السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
حازم عادل
مقالات الرأى

حفل زفاف (2)

الإثنين 01/فبراير/2021 - 08:34 م

الجمعة 11 أغسطس 2017 
الساعة 7.00 
شارع حسن المأمون مدينة نصر، عمارة 18 الدور الخامس شقة 8، تجلس دينا فى صالون المنزل بفستانها الأزرق الأنيق فى انتظار وصوله.
- "آلو.. أنت فين؟".
- "طب يالّا أنا جاهزة أصلا".

الساعة 7:15
"اتأخر قوى، قال لى ربع ساعة وهكون عندك، على طول بيتأخر، هو أصلا ما كانش عاوز ييجي الفرح"، هكذا قالت دينا لنفسها فى غيظ عظيم من موقف زوجها، تحاول أن تتغلب على ملل الانتظار بالحركة فى البيت، تقع عينها على صورة قديمة لهما معلقة وسط الصالون، كانت فى برلين منذ ثلاثة أعوام، تبتسم للصورة التى أعادت إلى ذهنها تلك الفترة من عمر زواجهما، كانوا فى شهر العسل وقتها، تقول لنفسها: "تغيرت كثيرا يا جمال، لماذا أصبحت عصبيا هكذا؟ دائم الشكوى منى ومن تصرفاتى، ما زلت أتذكر ابتسامتك التى لم تكن تفارقك أيام الجامعة، لماذا الآن لا أراها إلا نادرا! أشتاق إليك كثيرا، لكننى لا أظهر هذا بسبب أسلوبك وطريقتك التى تغيرت، كنت دائما تجلب لى الورود وتقبّل جبينى وأنت تعطيها لى، الآن تجلب لى العروض من كارفور فقط.

أحببته قبل أن يحبنى بعام كامل، كان يعتبرنى صديقته المقربة ولكننى اعتبرته حبيبى منذ اللحظة الأولى، أعتقد أن أنغام عندما قالت "مشكلتى إنك حاجة أكبر من حبيبى لكن بحس إن انت بس يادوب حاببنى" كانت تعبر عنى فى علاقتى به، أنظر له وهو يبتسم دون أن يلاحظ، أنظر إليه حتى وهو نائم، أتأمله وأتأمل قسمات وجهه، كان يريد تأجيل فكرة الإنجاب، لكنني كنت أريد طفلا يشبهه، ومن هنا بدأت أولى المشاكل، لم أتغير يا جمال فأنا ما زلت دينا التي تعشق السفر والموسيقى، لكنني أعشقك أنت أكثر ولهذا كنت أريد نطفة منك في أحشائي تكبر يومًا بعد يوم واشعر بجزء منك يعيش بداخلي، أحب ابنتي رضوى ليس فقط لأنها ابنتي، ولكن أيضا لأنك والدها.

كنت أغير عليه كثيرًا من زميلات الدراسة والآن أغير عليه- كثيرا أيضا- من زميلاته في العمل، أراقب صفحته على الفيسبوك دون علمه وأشاهد تعليقاته وأبدو أمامه غير مهتمة على الرغم من الحرب العالمية الثالثة التي اشتعلت بداخلى.

أعلم أنه لا يحب حضور المناسبات العائلية، لكن هل نفعل دائما ما نحبه؟ هناك أشياء نفعلها من أجل الشكل الاجتماعي، هو لا يفهم ذلك، يتهمني أنني تعمدت إحراجه، صراحة أنا تعمدت فعلا توريطه، لكننى أحب حضور هذه المناسبات معه، أحب التواجد معه أمام الجميع، ولكن كان علي أن احترم رغبته أيضا، كنت عنيدة بعض الشيء عندما صممت على حضوره، وافق على الحضور على مضض، لكنه وافق في النهاية وهذا يحسب له، كان من الممكن أن يرفض تماما توريطي له، أخشى أن أظهر مشاعري التي على حالها منذ أول يوم لمحته عيني فيه بسبب رد فعله، أخشى أن يواجهها بطريقة تبعدنا أكثر مما نحن عليه، لكنني على أي حال سأحاول".

قطعت حديثها مع نفسها وقررت الاتصال بمحل ورود ملاصق للبيت وطلب باقة ورود مع كارت باسم زوجها.

بعد ربع ساعة وصل الورد لمنزل دينا التي أخذته ثم نظرت لهيئتها في المرآه نظرة أخيرة ليقاطعها صوت تليفونها لتجيب عليه: "آلو، نازلة حالا".

فتحت دينا بوابةالعمارة وفي يدها باقة الورود لتفاجأ بجمال يعطيها باقة ورود البنفسج ويقبّل جبينها ويقول: "أنا كنت سخيف إمبارح ما تزعليش"، وقبل أن ينطلقا إلى حفل الزفاف قدمت له باقة الورود وهي تقول: "بحبك اكتر من الأول".