطية الفرنسية من الانقسام.

واختتم لوكورنو خطابه قائلاً: "لن نسمح بأن تتحول الأزمة البرلمانية إلى أزمة نظام"، في إشارة إلى تصميمه على احتواء العاصفة السياسية التي تهدد بجرّ البلاد إلى انتخابات تشريعية مبكرة جديدة.