الغرفة 612.. تفاصيل الأيام الأخيرة لـ نجيب محفوظ
في مثل هذا اليوم، من 19 عام، وفي الغرفة التي تحمل الرقم 612 بمستشفى الشرطة بالعجوزة، طوى الزمن آخر صفحات حياة الأديب العالمي نجيب محفوظ، الحائز على جائزة نوبل في الآداب، لتكون هذه المحطة شاهدة على صموده، وهدوئه، وإنسانيته حتى آخر لحظة، عاش محفوظ آخر أيامه بين الأمل والرحيل، وسط اهتمام رسمي وشعبي، ومحبة أصدقائه وقرائه في مصر والعالم.
أبرز ملامح الأيام الأخيرة لنجيب محفوظ
رغم تدهور حالته الصحية في أيامه الأخيرة، عرف محفوظ بانضباطه الشديد في تناول الأدوية ومتابعة نصائح الأطباء.
كان يستيقظ مبكرًا في الخامسة والنصف صباحًا، ويهوى السير من منزله في العجوزة حتى ميدان التحرير، ويجلس في مقهى "على بابا".

تعرض لمحاولة اغتيال عام 1994 أدت إلى إصابة يده اليمنى بشبه شلل، لكنها لم تمنعه من مواصلة الكتابة، حيث لجأ لفترة إلى استخدام الختم بدل التوقيع.
كان منتظمًا في لقاء أصدقائه يوم الأحد في فندق شبرد، ويوم الإثنين في فندق موفنبيك، حريصًا على التواصل مع القراء والكتاب حول العالم.
كان يرد على الرسائل التي تصله شخصيًا، ويهتم بآراء الناس حول كتاباته، بتواضع الكبار وكأنه كاتب في بداياته.
في 16 يوليو 2006 سقط في منزله ونُقل إلى المستشفى، لتبدأ رحلة علاجية طويلة انتهت برحيله في 31 أغسطس من العام نفسه.
تلقى رعاية طبية شاملة، سواء من أطباء المستشفى أو أطباء متخصصين تابعوا حالته عن قرب، بينهم كبار الجراحين.
حتى في مرضه، ظل خفيف الظل، حريصًا على مداعبة المحيطين به، ويطلب منهم أخبار الحياة خارج جدران المستشفى.
تحمل الألم دون شكوى، وكان يردد في أيامه الأخيرة "يا رب، يا رب" بصوت مسموع، مع تدهور التنفس وكثرة الأجهزة الطبية حوله.
اعتبره العالم العربي نسخة لن تتكرر، ورمزًا للإبداع الإنساني، وكانت وفاته حدثًا عالميًا تناقلته الصحافة والمؤسسات الثقافية حول العالم.
حصل محفوظ على نوبل ليس عن عمل واحد مثلما يشاع، بل عن إنجازه الأدبي والإنساني المتكامل، وعن دفاعه الدائم عن القضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
أصدقاؤه المقربون مثل محمد سلماوي جمال الغيطاني ويوسف القعيد ظلوا يزورونه باستمرار حتى وفاته، في مشهد إنساني مؤثر عبّر عن محبة الوسط الثقافي له.
رحل محفوظ وسط حالة من الحزن العميق على المستويين الشعبي والرسمي، بعد رحلة إبداعية امتدت أكثر من سبعين عامًا، تاركًا إرثًا أدبيًا وإنسانيًا خالداً.