زلزال يهز إسطنبول.. عمدة المدينة خلف القضبان (ما القصة)
في 23 أبريل الماضي، اهتزت مدينة إسطنبول التركية، كبرى مدن البلاد، بزلزال بلغت قوته 6.2 درجات واستمر 13 ثانية مرعبة. دفع الهلع 151 شخصاً للقفز من المباني خوفاً، ما أسفر عن إصابات دون تسجيل أي وفيات، حسبما نشر تقرير BBC اليوم الأربعاء.
لكن، وفي مفارقة لافتة، لم يتمكن عمدة المدينة أكرم إمام أوغلو من التحرك لمساعدة سكانها، إذ كان يقبع في سجن شديد الحراسة بمنطقة سيليفري غرب إسطنبول، بالقرب من مركز الزلزال.
إمام أوغلو، الذي انتُخب لأول مرة عام 2019، يواجه سلسلة من اتهامات الفساد التي يصفها بأنها "عبثية وكافكاوية"، مؤكداً براءته. أما أنصاره فيقولون إن "جريمته الوحيدة" هي كونه أبرز تهديد سياسي للرئيس رجب طيب أردوغان في انتخابات 2028.
ووفق BBC، يقبع إلى جانب إمام أوغلو في السجن مئات آخرون ممن يعتبرهم معارضون للنظام، من قادة حزب الشعب الجمهوري (CHP) والمحامين والطلاب المتظاهرين. ولا يزال السجن يُعرف باسم "سيليفري"، حتى أصبح المثل الشائع في تركيا للتحذير من انتقاد الرئيس: "سيليفري بارد الآن".
منتقدو أردوغان يتهمونه بتحويل تركيا إلى "سلطنة حديثة"، عبر تقييد الحريات وتسييس القضاء. تقول غونول تول، الباحثة في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، إن أردوغان "يخطط لتركيا شبيهة بروسيا حيث لا معنى لصندوق الاقتراع، وحيث يختار خصومه بنفسه."
منذ أكتوبر الماضي، اعتُقل أكثر من 500 شخص على صلة بحزب الشعب الجمهوري. وتتهمهم السلطات بالرشوة والتلاعب بالمناقصات والابتزاز والتعاون مع الإرهاب، بينما يرفض الحزب هذه الاتهامات ويصفها بأنها ذات دوافع سياسية تهدف إلى إسكات المعارضة.
اعتقال إمام أوغلو، الذي كان الحزب قد رشحه رسمياً للانتخابات الرئاسية، فجّر أكبر احتجاجات معارضة منذ أكثر من عقد، شارك فيها بشكل أساسي الشباب الذين لم يعرفوا زعيماً غير أردوغان خلال 22 عاماً في السلطة. أحد المتظاهرين قال: "لقد تجاوزوا حدود العدالة"، فيما اعتبر آخر أن ما يحدث "هجوم مباشر على ديمقراطيتنا".
ورغم حظر التظاهرات، خرجت الحشود إلى الشوارع. وأصبحت صورة لمحتج يرتدي زي الدراويش مع قناع غاز، بينما يُرش بالغاز المسيل للدموع، أيقونة للاحتجاجات وتصدرت الصفحات الأولى عالمياً. بعد ساعات، اعتُقل مصورها ياسين أكغول من وكالة الأنباء الفرنسية، إلى جانب عدد من الصحفيين.
ووفق الشبكة، جرى توقيف نحو 2000 شخص بعد المظاهرات، بينهم أكثر من 800 وُجهت لهم اتهامات بالمشاركة في "تجمعات غير مصرح بها".
الاعتقالات لم تقتصر على المتظاهرين، بل طالت طلاباً مثل إيسيلا أيا (22 عاماً) التي رفعت لافتة وصفت أردوغان بـ"الديكتاتور"، وهي تهمة يعاقب عليها القانون التركي بالسجن حتى أربع سنوات.
وبينما تتصاعد المخاوف من انزلاق تركيا نحو حكم أكثر سلطوية، يتساءل مراقبون عن صمت المجتمع الدولي، مرجحين أن حسابات أنقرة المعقدة في ملفات روسيا وأوكرانيا وسوريا وحلف الناتو تجعل العواصم الغربية مترددة في الدخول في مواجهة مباشرة مع أردوغان، حسبما ذكرت الشبكة.