الجمعة 05 ديسمبر 2025 الموافق 14 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
حازم عادل
تحقيقات وتقارير

في ذكرى ميلاد الملكة التي هزت عرش مصر .. هل كشف التاريخ سر عودة فريدة إلى الملك فاروق بالمنفى؟

الخميس 04/سبتمبر/2025 - 02:24 م
الملك فاروق و الملكة
الملك فاروق و الملكة فريدة

في صباح السابع عشر من نوفمبر 1948، استيقظت القاهرة على وقع خبر زلزل القلوب قبل القصور.. طلاق الملك فاروق من الملكة فريدة، لم تكن المدينة يومها عادية؛ شوارعها امتلأت بجموع غاضبة، من ميدان العتبة إلى جسر قصر النيل، رجال ونساء يهتفون، شبّان يرفعون لافتات، وأطفال يتسابقون في ترديد الشعارات.

الأعلام المصرية ارتفعت فوق الرؤوس، وصور فريدة تزيّن أيادي النساء، بينما باعة الجرائد يلوّحون بالصحف التي تصدّرت أخبار الانفصال الملكي، الملكة التي هزت عرش مصر،  كان الغضب عارما، كأن المدينة كلها ترفض أن تُطلّق ابنتها الملكة،  الغبار امتزج بدخان عربات الترام، والأصوات ارتفعت كأمواج هادرة: "فريدة رمز الطهر.. فريدة ملكة القلوب!"

ولأول مرة في التاريخ، لم تهتف الجماهير ضد الاحتلال أو الظلم السياسي، بل ضد طلاق زوجين. كان الأمر أبعد من قصة عائلية؛ كان انعكاسا لعاطفة شعب، رأى في فريدة رمزًا للنقاء والوطنية، وفي طلاقها جرحًا في وجدان مصر نفسها.

 

لكن قبل أن ينقلب المشهد إلى غضب،  الذي كان أول مسمار في نعش  الملك فاروق، كانت هناك حكاية حب وُلدت وسط الأمل. على متن السفينة الملكية في إحدى الرحلات الأوروبية، لمح فاروق تلك الفتاة النحيلة ذات العينين العسليتين، تتأمل البحر بخجلٍ طفولي. مدّ يده فالتقت يدها، وفي تلك اللحظة اشتعلت شرارة حب ملكي سيغيّر مجرى حياتها إلى الأبد. لم تكن فريدة مجرد عروس عابرة، بل أصبحت رمزًا لقصة عشق التقطها البحر، وحملتها الأقدار إلى قصر العرش.

الزفاف الأسطوري

وجاء الزفاف الأسطوري للملكة التي ولدت في 5 سبتمبر عام 1921، والقاهرة في كامل زينتها؛ الأعلام ترفرف، الأغاني الوطنية تملأ الشوارع، والناس تتابع تفاصيل العرس كما لو كان عرسا للوطن كله، خرجت فريدة من قصر ألفريد شماس بحي مصر الجديدة ، لتدخل التاريخ بزيها الأبيض المهيب، تتأبط ذراع الملك الشاب، وسط دهشة وإعجاب الملايين.

 

مرت السنوات من الزواج بين  صراعات العاطفة وتقلّبات السلطة، حتى جاء يوم الانفصال، لم يحتمل فاروق فكرة أن يراها زوجة لرجل آخر، فطلب من  شيخ الأزهر في ذلك الوقت الشيخ  مصطفى المراغي أن يصدر فتوى تمنعها من الزواج بعد،  لكن الشيخ رفض بصرامة، مؤكدا أن الزواج حق لا يُقيّد بفتوى ولا بقرار ملك، و أن هذه الفتوى مخالفة للشريعة الإسلامية.

 

الحياة بعد الإنفصال

بعد طلاقها عام 1948، ظلّت الملكة فريدة مقيمة في مصر لسنوات طويلة، ثم انتقلت ما بين بيروت وجنيف وباريس، قبل أن تعود إلى القاهرة مطلع الثمانينيات، ورغم انفصالها عن فاروق، فإنها لم تفكّر في الزواج مرة أخرى، بل كانت تردّد دائما أنها اكتفت بشرف أنها كانت "زوجة ملك مصر والسودان".

في تلك الفترة، كانت تسافر بين الحين والآخر لرؤية بناتها اللواتي عشن مع أبيهن في المنفى. هذه الزيارات المتكررة فتحت باب الأسئلة: هل اقتصرت اللقاءات على الأم وبناتها فقط، أم أن هناك لحظات جمعتها بزوجها السابق أيضًا؟ بعض الروايات تلمّح إلى أن العاطفة بينهما لم تُطفأ تمامًا، فيما يرى آخرون أن الطلاق كان قاطعًا وأن ما يُحكى لا يعدو كونه خيالاً شعبيًا.

المؤكد أن فريدة اختارت الصمت، لم تنفِ ولم تؤكد، بل تركت هذا الباب مواربا أمام التاريخ، ، حتى بعد أن طُويت صفحة العرش ونُفي الملك بعيدا، كانت تكتفي بابتسامة غامضة كلما وُجه إليها السؤال، تاركة التاريخ في حيرة، والأجيال من بعدها أمام لغز عاطفي لم يُحسم.. وهكذا يبقى السؤال معلّقًا: هل التقى فاروق وفريدة مجددًا في الخفاء.. أم ظلّ لقاؤهما الأخير هو يوم الطلاق؟