عاجل.. خبيرة علاقات دولية: أزمة السودان كارثة إنسانية لا تقل مأساوية عن غزة ومصر الأكثر تضررًا (خاص)
أصدرت جمهورية مصر العربية، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية بيانا مشتركا لاستعادة السلام والأمن ووقف إطلاق النار في السودان علي إنهاء الحرب وضمان وحدة السودان وسلامته الإقليمية.
ويأتي إصدار البيان عقب مشاورات مكثفة بين مصر والدول الثلاثة لعدة أسابيع في إطار جهود الرباعية الدولية لإنهاء الحرب الجارية في السودان، ووقف معاناة أبناء الشعب السوداني.
وقف إطلاق النار في السودان
وفي هذا السياق؛ قالت الدكتورة دينا محسن، خبيرة العلاقات الدولية، إن البيان الصادر عن اجتماع مصر والسعودية والإمارات والولايات المتحدة بشأن وقف إطلاق النار في السودان يُعد خطوة مهمة على طريق إرساء السلام، لكنه في جوهره ليس ملزمًا بالمعنى القانوني، لأنه ليس قرارًا صادرًا عن مجلس الأمن الدولي، وإنما بيان سياسي يعتمد بالأساس على إرادة الأطراف وقدرتهم على فرض أدوات ضغط على القوى المتصارعة.

وأضافت خبيرة العلاقات الدولية، في تصريحات لـ"مصر تايمز" أن التزام الأطراف، وخاصة قوات الدعم السريع التي لا تعد جيشًا نظاميًا، يظل موضع تساؤل كبير، في ظل ما تملكه من أسلحة وطموحات للسيطرة على إقليم دارفور وأجزاء من غرب السودان.
وأوضحت أن نجاح هذا الاتفاق يتوقف على وجود آليات ضغط حقيقية من الدول الأربع الراعية، سواء من خلال العقوبات أو وقف الإمدادات أو ممارسة ضغوط سياسية مباشرة على الأطراف المسلحة، إضافة أن مصر تنظر إلى الأزمة السودانية من زاوية عميقة ترتبط بمصالحها الاستراتيجية، إذ تعد الدولة الأكثر تضررًا من هذا الصراع، ولذلك بذلت جهودًا دبلوماسية كبيرة منذ اندلاعه، وحاولت التواصل مع كل الأطراف دون استثناء، انطلاقًا من قناعتها بأن الحل لا يكون بإقصاء طرف على حساب آخر، بل من خلال بناء توافق وطني شامل يضمن استقرار السودان.
كما شددت لابد من وجود بناء سلام طويل الأمد يقوم على أسس استراتيجية وليس مجرد هدنة مؤقتة قد تنهار بعد شهور، وهذا أمر يتطلب جهدًا دبلوماسيًا عميقًا وتنسيقًا مع شركاء إقليميين ودوليين، لضمان أن أي اتفاق يتم التوصل إليه لا يظل حبرًا على ورق.
الأزمة السودانية لا يمكن فصلها عن البعد الإقليمي والدولي
وتابعت الدكتورة دينا محسن، أن الأزمة السودانية لا يمكن فصلها عن البعد الإقليمي والدولي، فإسرائيل لها دور بارز في إشعال الأوضاع، كما حدث في انفصال جنوب السودان، ومن غير المستبعد أن تسعى إلى لعب الدور نفسه إذا ما حدث سيناريو انفصال في الغرب؛ كذلك تلعب بريطانيا دورًا تاريخيًا مؤثرًا في الشأن السوداني.
وأشارت إلى أن المشهد المعقد في السودان يُذكّر بأزمات أخرى في المنطقة، مثل ملف سد النهضة الذي يستهدف السودان ومصر معًا، ما يعكس سياسة "شد الأطراف" التي تواجهها القاهرة والخرطوم على حد سواء، وأن مصر دأبت في كل الأزمات الإقليمية، سواء في ليبيا أو سوريا أو اليمن أو لبنان، على انتهاج سياسة الحوار مع جميع الأطراف، بعيدًا عن أي انحيازات أيديولوجية. الهدف الأساسي.
السودان يعاني من كارثة إنسانية موازية
وأكدت الخبيرة الدولية، أن السودان يعاني من كارثة إنسانية موازية، تشمل المجاعات والنزوح الواسع والانتهاكات بحق المدنيين من قتل واغتصاب وتجويع، وهي أوضاع لا تقل مأساوية عما يجري في غزة، ما يفرض على المجتمع الدولي مسؤولية مضاعفة في دعم السودان وعدم تركه فريسة للفوضى.
واختتمت دينا محسن قائلة: أن البيان الرباعي خطوة إيجابية، لكنه سيظل مجرد إطار سياسي ما لم تترجم بنوده إلى إجراءات عملية على الأرض، والسؤال الأهم هو: من سينصاع لهذا البيان؟ وهل ستستجيب القوى المسلحة فعلًا لإرادة المجتمع الإقليمي والدولي، أم ستظل لغة السلاح هي الحاكمة؟.
البيان المشترك حول "استعادة السلام والأمن في السودان"
وقد جاء حرص مصر على الانضمام لتلك المبادرة من منطلق موقفها الراسخ الداعم لوحدة وسيادة السودان الشقيق، والداعم لصون مؤسساته الوطنية، ولسرعة استعادة الأمن والاستقرار المأمولين في السودان بما يسمح بعودة المزيد من النازحين إلى مساكنهم، واستعادة حياتهم الطبيعية، ويحافظ على مقدرات الدولة.
وقد أكد البيان على ضرورة الحفاظ على سيادة ووحدة السودان وسلامته الإقليمية كعناصر أساسية للأمن والاستقرار في السودان، وتكثيف المساعدات الإنسانية لجميع أبناء الشعب السوداني الشقيق، وإنهاء تدفقات السلاح التي تطيل من أمد النزاع.
كما طالب البيان بهدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر بصفة مبدئية، تقود إلى وقف دائم لإطلاق النار، ثم يقود ذلك إلى عملية انتقالية جامعة وشفافة خلال تسعة أشهر تحقق تطلعات الشعب السوداني نحو حكومة مدنية مستقلة، حيث اتفق وزراء خارجية الدول الأربعة على متابعة تنفيذ تلك الالتزامات وبذل مساعيهم الحميدة لضمان التنفيذ.
واتفق الوزراء كذلك على التعاون مع جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي لتحقيق الأهداف المتقدمة، فضلا عن مواصلة اجتماعاتهم على المستوى الوزاري ودون الوزاري لدعم جهود وقف الحرب في السودان، وعقد اجتماع على المستوى الوزاري على هامش أعمال الشق الرفيع المستوى للجمعية العامة في نيويورك خلال شهر سبتمبر الجاري.
تضمن البيان كذلك الإشادة بجهود المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة في إطار عملية جدة لتحقيق وقف إطلاق النار في السودان، فضلا عن جهود مصر في رعاية الحوار السياسي السوداني من خلال ملتقى القوى السياسية والمدنية السودانية الذي عقد دورته الأولى في القاهرة في يوليو ٢٠٢٤.
وتؤكد مصر حرصها على المشاركة بفاعلية في كافة الجهود الدولية والإقليمية الرامية لمعاونة ودعم الأشقاء في السودان لاستعادة الأمن والاستقرار في السودان الشقيق، ورسم المستقبل المشرق الذي يستحقه الشعب السوداني العظيم.




