«الوفد يطير على جناح يمامة».. بيت الأمة يتحول من حزب الأغلبية إلى ساحة للصراعات السياسية
أزمات سياسية وتنظيمية تهدد أعرق الأحزاب المصرية
بيت الأمة يفقد بوصلته.. الانقسامات تشتعل في عهد عبدالسند يمامة
صفقات مالية مزعومة وشيكات بملايين الجنيهات تهز الثقة داخل الحزب
النساء خارج المشهد الوفدي
منبر الوفد يتحول إلى ساحة احتجاج
منذ تأسيسه قبل أكثر من قرن، ظل حزب الوفد رمزًا للحركة الوطنية المصرية وصوتًا للديمقراطية والليبرالية، لكنّ المشهد اليوم يبدو مختلفًا تمامًا، فالحزب العريق يعيش واحدة من أعقد أزماته التنظيمية والسياسية والإعلامية في تاريخه الحديث، تحت قيادة رئيسه الحالي الدكتور عبدالسند يمامة، وسط اتهامات متصاعدة بالانفراد بالقرار، وتراجع الدور السياسي، وتآكل القواعد التنظيمية التي كانت تمثل عماد الحزب لعقود.
الوفد يواجه أزمة التمثيل السياسي
بدأت ملامح التراجع تتجلى بوضوح خلال انتخابات مجلس الشيوخ 2025، حين فوجئ أعضاء الجمعية العمومية بأن الحزب ممثل بمرشحين فقط ضمن القائمة الوطنية «من أجل مصر»، مع ىمنافسة ضئيلة منافسة على المقاعد الفردية، ما جعل الوفديون يعتبرون ذلك محاولة لتقليل دور الوفد في الحياة السياسية.
وأثار ذلك حينها موجة غضب داخل أروقة الحزب، ودفع الهيئة العليا إلى الدعوة لعقد جمعية عمومية غير عادية لطرح الثقة في رئيس الحزب، قبل أن يتراجع يمامة في بيان رسمي عن قراره بطرح الثقة في نفسه، ما عمّق حالة الارتباك التنظيمي وفتح الباب أمام انقسامات حادة.
وفي الوقت الذي كانت تتحدث فيه قيادات الحزب عن استقرار داخلي بالحزب ووجود خطة انتخابية ناجحة، كانت القواعد الوفدية تعتبر أن ما يحدث هو تهميش غير مبرر وتراجع عن تاريخ الحزب الذي قاد الحياة النيابية المصرية لعقود.
انتخابات النواب.. صراع علني على القيادة واتهامات مالية
لم تهدأ العاصفة مع انتهاء انتخابات الشيوخ، بل اشتعلت مجددًا مع بدء التحضير لانتخابات مجلس النواب، حين خرجت مجموعة من أعضاء الهيئة العليا ببيان شديد اللهجة يطالبون فيه يمامة بالاستقالة الفورية، متهمين إياه بالفشل الإداري، وضعف الأداء السياسي، وغياب الشفافية المالية.
تفجرت الأزمة بعد واقعة استبدال مرشح الحزب علاء غراب برجل الأعمال ياسر عوض، عضو الهيئة العليا بحزب «مستقبل وطن»، وسط مزاعم عن صفقة مالية بلغت 20 مليون جنيه، بحسب مصادر داخل الحزب، مقابل منحه خطاب الترشح.
وانتشرت بعض المعلومات حول إلزام المرشحين بتوقيع شيكات بملايين الجنيهات كشرط للترشح، وهو ما وصفه أعضاء بارزون في الحزب بـ المزاد السياسي الذي يتنافى مع مبادئ الوفد التاريخية، ويشكّل ضربة قاسية لصورة الحزب في الشارع.
أزمة تمثيل السيدات في الاستحقاق النيابي
وفي ظل توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بالموازنة في اختيار المرشحين لمجلس النواب ما بين النساء والشباب وذوي الاحتياجات الخاصة، تغافل الحزب هذه التوجيهات خاصةً في تمثيل السيدات.
وفي هذا السياق، وجهت ناهد البستاني، رئيس لجنة حزب الوفد بالزيتون نداءً إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، طالبت فيه بالتدخل للنظر في أوضاع الأحزاب السياسية، وعلى رأسها حزب الوفد، مؤكدة أن كثيرًا من أعضائه، وخاصة السيدات، يتعرضن للتمييز والتهميش.
وأكدت البستاني في رسالتها أن تجاهل كفاءات وخبرات المرأة الوفدية يمثل إهدارًا للطاقات الحزبية الحقيقية، مشددة على ضرورة التكاتف والاستمرار في النضال من أجل تحقيق العدالة والمساواة داخل الحياة السياسية.
جريدة الوفد.. منبر الحزب يتحول إلى ساحة اعتصام
امتدت الأزمات إلى المؤسسة الإعلامية التابعة للحزب، جريدة وموقع الوفد، حيث دخل الصحفيون والإداريون في اعتصام مفتوح منذ 30 سبتمبر 2025، احتجاجًا على عدم تطبيق الحد الأدنى للأجور ومماطلة الإدارة في تنفيذ القانون رقم 14 لسنة 2025.
وتصاعد المشهد بصورة غير مسبوقة بعد أن اتهم المعتصمون رئيس الحزب بمحاولة دهس عدد من الصحفيين بسيارته أثناء احتجاجهم داخل المقر، في واقعة هزّت الرأي العام الحزبي وأثارت استنكارًا واسعًا في الوسط الإعلامي.
وشارك في الاعتصام عدد من الصحفيات بالمبيت الليلي داخل الجريدة، وتطور إلى مناشدة عاجلة للسيدة انتصار السيسي، قرينة رئيس الجمهورية، للتدخل وإنقاذ الموقف، وسط صمت رسمي من إدارة الحزب واستمرار تجاهل المطالب القانونية.
وتم حل الازمة بتدخل مباشر من الكاتب الصحفي خالد البلشي نقيب الصحفييت ومجلس النقابة، وتم الاتفاق على تطبيق كافة مطالب المعتصمين باتفاق رسمي مع رئيس الحزب.
فصل السيد البدوي واستياء الوفديين
وفي يناير 2025، أصدر عبدالسند يمامة قرارًا بفصل الدكتور السيد البدوي شحاتة، الرئيس الأسبق للحزب، من جميع تشكيلاته، ما جعل الوفديين يعتبرونها إغلاق للبيت الوفدي في وجه تاريخه، خاصة وأن البدوي يُعد من أبرز الرموز التي حافظت على بقاء الحزب في الحياة السياسية خلال فترات عصيبة.
وأثار القرار حينها استياءً داخل أوساط الحزب القديمة التي رأت فيه استمرارًا لنهج الإقصاء والانفراد بالسلطة التنظيمية.
تصريحات مثيرة وجدلية متكررة
وفي خضم هذه الأزمات، تأتي دائمصا تصريحات رئيس الحزب لتزيد من الجدل، وكان من أبرز هذه التصريحات حين قال في لقاء تلفزيوني إن «اسم حزب الوفد ورد في القرآن الكريم»، مستشهدًا بآية من سورة مريم: «يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَٰنِ وَفْدًا»، وهو ما جعله يقع في موجة انتقادات شديدة حينها.




