الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
مقالات الرأى

الحب والموت فى لندن (7)

الإثنين 01/فبراير/2021 - 09:52 م

جرت وقائع مثيرة خلال الشهرين اللذين قضاهما الزوجان مارجريت وعلي كامل فهمى فى "باريس"، يبدأ نهارهما بصفعات وشتائم متبادلة وينتهى بقبلات حميمة وبهدايا يقدمها كل منهما للآخر.

فقد أهدته دبوسـًا ماسيـًا لرباط الرقبة، وأهداها مجموعة نادرة من أدوات الزينة، كلها من الذهب الخالص المرصع بالماسات الفاخرة.

وكان من فوائد تلك الرحلة بالنسبة لها أنها مكّنتها من أن تخرج من القاهرة بمجموعة مجوهراتها الثمينة؛ إذ لم يكن منطقيـًا أن تظهر "ماجي" في سهرات باريس بصحبة الأمير دون أن تتزين بمجوهرات تتناسب مع ادعاء زوجها أنه أمير شرقي.

وكانت تخرج أحيانـًا إلى الشارع وهي تتزين ببعض هذه المجوهرات في وقت كانت فيه "باريس" تزدحم بعصابات من قطاع الطرق يهاجم أفرادها النساء ليسلبوهن حليهن، وفي ساعة رضا وجد الأمير من المناسب أن يهديها مسدسـًا أتوماتيكيـًا صغيرًا من طراز "برواننج" لتستطيع الدفاع عن نفسها إذا ما تعرضت لأي هجوم من هذا النوع.. وقال لها إنه محشو ومعد للإطلاق، وإن كل ما هو مطلوب منها أن تشد ذراعه ثم تضغط الزناد فينطلق الرصاص. 

حفظت "ماجي" درسه جيدًا، لكنها لم تستخدم هذا المسدس مطلقـًا مع اللصوص، واكتفت باستعماله مرتين ضد زوجها ومعلمها، المرة الأولى أثناء إحدى مشاجراتهما العنيفة عندما هددها بأن يجلدها بسوطه فأشهرته في وجهه، لكنه انتزعه بسهولة من يدها ولوى ذراعها ودفع بها نحو السرير وأطبق بأصابعه على عنقها، فدخلت شقيقتها "إيفون" على صوت استغاثتها فالتقطت المسدس من فوق الأرض وهددته به حتى أفلت عنقها من بين أصابعه، وغادر الغرفة يتوعدها بالانتقام ويقسم بأنه سيكلف "كوستا" بأن يلقي على وجهها رملًا مبللًا بحامض الكبريتيك المُركز -ماء نار- لكي يشوه جمالها الذي تتفاخر به.

وكانت المرة الثانية حينما أطلقت منه ثلاث طلقات قاتلة في عنقه!

ومن الأمور التي أدت إلى هذه المأساة التي انتهت بقتل "علي كامل فهمي" وهو لم يُتم الثالثة والعشرين بعد، كما وردت في التحقيقات: أنه دعا رفاق الرحلة للسهر في ملهى "بوبيت"، وما إن تحركت بهم السيارات حتى أخذت "ماجي" تنفخ ساخطة؛ لأن شقيقتيه اعتذرتا عن مصاحبة زوجيهما إلى الملهى، كما اعترضت على دعوتها هي وشقيقتها "إيفون مع فريق من الرجال في ملهى لا يرتاده إلا الفاسقون منهم، وكأنهما امرأتان بلا حياء".

وكان اعتراضها أيضـًا على اصطحاب أختها "إيفون" بدعوى صغر سنها (كانت إيفون في سن الثامنة والعشرين آنذاك!) والحقيقة أنها كانت تغار منها وتشك أن بينها وبين زوجها علاقة في السر، ولم يُجد هذا الاعتراض لأن إيفون كانت قد سبقتهما في سيارة أخرى إلى الملهى، ونشبت مشادة كبيرة بينهما وتبادلا الشتائم القذرة، مما جعله يصدر أوامره للسائق بإيقاف السيارة، وأمرها بمغادرتها إلى الفندق، وغاب عنه أن الحارسين اللذين يمكن الاعتماد عليهما للتأكد من عودتها إلى الفندق كانا أيضًا قد سبقاهما في سيارة أخرى إلى الملهى. وعندما عاد إلى الفندق بعد منتصف الليل اكتشف أن المحظور قد وقع: ردت له النمرة الفرنسية اللطمة بأشد منها، فلم تعد إلى الفندق، وأمضت سهرتها في مكان مجهول.

أما هو فظل ينتظرها كالأسد الحبيس إلى أن عادت في الثانية صباحـًا.

لم يصدق "علي كامل" زعمها بأنها أمضت شطرًا من الليل تتجول في معارض الملابس، ثم قضت سهرتها برفقة بعض صديقاتها في أحد الملاهي، ولم يهتم بفحص الفاتورة التي قدمتها إليه لتدلل بها على أنها اشترت فساتين يبلغ ثمنها 18 ألف فرنك؛ إذ تلبّسه شكٌ بلغ حد اليقين بأنها اشترت الملابس على سبيل التعمية، وبأنها قضت السهرة في منزل أحد عشاقها انتقامـًا منه لإصراره على اصطحاب شقيقتها وغريمتها المتخيلة "إيفون" إلى ملهى "بوبيت".

وتواصل الاشتباك بعدوانية أكثر وبأفحش الأوصاف وأكثرها إيلامـًا، وبعد ساعتين من المصارعة اللفظية التي أجهدتهما تمامـًا فصمتا، حاولت "ماجي" تغيير الموضوع وطلبت منه دفع قيمة فاتورتها، لكنه بهدوء قاتل طلب منها أن ترسلها إلى الرجل الذي أمضت الليلة في فراشه ليسدد قيمتها، فردت ساخرة: "ولكنه رجل فقير". فقال: "سوف أسمح لك في الليلة المقبلة بأن تخرجي إلى الشارع، لعل الحظ يحالفك فتصطادين رجلًا ثريـًا تنامين معه ويدفع نفقاتك!".

على هذا النحو المبتذل مضت المناقشة بينهما، إلى أن انتهت بإعلان "علي كامل فهمي" بأنه لا يحبها ولا يغار عليها ولا يعنيه في شيء ما تفعله، وبأنه ليس ملزمـًا بالإنفاق عليها.. ولن يتخذ أي إجراءات قانونية -بصفته زوجها- لاتهامها بالزنا، إذا ما وجدت عشيقـًا يحمل عنه عبء نفقاتها، وعندما تحدته أن يكون جادًا فيما يقول، أبدى استعداده بأن يوقع لها على وثيقة بهذا المعنى، ولما كان لا يتقن الكتابة بالفرنسية فقد أملاها إقرارًا بذلك يقول فيه: (أقر أنا الموقع على هذا أدناه "علي كامل فهمي" بأني تزوجت زوجتي "ماري-مارجريت ميلر" وأنا أعلم أنها مومس، وبأنني امتنعت عن الإنفاق عليها، وليس من حقي أن أعترض أو أن أتخذ أي إجراءات قانونية ضدها إذا ما اتخذت عشيقـًا أو عشاقـًا ينفقون عليها). ثم وقّع عليه بالعربية والفرنسية! 

ومع أن هذه المشاحنة بينهما قد انتهت بالصلح كالعادة، فقد احتفظت "ماجي" بهذه الوثيقة التي أثبتت -فيما بعد- أنها ذات فائدة قصوى!